قوى سياسية فلسطينية استنكرت تصريحات جون كيري التي وصف فيها عمليات المقاومة الفلسطينية بأنها "هجمات إرهابية".
استنكرت قوى وشخصيات سياسية فلسطينية وصف وزير الخارجية الامريكية جون كيري، عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي بأنها "هجمات إرهابية يجب أن تدان"، واعتبروها غطاءً لقرارات الحكومة الاسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وقال كيري خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة القدس المحتلة، صباح اليوم (الثلاثاء)، إن "الأعمال الإرهابية الجارية تستحق الإدانة التي تلقاها، واليوم أعبّر عن إدانتي الكاملة لأي عمل إرهابي يودي بأرواح أبرياء ويعطل الحياة اليومية".
واعتبر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، تصريحات كيري، بمثابة ضوء أخضر لمزيد من العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن التبرير الأمريكي للجرائم الإسرائيلية يثبت مجددًا مدى السقوط السياسي والأخلاقي والإنساني للإدارة الأمريكية إزاء تعاملها مع القضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية المشروعة.
ودعا بحر، في بيان تلقّت "العين" نسخة منه، السلطة الفلسطينية إلى إعادة النظر في علاقتها مع الإدارة الأمريكية، والضغط عليها لاتخاذ موقف سياسي متوازن إزاء الصراع مع الاحتلال والموقف من حقوق الشعب الفلسطيني ومقاومته.
تبنّي الرواية الإسرائيلية
وشدد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قيس عبد الكريم، على أن تصريحات كيري تعبر عن حقيقة الانحياز الأمريكي الكامل إلى الرواية الإسرائيلية، وتجاهل الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني يوميًّا.
وأضاف عبد الكريم: "الوزير الأمريكي تجاهل بشكل واضح عمليات الإعدام الميداني الوحشية والقتل بدم بارد للأطفال والنساء، إضافة إلى عمليات التخريب والتنكيل التي تمارَس بشكل ممنهج بحق أبناء شعبنا من قبل جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين".
وأكد أن "الإدارة الأمريكية تتجاهل السبب الرئيس وراء استمرار التوتر الحالي في المنطقة بأكملها والناجم عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية والتهويد المحموم لمدينة القدس بما في ذلك تدنيس المسجد الأقصى.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية تسعيان لوقف الانتفاضة الجماهيرية من خلال الحديث عن إجراءات قاصرة، وأوضح أن استمرار الرهان على الدور الأمريكي في فك الاستعصاء الحاصل في العملية السياسية، هو شكل من أشكال إضاعة الوقت والمراهنة على سراب.
سوء نيات
بدورها استنكرت حركة حماس، تصريحات كيري، ووصف المتحدث باسمها سامي أبو زهري، التصريحات بأنها دليل على سوء النيات الأمريكية ودعمها المطلق للإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وقالت "حماس" في بيان تلقت "العين" نسخة منه، إن زيارة كيري غير مرحَّب بها، داعيًا السلطة الفلسطينية إلى "رفض هذه الزيارة لأنها تمثل إساءة لدماء الشهداء واستفزازًا لمشاعر شعبنا".
كان وزير الخارجية الأمريكية قد وصل إلى المنطقة، اليوم، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، قبل لقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في محاولة أمريكية جديدة لاحتواء الأوضاع المتفجرة في الشارع الفلسطيني منذ نحو شهرين، جراء ممارسات إسرائيل العدوانية.
واستنكرت حركة الجهاد الإسلامي تصريحات كيري، وعدّتها تواطؤًا مع الاحتلال في محاولات "لإجهاض الانتفاضة وتمرير مخطط الاستيلاء على أرضنا ومقدساتنا".
وأكدت أن عملية الدهس البطولية التي وقعت صباح اليوم على حاجز زعترة قرب نابلس شمال الضفة الغربية، جاءت لتردّ باسم الشعب الفلسطيني كله على وزير الخارجية الأمريكي.
وحذّرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من التعاطي مع كيري في زيارته للمنطقة، والهادفة للضغط على الجانب الفلسطيني لوقف الانتفاضة والعودة مرة أخرى إلى دوامة المفاوضات العبثية والضارة، والتعاطي مع القضايا الأمنية التي يسعى الاحتلال لتكريسها من أجل الخروج من المستنقع الذي أوقعته الانتفاضة به.
ورأت الجبهة في بيان تلقت "العين" نسخة منه، أن "الإدارة الأمريكية طرف منحاز بالكامل مع الاحتلال، بل وشريك دائمًا معه في جرائمه المتواصلة ضد شعبنا الفلسطيني"، مشيرة إلى أن مثل هذه الزيارات لا تجلب للفلسطينيين إلا الكوارث والخراب ومزيدا من الإجرام الإسرائيلي.
ضوء أخضر
واعتبر الفلسطينيون أن تصريحات كيري، شكلت غطاءً سياسيًّا للتوجهات الإسرائيلية العدوانية التي أقرتها حكومة نتنياهو الليلة الماضية، في محاولة منها لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية المتنامية.
وكشف اليوم النقاب عن خطة إسرائيلية من 6 نقاط تبلورت عقب اجتماع المجلس الأمني السياسي الإسرائيلي المصغر الليلة الماضية، لوضع تدابير جديدة لمنع عمليات المقاومة. يقف على رأسها، تكثيف عمليات الاعتقال لنشطاء حركة حماس بالضفة، وإبعاد قيادات لقطاع غزة، ومنع دخول العمال الفلسطينيين لمستوطنة "غوش عتصيون"، ومنع دخول الفلسطينيين لمتجر "رامي ليفي"، وسحب التصاريح من عائلات منفّذي العمليات وتصنيفهم كمرفوضين أمنيين، إضافة إلى شن عملية أمنية ضد العمال الفلسطينيين في إسرائيل الذين يعملون بلا تصاريح وإعادتهم إلى الضفة.
وزارة الخارجية الفلسطينية أدانت بشدة، تبنّي حكومة نتنياهو حزمة إجراءات قمعية جديدة ضد الشعب الفلسطيني، ومنح قوات الاحتلال من الصلاحيات في الإمعان بانتهاكاتها وجرائمها في مجمل الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقالت الوزارة في بيان صحفي، إن استمرار الحكومة الإسرائيلية في إجراءاتها التصعيدية وانتهاكاتها وجرائمها يعكس حقيقة هيمنة العقلية الأمنية والتطرف العنيف على سياساتها وقرارتها، وارتهانها للقواعد الاستيطانية المتطرفة التي تشكل حاضنتها الشعبية، في محاولة إضافية منها لتمرير حل نهائي تفرضه بقوة الاحتلال على الشعب الفلسطيني وقيادته، وإفشال أي جهد دولي يرمي إلى إحياء المفاوضات وعملية السلام.
وأكدت الوزارة أن الحلول الأمنية التي تعتمدها حكومة نتنياهو تنتهك القواعد والمبادئ التي يستند إليها القانون الدولي، ولن تجدي نفعًا مع شعب يناضل من أجل حريته وكرامته وسيادته واستقلاله من الاحتلال.
وقالت إن ما يضمن السلام والأمن للطرفين هو الحل التفاوضي العادل للصراع، الذي يُنهي الاحتلال، ويكفل الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
من جانبه، أكد النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، أن قرارات المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "وُلدت ميتة ولا قيمة لها".
الانتفاضة متصاعدة
وأشار النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، إلى أن حكومة الاحتلال فشلت فشلًا ذريعًا في مواجهة انتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، مؤكدًا أن قرارات الكابنيت (المجلس الوزاري المصغر) الأخيرة تعبر عن مدى الإفلاس والانهزام والانهيار الداخلي الإسرائيلي على مختلف المستويات.
وشدد المسؤول الفلسطيني، على أن انتفاضة القدس مستمرة وماضية في طريقها بكل ثقة وعنفوان وإباء واقتدار، مؤكدًا أن الاحتلال سوف يدفع ثمن جرائمه بحق الفلسطينيين.
واعتبر عضو الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطيني النائب مصطفى البرغوثي الأمين، أن إطلاق نتنياهو يد جيشه في كل أنحاء الأراضي المحتلة بما في ذلك دخول جميع القرى والبلدات الفلسطينية وبيوتها وإعلان يعالون عن حملة اعتقالات سياسية واسعة يعني أن إسرائيل قد شرعت وبدأت في عملية اجتياحات شاملة لكل أرجاء الضفة الغربية وأنها جردت السلطة الفلسطينية من أي سيطرة أمنية في أي مكان.
وأضاف البرغوثي أن نتنياهو وحكومته العنصرية قد أطلق العنان لجيشه ومستوطنيه لاغتيال وقتل الفلسطينيين بما في ذلك الأطفال في كل مكان ودون الحاجة إلى أي تبرير، كما أن كل فلسطيني يصبح هدفًا للاعتقال دون أي سبب سوى أنه فلسطيني.
ولفت المسؤول الفلسطيني، إلى أن نظام التمييز العنصري والأبارتهايد الإسرائيلي قد وصل ذروة غير مسبوقة في التاريخ البشري باستباحة شعب بكامله وتجريده من كل حقوقه الإنسانية.
ولا يرى مأمون أبو عامر، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، جديدًا في تصريحات وزير الخارجية الأمريكية تجاه عمليات المقاومة الفلسطينية، إذ يقول: "هو يعبّر عن الموقف الاستراتيجي الأمريكي من العلاقة مع إسرائيل".
ويشير أبو عامر لـ"بوابة العين" إلى أن الموقف الأمريكي المعادي لتطلعات العرب والفلسطينيين ليس جديدًا "هذه مواقف أمريكية عمرها من عمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".
ويرى أن تغيير الموقف الغربي عموما والأمريكي خصوصًا من القضية الفلسطينية "يحتاج إلى جهود عربية فلسطينية مكثفة تعمل على تغيير قناعات المؤسسات الفاعلة في المجتمعات الغربية"، وغير ذلك تبقى الضغوط على الإدارات الحاكمة ضعيفة التأثير.
aXA6IDMuMTQxLjMyLjUzIA== جزيرة ام اند امز