"13 ساعة".. "هوليوود" تخلد الوجود الأمريكي في ليبيا
"13 ساعة: جنود بنغازي السريين"، من أندر الأفلام التي تعالج الوجود الأمريكي في ليبيا من بعد سقوط معمر القذافي
يعد فيلم "13 ساعة: جنود بنغازي السريين"، من أندر الأفلام التي تعالج الوجود الأمريكي في ليبيا من بعد سقوط معمر القذافي. ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تعرضت لكارثة تمثلت في قتل سفيرها بليبيا من قبل جماعات مسلحة، وهي الحادثة التي صدمت الرأي العام الأمريكي، وألقت بظلالها حتى على الانتخابات الأمريكية، حيث يعتبر البعض أن تلك الحادثة سبب من أسباب سقوط هيلاري كلينتون أمام الرئيس الفائز دونالد ترامب، لكون هلاري كلينتون كانت وزيرة الخارجية في ذلك الوقت.
وأمام تلك الحادثة التي هزت صورة أمريكا كدولة ذات قوة منقطعة النظير، مهيمنة على العالم جاء دور السينما وهوليوود بالتحديد لمسح هذا العار بتقديم بطولات للجنود الأمريكيين في بنغازي أمام الجماعات المسلحة، مثلما فعل فيلم "سقوط الصقر الأسود 2001"، من إخراج ريدلي سكوت، عن مجزرة الجنود الأمريكان في الصومال.
وتمت الاستعانة برواية "ميتشل زوكوف"، التي قيل إنها توصف الأحداث الحقيقية التي تمت أثناء مقتل السفير الأمريكي بليبيا، وقد قام بإخراج الفيلم مخرج متخصص في تلك النوعية من سينما الحركة والمعارك والحروب، ميشيل باي، إنه المخرج الذي تمتلئ جعبته بالعديد من الأفلام التجارية الناجحة، "الصخرة"، و"بيرل هاربور"، و"المتحولون"، و"أرماجيدون"، وأفلام "Bad Boys".
الفيلم يحكي عن مجموعة الجنود السابقين، خبراء المهام الخاصة، تم استدعاؤهم لحماية قاعدة سرية لجمع المعلومات في ليبيا، لا نعرف لماذا هناك قاعدة سرية لجمع المعلومات في ليبيا، والفيلم لا يقول لنا بوضوح، وإذا كان المبرر: أن أمريكا دولة كبرى، فهل كانت هناك قواعد فرنسية، وروسية، وبريطانية؟ وإذا كانوا متواجدين بالفعل، فلماذا لم يتم الهجوم عليهم بدورهم.
المهم، يتم الهجوم على السفير الأمريكي، وطبعاً دون توضيح عن السبب، وإن كان الفيلم ينتقده في كونه غير حذر ويتعامل كنجم سينما في تنقلاته واستدعائه للصحفيين ليلقي بتصريحات أمام كاميراتهم. ويلي ذلك الهجوم على بيت السفير، الهجوم على قاعدة جمع المعلومات التابعة للمخابرات المركزية.
يوضح الفيلم كيف أن ليبيا ما بعد القذافي أصبحت مرتعاً للفوضى والتدخلات من كل الدول ومن كل الجماعات، دون الإشارة إلى من هو وراء كل فصيل.
وكالعادة قدم الفيلم فاصلاً من دغدغة المشاعر يبين اتصال كل جندي من القوات الخاصة مع أسرته، ومشاهدة اطفاله والتحدث معهم، لترسيخ الصور التقليدية للمجتمع الأمريكي حول قدسية الأسرة، فبشكل عام يقدم لنا خلط روح الوطنية مع تقديس الأسرة خليطاً شديد التأثير على المُشاهد الأمريكي.
كان الهدف من ذلك هو تقديم صورة للجندي الأمريكي على أنه تتنازعه علاقة متناقضة بين عائلتين، إحداهما هي أسرته الفعلية (الزوجة والأولاد)، والثانية هي علاقته بالجيش ومهامه القتالية، التي هي بمثابة أسرته الثانية، ويحسم الفيلم هذا التناقض لصالح للجيش بالطبع. كل ذلك مع خليط من مشاهد جبن الليبيين من حراس مركز السي آي إيه، وهروبهم عند سماع أي صوت لطلقات الرصاص، وإصرار مهاجمي مركز السي آي إيه من الفصائل الليبية على الهجوم، وسقوطهم كالذباب أمام المدافعين عن المركز من جنود الوحدة الخاصة، وكأننا أمام أحد أفلام الويسترن الشهيرة، حيث تتوالى هجمات الهنود الحمر على إحدى محميات الجيش الأمريكي المعزولة في الصحراء (ألمو 1960 من إخراج جون وين على سبيل المثال) ولم نعرف لماذا يهاجم فصيل من الليبيين الأمريكان، ولماذا يدعمهم فصيل آخر.
الفيلم ينجح في تصوير المعارك كلعبة من ألعاب الفيديو، مثال لعبة Call of duty، حيث ليس عليك سوى إطلاق النار من مقود اللعبة، فيتساقط الضحايا أمامك دون عناء، كما أنه يربط بين الهجوم على قاعدة السي آي إيه في بنغازي الليبية، وبين الذكرى الحادية عشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث جعل نشرات الأخبار تذيع المظاهرات أمام السفارة الأمريكية في مصر، إبان أزمة الفيلم المسيء للإسلام، وذكرى الحادي عشر من سبتمبر، ومن ثم الربط بين هجوم على قاعدة بنغازي وحالة العداء المستمرة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
قد نعتبر أن الفيلم قد قدم مشاهد قتالية ناجحة بعض الشيء، لمن يحب تلك النوعية من الأفلام، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً في إدارة المشاهد التي لا تحتوي على مشاهد قتالية، حيث جاءت مليئة بحشو ممل من اتصالات الجنود بأسرهم، وفترات راحتهم التي يمارسون فيها ألعاب الفيديو والتمرينات الرياضية، وسرد فقرات من كتب قرأوها، حاول الفيلم عبرها إضافة قدر من العمق لأحداثه.