"حبل النجاة" ينقذ فتى فلسطينيا من الموت بالقذائف الإسرائيلية
لحظات كانت تفصل بين ابتعاد الفتى أمير العمور (16 عامًا) عن عمته المسنّة زانة العمور وسقوط قذيفة إسرائيلية على قطاع غزة، أدت لاستشهادها
لحظات بسيطة كانت المسافة بين ابتعاد الفتى أمير العمور (16 عامًا) عن عمته المسنّة زانة العمور (59 عامًا) وسقوط قذيفة دبابة إسرائيلية جنوب قطاع غزة، أدت إلى استشهاد المسنة وإصابته بجروح طفيفة مساء الخميس الماضي.
على بعد مئات الأمتار من مكان الاستهداف في بلدة الفخاري شرق خان يونس روى الفتى المصاب لـ"بوابة العين" تفاصيل ما جرى وهو لا يكاد يصدق أنه نجا من ذلك القصف الإسرائيلي.
وقال: "كنت أساعد عمتي في تعبئة أكياس التبن، بعد حصاد القمح في أرضها التي تبعد حوالي 500 متر من السياج الحدودي الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال، عندما طلبت مني أن أذهب للبحث عن حبل لإغلاق الأكياس".
أمتار قليلة ابتعدها الفتى ليبحث عن الحبل المنشود، دون أن يدري أنه حبل النجاة له من القذيفة التي أطلقتها قوات الاحتلال لتصيب شظاياها عمته وتؤدي لاستشهادها، فيما أصابته شظية خفيفة في قدمه لم يشعر بها إلا بعد ساعات من إخلاء عمته عندما شعر بالألم وشاهد الدماء في قدمه.
رفض الفتى مرافقة مراسل "بوابة العين" إلى مكان الاستهداف فما زال الألم والذكريات تطارده منذ الحادثة التي وقعت مساء الخميس الماضي، فيما تطوع ابن عمه شحادة العمور (36 عامًا) للقيام بالمهمة.
على متن دراجة نارية تحركنا باتجاه المكان في طريق موحشة خالية من الناس، شيئا فشيئا اقترب السياج الحدودي حيث تنتشر قوات الاحتلال وداخله تنتصب أبراج المراقبة العسكرية الإسرائيلية، وبدا في المكان كثبان رملية أشار العمور إليه وقال هناك تتمركز الدبابة التي أطلقت النار والقذائف.
حالة التوتر شرق خان يونس، جاءت بعد توغل إسرائيلي شرق رفح، على بعد قرابة 3 كم من المكان، حيث تكرر القصف الإسرائيلي العشوائي واستهداف أبراج مراقبة خاصة بأذرع المقاومة الفلسطينية، على امتداد السياج الحدودي منذ الأربعاء الماضي قبل أن تشهد الأوضاع فجر اليوم السبت هدوءا حذرا بعد مساعٍ مصرية للعودة لتفاهمات التهدئة.
في الأرض بدت أكياس "التبن" منتصبة فيما خلا المكان الذي يبعد نحو 450 مترا من الشريط الحدودي من المواطنين والمزارعين، وعلى جانب الطرف القصيّ من الأرض بدت آثار برج مراقبة فهمنا أنه للمقاومة.
بألم روى شحادة العمور كيف شاهد ابنة عمه المسنة زانة غارقة في دمائها، عندما قدم للمكان مسرعا إثر تلقيه اتصال هاتفي بالقصف ليقوم بإخلائها على دراجته النارية بعدما تعذر وصول سيارات الإسعاف.
وقال:" لماذا قتلوها، لم يكن هناك أية أحداث في المنطقة، والمكان مكشوف كما ترى لقوات الاحتلال، لم يكن هناك أي خطر؟ ما جرى قتل متعمد! وربنا ستر كان يمكن أن يكون هناك المزيد من الضحايا".
في ذهول لا تزال تعيش شقيقة الشهيدة نوادر العمور (35 عامًا) التي كادت هي الأخرى تكون ضحية أخرى، إذ كانت تحصد القمح من أرضها التي تبعد أمتارا عن أرض شقيقتها الشهيدة.
وقالت لبوابة "العين": "شاهدت القذيفة تسقط وأختي تصاب، لم أستطع أن أفعل سوى الصراخ وبدأت أجري في المكان حتى يأتي من يساعدنا".
في بيت العزاء الذي أقيم قرب منزل العائلة في المنطقة، جلس ابنها محمد يستقبل المعزّين، وهو والذي لم يمض سوى شهرين على تحرره من سجون الاحتلال التي قضى فيها عامين.
وقال محمد: "اعتقلت خلال حرب 2014، التي أصيبت فيها والدتي بجروح طفيفة وكتب لها النجاة في تلك الحرب القاسية لتكتب لها الشهادة هذه الأيام، وكأنه لا مفر أمامنا من القذائف الإسرائيلية".
وعلى الرغم من عودة الهدوء على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة (48 كيلومترا) إلا أن المخاوف تساور الفلسطينيين، خصوصاً سكان تلك المناطق من عودة الاحتلال لشن عدوان جديد بشكل مفاجئ.
ولا تزال آثار القصف المتبادل بين المقاومين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال من الجهة الأخرى واضحة للعيان في الفخاري التي شهدت أكثر عمليات القصف في الاشتباكات الأخيرة، وهو ما يزيد من مخاوف الفلسطينيين هنا، بحسب حسن العمور.