فيسبوك يتحول إلى أكبر شركة صرافة في مصر
عشرات الصفحات تنتشر على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك لبيع وشراء العملة الصعبة وسط إقبال من المصريين للمتاجرة في الدولار
إذا كنت ترغب في شراء أو بيع الدولار أو الريال السعودي أو اليورو،، فليس عليك الذهاب إلى شركات الصرافة أو حتى ارتياد مقاهي وسط البلد بالقاهرة، إذ إنه بإمكانك الآن المتاجرة في العملات عبر صفحتك الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
عشرات الصفحات المتخصصة في عرض أسعار حركة العملات وإبرام صفقات بيع وشراء العملات بكميات ليست قليلة تتجاوز 10 آلاف دولار في بعض الصفقات، وذلك وسط تفشي ظاهر التجار بالعملة بين المصريين الذي يسعون للاستفادة من أزمة نقص الدولار وتحقيق أرباح كبيرة تصل إلى 10% خلال فترة وجيزة لا تتجاوز الأسبوعين.
فالأعضاء المشاركون في هذه الصفحات التي يقترب تعداد بعضها نحو 85 ألف مشترك، يقومون بإدارة كل تفاصيل عمليات المتاجرة، بدءًا من عرض أسعار بيع وشراء العملات بالسوق السوداء في أنحاء الجمهورية وتحديثها على مدار الساعة، ثم إبرام صفقات البيع والشراء.
فطريقة إبرام الصفقات باتت يسيرة للغاية في كثير من الأوقات، تبدأ بعرض أي مشترك الكمية المطلوب بيعها أو شراؤها، مصحوبة بالسعر المرغوب، وعندما تحظى الكمية والسعر بقبول أي مشترك آخر، يتواصل مع الطرف الآخر عبر صندوق الرسائل للاتفاق على موعد ومكان المقابلة لإبرام الصفقة.
ومع ذلك لا تمضي كافة الصفقات بهذه السهولة، حيث إن أحد الأطراف يتخلف عن الموعد كنوع من التحوط أو عدم الجدية في تنفيذ الاتفاق.
وعن أسباب نشاط المتاجرة بالعملات عبر شبكة الفيسبوك، قال محمد أشرف أحد المشاركين في صفحات المتاجرة بالعملة إن هناك طلبا قويا على الدولار وكذلك الريال بسبب رحلات العمرة، ما يخلق فرصة جيدة لتوظيف الأموال في شراء وبيع العملات الأجنبية.
وتساءل أشرف، لماذا أذهب إلى شركة الصرافة لشراء أو بيع العملة بأسعار أقل مما يمكن أن أبيع بها للطرف الآخر دون وسيط؟
وتابع: هذا فضلاً عن أن بعض شركات الصرافة تستغل حاجة بعض حائزي الدولار لتبديل العملة سريعًا وتقديم أسعار منخفضة عن المتداولة في السوق.
ومع ذلك لا تخلو هذه الصفقات من مخاوف المسألة الأمنية وهو ما يفسر أيضًا تخلف البعض عن الالتزام بمواعيد المقابلة المحددة لتنفيذ عملية بيع أو شراء العملة.
وتسببت مخاوف الملاحقة الأمنية أيضًا في لجوء بعض المسؤولين عن إدارة صفحات المتاجرة بالعملات إلى تغيير خيارات خصوصية الصفحات من كونها ظاهرة للجميع إلى قصر الظهور أمام المشاركين بها، خاصةً بعد وصول عددهم إلى عشرات الآلاف من المشاركين.
وبحسب المحلل المالي أحمد العطيفي فإن هناك اتجاهًا بين عوام المصريين البسطاء للمتاجرة في العملاء بسبب انتشار الحديث بكثافة عن نقص في الدولار حتى تفاقمت الأزمة نتيجة تكالب الكثير على شراء العملة الخضراء وإعادة بيعها لتحقيق هامش ربح سريع.
وأوضح "أنه خلال أسبوع واحد فقط سألني جار لي عن رأيي في توظيف الأموال التي لديه في شراء دولار وبالفعل قام بشراء كمية، ونفس السؤال تكرر على مسمعى من أحد الأٌقارب في محافظة المنيا بصعيد مصر".
وأضاف ثم أخبرني صديق لي أنه قام بشراء كمية من العملة الخضراء بسعر 10.10 جنيه ويطلب استشاراتي إذ كان يستمر في الشراء أم يكتفي بهذا القدر.
ولفت العطيفي أن انتشار عمليات المتاجر في الدولار بين المصريين الذي ليس لهم علاقة بالاستثمار أو الاستيراد ينطوي على مخاطر كبيرة لكونها عمليات مضاربة عنيفة لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
كما بات هناك شكل آخر من المتاجرة في العملات الأجنبية، ولكن هذه المرة المصريون في الخارج هم طرف العملية؛ حيث يتلقون طلبات من السماسرة أو مندوبين تجار كبار في العملة بالخارج لشراء ما في حوزتهم من عملة صعبة بأسعار ترتفع عن السوق السوداء داخل مصر، بل وتوصيل قيمة المبلغ بالجنيه إلى المنزل في أي مكان في مصر دون سداد رسوم تحويل أو حتى الانتظار في البنوك لتسلم قيمة التحويل.
من جانبه، أوضح هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر أن هناك شبكة سماسرة كبيرة منتشرة داخل مصر وخارجها تستهدف السيطرة على تحويلات المصريين في الخارج، وإعادة بيعها لأطراف أخرى مثل المستوردين الذين يواجهون صعوبة في تدبير العملة الصعبة لتمويل وارداتهم.
وأكد أن شبكة السماسرة كبيرة للغاية بصورة باتت تسمح بالتواصل مع المصريين في دول الخليج وأوروبا وتوصيل المبالغ إلى منازلهم في أي مكان في مصر سريعًا بصورة تفوق قدرات شركات الصرافة ذاتها.
وتابع توفيق أن المتاجرة في العملة باتت وظيفة لفئة من المصريين داخل وخارج البلاد.
وشدد على أن هذه الشبكة من السماسرة تشكل خطورة للغاية على الاقتصاد نظرًا لأن هذه الأموال لا تدخل البلاد حتى في صورة جنيه، بل يتم الاحتفاظ بالعملة في الخارج وسداد قيمة الاستبدال من الأموال المتواجدة داخل البلاد.
وكان محافظ البنك المركزي السابق هشام رامز أكد أن البنوك باتت لا تتسلم أكثر من 10% فقط من قيمة تحويلات المغتربين في الخارج.
وبرأى توفيق أن المصريين بالخارج في حاجة لحوافز لجذب أموالهم مرة أخرى، مثل رهن بعض الحوافز مثل إعفاء سيارة من الجمارك أو بيع أراض بأسعار مخفضة بتحويل قيمة معينة من العملة الصعبة.
aXA6IDMuMTM4LjExOC4xOTQg جزيرة ام اند امز