وديعة الإمارات توقف نزيف الجنيه المصري
أكد خبراء اقتصاد ومصرفيون أن الدعم الإماراتي لمصر جاء في وقت بالغ الأهمية لدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي
استجاب سعر الدولار في السوق السوداء بمصر سريعًا لحزمة الدعم الإماراتي التي أعلن عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقيمة 4 مليارات دولار في ختام زيارته لمصر أمس الأول الجمعة.
وتتوزع قيمة الدعم الإماراتي بين مليار دولار وديعة في البنك المركزي لتعزيز احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي الذي يواجه نقصًا حادًا، وملياري دولار أخرى تتوجه نحو الاستثمار في المجالات التنموية.
وقد لاقى هذا الدعم صدى واسعًا بين تجار العملة الصعبة في مصر، إذ انخفض سعر الدولار بالسوق السوداء جنيها واحدا دفعةً كاملة خلال تعاملات اليوم وأمس، إذ سجل 10.5 جنيه مقابل 11.5 جنيه نهاية الأسبوع الماضي، الأمر الذي يكشف أهمية هذا الدعم في هذا التوقيت الحرج.
ونظريًا يرتفع صافي احتياطي البلاد من النقد الأجنبي بعد الوديعة الإماراتية إلى 18.560 ملياردولار، إذ إن البنك المركزي كان قد أعلن مؤخرًا أن الاحتياطي سجل بنهاية مارس/آذار الماضي نحو 16.560 مليار دولار.
وتكمن أهمية هذا الدعم، في ترقب المتعاملين في السوق السوداء حدوث نقص في الاحتياطي النقدي الأجنبي بمجرد سداد البنك المركزي التزامات بقيمة 1.8 مليار دولار، تشمل مليار دولار تمثل آخر جانب من وديعة قطرية استقبلتها مصر بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، و800 مليون دولار مديونية لصالح نادي باريس.
ونادى باريس هو تجمع عالمي يضم 19 دولة من الاقتصاديات الكبرى، ويهدف إلى إيجاد حلول للصعوبات الاقتصادية التى تواجهها الدول المدينة فى سداد ديونها.
ولا تعد هذه الوديعة الأولى التي تقدمها الإمارات لمصر، إذ سبق أن قدم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حزمة دعم لمصر بقيمة 4 مليارات دولار في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي خلال مارس/آذار 2015 تتضمن مليار دولار وديعة وملياري دولار استثمارات.
من جانبها، قالت بسنت فهمي أستاذ الاقتصاد بالجامعة الفرنسية، عضو مجلس النواب إن الدعم الإماراتي يأتي ضمن توجه المساندة التي أبدتها عددًا من الدول الخليجية تجاه مصر لمساعدتها على الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، وهو توجه محمود يلعب دورًا في مساعدة البنك البنك المركزي على إداراة السياسة النقدية خلال المرحلة الصعبة الراهنة.
وتبلغ حجم الودائع الخليجية قرابة 9 مليارات دولار من صافي احتياطات مصر من النقد الأجنبي، إذ إن نصيب الإمارات يبلغ 4 مليارات دولار، و4 مليارات أخرى قدمتها السعودية على مرحلتين في 2013 و2015، بخلاف مليار دولار قطرية.
ومع ذلك استدركت فهمي قائلة، إنه على الرغم من التوقيت الهام للوديعة الإماراتية التي تنتظر مصر تسلمها، إلا أن تاثيرها قصير الأجل على السوق السوداء، حيث إن قيمة الوديعة البالغة ملياري دولار تلبي احتياجات مصر من الواردات لمدة أسبوع واحد فقط.
وتضخمت الواردات القادمة لمصر بصورة كبيرة خلال العام المالي الماضي حتى سجلت 80 مليار دولار حسبما أعلن هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق، حتى أنه وصف بأن مصر تحولت إلى سوبر ماركت كبير يسعى المستوردون للتربح منه.
وأكدت أستاذة الاقتصاد أن البنك المركزي لن يستطيع السيطرة على السوق السوداء إلا عبر رفع مُستدام للاحتياطي النقدي الأجنبي بناءً على الإنتاج ووجود قنوات ثابتة للدخل الأجنبي وليس المساعدات والمعونات فقط.
وتابعت: هناك قطاعات لها طلب أساسي على الدولار لا يندرج تحت بند الرفاهية مثل المواد الخام بالمصانع والأدوية والمنتجات الغذائية الأساسية مثل القمح وألبان الأطفال.
وطالبت عضو مجلس النواب بوضع المجلس التنسيقي للسياسات السياسية والنقدية والذي كوّنه رئيس الجمهورية، سياسات واضحة لبناء الاحتياطي النقدي الأجنبي، وإن لم يستطع إنجاز هذه المهمة فيمكن الاستعانة بجهات اقتصادية دولية متخصصة.
وتعاني مصر نقصا حادا في الدولار نتيجة تراجع إيرادات السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي، وانخفض الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي إلى 16.5 مليار دولار نهاية مارس الماضي مقابل نحو 36 مليار دولار قبل يناير 2011، الأمر الذي قفز بالدولار في السوق السوداء فوق 11 جنيهًا.
وخفّض البنك المركزي يوم 14 مارس الماضي سعر صرف الجنيه، ليصل الدولار إلى 8.85 جنيه، لكنه عاد ورفع قيمة الجنيه 7 قروش في عطاء استثنائي يوم 16 مارس، ليستقر سعره الرسمي عند 8.78 جنيه بهدف تقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، ولكن مع ذلك استمر الدولار بالصعود في السوق السوداء.
وكان طارق عامر، محافظ البنك المركزي أعلن أن البنك يستهدف زيادة الاحتياطي الأجنبي لمصر لـ 25 مليار دولار بنهاية عام 2016، مؤكدًا أن أرصدته الحالية تبلغ 16.5 مليار دولار.
وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطي من النقد الأجنبي بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية فى الظروف الاستثنائية.
من جانبه، أكد محمود مصطفى مسئول ائتمان بإحدى البنوك الحكومية أن الوديعة الإماراتية تعتبر وسيلة هامة على الأجل القصير للسيطرة على السوق السوداء، وهي من ضمن الوسائل قصيرة الأجل التى تسعى مصر إليها لمواجهة أزمة نقص الدولار، مثل اللجوء للاقتراض من البنك الدولي أو الصيني أو التنمية الإفريقي.
وشدد مصطفى على مصر في حاجة إلى إعادة ترتيب مصادر إنفاق وتوليد النقد الأجنبي حيث ينبغي النظر في جدول الواردات غير الضرورية، وكذلك دراسة ملف تحويلات المصريين في الخارج بعناية في ظل التراجع الشديد في حجم التحويلات للجهاز المصرفي.
وتعد تحويلات المصريين في الخارج أكبر ثاني مصدر للنقد الأجنبي في مصر بعد الصادرات، إذ بلغت العام الماضي قرابة 20 مليار دولار، ولكنّ هناك تراجعا في حجم التحويلات التي تتلقاها البنوك بسبب استقطاب السوق السوداء لهذه التحويلات.
aXA6IDE4LjExOS4xMDguMjMzIA== جزيرة ام اند امز