برعاية عبد الله بن زايد.. إطلاق برنامج إعداد العلماء الإماراتيين
برعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، تم إطلاق "برنامج إعداد العلماء الإماراتيين".
أطلق مركز الموطأ للدراسات والتأهيل والنشر، في أبوظبي، اليوم الإثنين، برعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، "برنامج إعداد العلماء الإماراتيين" الذي يشرف عليه الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.
جاء ذلك خلال الحفل الذي نظمه المركز، اليوم، بفندق إنتركونتيننتال وحضره الدكتور علي راشد النعيمي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين والعضو المنتدب لمركز الموطأ، والدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وأعضاء مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، وعدد من العلماء والمفكرين والشخصيات الثقافية والإعلاميين.
وقال الشيخ عبد الله بن بيه، في كلمة له خلال الحفل، إن برنامج إعداد العلماء الإماراتيين يعد لبنة جديدة من لبنات الصرح المعرفي المشيد وحلقة جديدة تؤسس على ما سبقها لاستكمال الجهود الدؤوبة للجامعات ومراكز البحث التي تعمل بحيوية مشهودة في هذا البلد المبارك تحقيقًا لرؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات القائمة على أسس فكرية ومقاصد تنموية من أهمها الجمع بين الإيجابية في المنطلق والفاعلية في الأداء والجودة في المخرج.
ولفت إلى أن هذه الرؤية التي بفضلها تعزّز الاستقرار وتحقق الازدهار لا تنحصر في الارتقاء بالجودة والفاعلية في التقنيات أو في الاقتصاد والطاقة فحسب بل إنما تكون أساسًا في الارتقاء بفاعلية الإنسان في جودة عمله وإتقان صنعته ومتانة تكوينه، فالإنسان هو رأسمال هذا البلد وهو وسيلة كل جهد تنموي وهو غايته فلا تنمية إلا بالإنسان وللإنسان؛ إذ إن كل الأعمال التنموية الهدف منها إسعاد الإنسان ماديًا وروحيًا وتوفير مستلزمات الحياة الكريمة.
وأشار الشيخ بن بيه إلى أن انتشار المذاهب المختلفة على الساحة الإسلامية والعالمية خاصة تلك التي تحمل رسالة دعوية ذات مضمون عقدي وسياسي واجتماعي يرمي إلى إحداث تغييرات وانحرافات حادة على الساحة الإسلامية من خلال تكوين العشرات بل الآلاف من شباب المسلمين في جامعات مبرمجة خصيصًا لهذا الغرض من شأنه أن يحدث اضطرابًا فكريًا وقطيعة مع الموروث التاريخي ولا ريب أن هذا الأمر خطير في مجالات مختلفة منها المجال الديني؛ حيث لا يخفى على أحد ما في هذا الانحراف من خلل ديني وعقدي يخالف كل الأدلة الشرعية المبسوطة في كلام علمائها ومنها أيضًا في المجال الاجتماعي.
وأضاف أن هذا الخلل أدى إلى اضطراب فكري وثقافي في مجتمعات كانت مستقرة على ثوابت عقدية وسلوكية وأصبحت بفعل الأفكار المستوردة والتعاليم المستجلبة من دون ثوابت بل أصبحت في مهب رياح أفكار وممارسات لا صلة لها بموروثها، فكانت نتيجة الفكر الجديد القطيعة بين الماضي والحاضر ومنها كذلك في المجال السياسي والأمني؛ حيث نشأت عنه ولاءات لا علاقة لها بدولة الوطن ولا بنظامه ولا لشرعيته.
وأكد الشيخ عبد الله بن بيه، أن أوضح مظهر لهذا الخلل هو التباهي الذي يحدث عند الشباب مع مصادر الفكر المنحرف وانقلاب الولاء الديني والسياسي من بلدهم إلى تلك الجهات المصدرة له وقد يصل الأمر إلى ارتكاب خروقات أمنية موجهة من جهات أجنبية سواءً كانت تنظيمات إرهابية أو حكومات، لذلك لا بدّ من بذل كل جهد لإعادة هؤلاء إلى حضن الولاء للأوطان وما تمثله من رموز وطنية من عنوان مجدها ومطلع سؤددها وسعدها.
وشدد على أن هذه الرؤية ليست غائبة أو مغفلة في التجربة الإماراتية على مستوى التدبير الديني، ولكن الإخلال بها في بعض الأقطار الإسلامية أدى إلى عجز عن فهم علوم الشرع وإلى ضمور في علوم الشرعية وانحسار الاستنباط والعلوم الشرعية هي الرديفة لعلوم الشرع؛ فعلوم الشرع هي الكتاب والسنة والتفسير والفقه، والعلوم الشرعية هي المضافة إليها كاللغة والنحو وأصول الفقه والبلاغة والمنطق عند البعض، وهي من شروط الفتوى والاجتهاد، بالإضافة إلى بعد وافٍ عن العلوم الإنسانية من تاريخ وأدب وفلسفة واجتماع وعن الواقع المعاصر تلك هي المنظومات الثلاث التي يجب أن تتكامل في شخصية العالم المعاصر علوم الشرع والعلوم الشرعية والعلوم الإنسانية.
وقال الشيخ عبد الله بن بيه، إن الفصل بين المعرفة أدى إلى انعدام التكامل في شخص العالم المسلم بعد أن كانت الميزة المعرفية له في عصور الازدهار الحضاري للأمة؛ حيث كان يجمع بين علوم الطبيعة وعلوم الشريعة فالمازري الإمام كان فقيهًا طبيبًا وابن رشد الحفيد كان فيلسوفًا طبيبًا فقيهًا وابن خلدون كان فقيهًا وعالم اجتماع ومؤرخًا.. مشددًا على أنَّ هذا الاختزال في المعارف أدى إلى حالة مرضية من ضيق الأفق والظاهرية والحرفية والعجز عن مواكبة العصر وفهم المركب والانفتاح على المكتسبات الإنسانية الثقافية والفلسفية وعن التسامح، وهي صفات يجب أن يتكون الطالب على نقيضها؛ فبدلًا من الظاهرية يتكون على المقاصدية، وبدلًا من الانغلاق والتقوقع ينفتح على العصر ويواكب مستجداته.
وأكد "ابن بيه" أنهم في برنامج إعداد العلماء الإماراتيين يسعون إلى هذه الجودة وإلى الفاعلية وتفتيق الأذهان وتوسيع الأفق وذلك من خلال عدة مميزات منهجية لا تدعي الفرادة ولا أنها بدع من القول أو بدعة من العمل.. راجيًا أن يكون هذا المشروع قيمة مضافة في مكتسبات هذا البلد العريق والحديث في الوقت نفسه بلد الشيخ زايد المؤسس الرائد ومن سار من على نهجه من بعده.
من جانبه، توجه الدكتور علي راشد النعيمي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين والعضو المنتدب لمركز الموطأ، بالشكر إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة؛ على رعايته وسهره الدائم على تنمية المعارف في الإمارات ومنها هذا البرنامج المبارك الذي يشكل خدمة ليس للوطن والعرب والمسلمين فقط وإنما للإنسانية جمعاء.
كما توجه "النعيمي" بخالص الشكر والتقدير لرجل العلم والمعرفة الذي تبنى الفكرة ورعاها منذ بداياتها وأعطاها من وقته وجهده وحرصه ما يكفي لترجمتها أفعالًا وأفكارًا مستنيرة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الذي كان له جزيل الشكر على اختياره الشيخ عبد الله بن بيه للسهر والإشراف على هذا المشروع النهضوي التنموي.
وتوجه "النعيمي" بحديثه للطلبة وحثهم على الاستفادة من البرنامج حتى يكونوا علماء نور لا سيما أن هناك ما يميز الطلبة المنتسبين للدورة الأولى ألا وهي غلبة أعداد البنات على الشباب وهذا ما نود أن نقوله للعالم إن بنات الإمارات يتأسين بأم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله عنها التي أخذ المسلمون عنها نصف دينهم.
من جانبه، توجه الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، بأسمى التهاني والتبريكات إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وحكام الإمارات على إطلاق هذا البرنامج الرائد.
وقال "الكعبي" إنه تجسيدًا لرؤية القيادة الرشيدة للدولة وتنفيذًا لخطتها الإستراتيجية في ترسيخ الخطاب الإسلامي المعاصر فإن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف يسعدها اليوم هذه الإضافة للصرح المعرفي الإماراتي الذي نسعى معًا إلى أن يكون المرجعية الإسلامية العالمية في التسامح والسعادة لكل بني البشر.
وأضاف "الكعبي" أن انطلاق برنامج إعداد العلماء هو انطلاق منهجية الشباب المؤهلين للنقد والتحليل لتصحيح مسارات الفكر وانزلاقاته لأنهم من الجيل الذي سيشكل الحصانة المستدامة لروحية الدين الحنيف وأصالته ومقاصده في الرحمة والتعايش الحضاري مما يزدهر به الإنسان والأوطان إنه الجيل الذي لا يعترف بخطاب الكراهية والتعصب الأعمى وتجاهل متغيرات الحياة.
وأوضح أنه كتب للبرنامج أن يرى النور وينطلق بخطى راسخة بدعم من القيادة الرشيدة للإمارات ومتابعة من الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي.
ودعا الطلبة إلى استثمار أوقاتهم في الجد والدراسة والمثابرة لتحقيق التميز في البرنامج والقيام بتعزيز الانتماء لهذا الوطن والولاء والوفاء لقيادتنا الرشيدة والمحافظة على هوية التسامح والمحبة لدولتنا المباركة كما أسسها على ذلك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
يذكر أن برنامج إعداد العلماء الإماراتيين يسعى إلى تخريج نخبة من الكفاءات العلمية الشابة المؤهلة لنشر قيم الإسلام السمحة وتعاليمه السامية والإسهام في الحفاظ على الأمن الروحي للمجتمع الإماراتي والتأثير الإيجابي في مختلف المجالات العلمية والاجتماعية وتوسيع الإشعاع الديني والفكري المتزايد لدولة الإمارات العربية المتحدة في العالم الإسلامي، خاصة على الصعيد الدولي عمومًا.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTkyIA== جزيرة ام اند امز