عودة الروح إلى أخر "باي عثماني" في الجزائر
وزارة الثقافة الجزائرية تنتج فيلمًا يخرجه التونسي شوقي الماجري، حول بطولات آخر بايات الجزائر إبان العهد العثماني
بعد نحو 166 عامًا على وفاة "أحمد باي"، حاكم منطقة قسنطينة الجزائرية في العهد العثماني، بدأت وزارة الثقافة الجزائرية حاليًا محاولة لإعادة الروح إلى سيرته، من خلال إنتاج فيلم يحمل اسمه، ويوثق سيرة أحمد بن محمد الشريف بن أحمد القلي المولود عام 1786 ميلادية.
كان والده خليفة لإحدى المناطق في قسنطينة خلال عهد الباي حسن، إبان الحكم العثماني، أما جده فهو أحمد القلي الذي حكم "بايلك الشرق" قسنطينة لمدة 16 عامًا، ووالدته الحاجّة الشريفة جزائرية الأصل، من عائلة "ابن قانة" أحد أكبر مشايخ عرب صحراء الجزائر مالًا وجاهًا.
يقول البعض، إنه تركي الأصل، وترجح أبحاث أنه من "الكراغلة" لكن ذلك غير أكيد، وقد نشأ البطل الحقيقي للفيلم يتيمًا بعد مقتل والده، فكان لزامًا على والدته الفرار به في ظروف قاسية من قسنطينة إلى الصحراء، خوفًا من الدسائس وخشية أن يلقى مصير والده الذي قضى خنقًا في ظروف غامضة.
الفيلم الذي تنتجه وزارة الثقافة الجزائرية، وسيخرجه المخرج التونسي شوقي الماجري، يلقي الضوء على حادثة الاغتيال وطفولة الطفل أحمد في الصحراء، كما لا يغفل السيناريو، الصراع الداخلي لدى أحمد باي بين كونه من أب تركي وأم جزائرية.
وأوكلت الوزارة مهمة كتابة نص السيناريو للكاتب والباحث رابح الظريف، الذي اجتهد في رصد بطولات هذا القائد، ومواقفه وأهم محطات حياته، في نحو ساعتين ونصف الساعة من الزمن.
يوثق الفيلم التاريخي بطولات المقاومة التي قادها أحمد باي ضد الاحتلال الفرنسي، ويكشف مؤامرات الاغتيال والخيانة، وتتنوع مناطق التصوير في ولايات بسكرة، والبليدة، والعاصمة، وعنابة، وقسنطينة.
نشأ أحمد باي في رعاية أخواله في صحراء الزيبان، فتعلم أصول الفروسية وفنون القتال حتى اكتسب مهارات الفارس المقدام، وحفظ القرآن الكريم واكتسب لسانه فصاحة اللغة، وزاد حبه للدين الإسلامي، وهو ما بدا واضحًا فيما نسب إليه من كتابات وقصائد شعرية، خاصة بعد أداء فريضة الحج فأصبح يلقب بالحاج أحمد.
عاد من الحج وانتقل إلى مصر حيث صقلت شخصيته أكثر باكتساب العلوم والمعارف بما كان له الأثر البارز في صناعة مواقفه لاحقًا، ويأتي الفيلم السينمائي الضخم ليصور مشاهد من ملاحم آخر بايات الجزائر إبان الحكم العثماني.
ويتطرق الفيلم إلى توزيع المناصب وفق حسابات القرابة والمحسوبية والمحاباة بعيدًا عن معايير الكفاءة، وهي آفة تعدها الدكتورة بوزيفي وهيبة الباحثة والمحاضرة في كلية الإعلام بجامعة الجزائر، ضمن أخطاء أحمد باي التي أدت إضافة إلى أسباب أخرى إلى فشل مقاومته ضد الفرنسيين، وتسرد الباحثة أمثلة على ذلك، ومنها أن أحمد باي، انتزع مشيخة عرب الزيبان من فرحات بن سعيد، وأسندها إلى خاله بوعزيز بن قانة الذي أصبح فيما بعد من كبار عملاء فرنسا التي عينته شيخ العرب .
ويعترف أحمد باي في مذكراته بأخطائه تلك، خاصة ما تعلق منها بخيانة خاله، فيقول: "انضممت إلى رأي بوعزيز ولو أن الله هداني في ذلك الوقت، لفهمت أنه يريد جلبي إلى الصحراء ليأخذ أموالي عن آخرها.. وأكرر قد اتبعت رأي بوعزيز وكان ذلك مصابي الأعظم ."
شنت فرنسا حملات فاشلة لغزو قسنطينة، وسعت إلى التفاوض معه وتأمين استسلامه لكنها فشلت في إقناعه، وتوالى عزل جنرالاتها الفاشلين مثل كلوزال، والدوق دي روفيغو، ومصرع آخرين مثل الجنرال دامريمون الذي قتل في غزوة من الغزوات.
لكن الغزاة نجحوا في احتلال قسنطينة في 13 أكتوبر 1837 وبعدها سكيكدة وعنابة ثم جيجيل، وينتهي الفيلم بحادثة وفاة الحاج أحمد باي، في سجون الاحتلال الفرنسي، بعد أن حوصر في أحد حصونه بين مدينتي بسكرة والأوراس، وبقي تحت الإقامة الجبرية إلى أن قتل مسمومًا عام 1851.
aXA6IDMuMTI5LjIxMS4xNTYg
جزيرة ام اند امز