لو لم يخرج مؤتمر العالم الإسلامي الـ 13 في إسطنبول بتركيا سوى بتعرية المزاج السياسي لإيران لكان ذاك كافياً ومناسباً
لو لم يخرج مؤتمر العالم الإسلامي الـ 13 في إسطنبول بتركيا سوى بتعرية المزاج السياسي لإيران لكان ذاك كافياً ومناسباً، وخير دليل على أن إيران تحاول التعامي عن كل أدوارها، والمضي في مشاريعها الاستفزازية والنظر إلى من يحيط بها بنصف عين.
ظنت إيران أن مثل هذه المسرحيات التي مارستها بقوة منذ نهاية الربع الأول من العام 2003 وسقوط بغداد ستكون مسرحيات صالحة للتكرار، مع تغيير طفيف في الوجوه وعبارات الحديث، ونسيت أن الأحداث تختلف وتتفاقم بالطبع وتتورم معها الحقائق، لتتأمل قليلاً بعض الدول في طريقة تعاطيها مع من حولها، ومن ثم تعيد حساباتها بما يتلاءم مع المرحلة، وتقص أي أظافر تتطاول على وجه لا يعنيها البتة، وكانت ترى أن خلافها مع قطر إسلامي أو آخر يعتبر مجرد سحابة صيف وتعبر، لا سيما أنها اعتادت على أن تقول وتصرف من دكاكين التقية في الصباح، ثم ترسم العبث والخبث في حكاياتها السرية في المساء.
الصمت الإسلامي انتهت مدته وصلاحيته أيضاً، فالأخطار التي تحيط بهذا العالم لا تحتمل، ولن يتصدى لها المعنيون على انفراد، بل هم في أمسّ الحاجة إلى وحدة كلمة وتنظيم قوة وتـــلاقٍ على أية طاولة نقــاش.
بالعزم وحده يمكن أن يكون العالم الإســـلامي على بُعد مرمى من كثير من الأمنيات والعيش بسلام وأمان. إيران لم تنصت جيداً لكل الجمل التي مرت بأذنها طوال الأشهر الماضية، كانت تمارس الصمم وهي تدعيه بأن كانت الجمل تكشف عن سوءتها وعوراتها المتتالية، وحين تصبح في مواجهة لا تحسد عليها فهي سيدة الهرب والتلوّن، كما هي عميدة التحريض والتأزيم والتدخل في شؤون الآخرين.
العالم الإسلامي قال بصراحة إنه لم يعد راغباً في إيران صديقة ولا شقيقة. هذه الجمهورية التي تستخدم ارتباطها بالإسلام، باعتباره خط تقية رئيساً، لتصرخ به على هواها ومع كامل انحرافاتها عن الإسلام الحقيقي، هي الجارة بقوة الجغرافيا، وهاوية الضجيج بتأكيد التاريخ، ومع حفظ حق الجوار وتحمّل الضجيج المقدور عليه إلا إن للحق والتحمل حدوداً لا يمكن القفز من عليها ولا ركنها لأي سبب كان.
إيران سمعت صوت العالم الإسلامي، وإن هربت لحظة البوح بعد صبر طويل وصمت حارق. صحيح أنها لم تكن تتوقع أن تسمع هذا الصوت الجماعي المتفق على سوئها وخطرها، وأنها باتت مثل الشوكة في حلق هذا العالم، وقد يكون لهذا الصوت المشير بأصابع اليدين - نحو ضرورة تحجيم هذا الانتفاخ الطائفي - دور في أن يتشنج مساعد وزير خارجيتها للشؤون القانونية والدولية عباس عراقجي، ويهدد بأن تندم المنظمة على مواقفها ضد إيران وولدها «حزب الله»، ولكن الأهم والسطر البارز والصاعق أن نرى موقفاً إسلامياً صارماً تجاه إيران، ينطلق بالتوازي وبالتزامن من موقف الرياض بالضبط، فالعلاقة مع إيران يجب أن تكون بيضاء أو سوداء، ولا حاجة إلى وساطة في هذا الإطار إطلاقاً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة