"شباب الياسمين" في تونس ورحلة البحث عن دور سياسي
الشباب التونسي يعملون بعد 5 سنوات من "ثورة الياسمين" لتمكين الشاب من العمل في الصعيد السياسي والمجتمعي في وقت بدأت شعاراتهم تفقد بريقها
بادر عدد من شباب الأحزاب السياسية في تونس بطرح حملة لتمكين الشباب على الصعيد السياسي والاجتماعي في البلاد، تزامنا مع مرور 5 سنوات على ثورة الياسمين، لا سيما أن تونس شهدت العديد من الاحتجاجات بسبب البطالة وتهميش الشباب في السنوات القليلة الماضية.
واستطلعت بوابة "العين" الإخبارية آراء الشباب الذي أطلق الحملة، ليؤكدوا أن تونس تحتاج إلى حوار بين الشباب والحكومة وتمكين الجيل الحالي في المشاركة السياسية والمجتمعية.
وقال أسامة عويدات، عضو المكتب السياسي لحزب حركة الشعب التونسي، إن الاحتجاجات الاجتماعية التي قادها الشباب في تونس كانت شعاراتها التنمية والتشغيل والحياة الكريمة لكل مواطن، هذا ما جعل الشباب في تونس يهتم بالشأن العام وينخرط فيه بشكل إيجابي وفعال إلى أن نجح في إسقاط رأس النظام.
وأضاف عويدات، خلال حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، أنه بعد 5 سنوات من الثورة بدأت هذه الشعارات تفقد بريقها وتضاءل الأمل في تحقيقها، بسبب إخفاقات الحكومات المتتالية التي لم تقدم على تحقيق خيارات ثورية ولا على منوال تنموي جديد يسمح بتلبية آمال الشباب، وهو ما تسبب في تراجع واضح حتى عمَّ كان محققا في الماضي على المستويين الاجتماعي والاقتصادي وفشل جعل الشباب مجددا على هامش الحياة السياسية.
وتابع عويدات: "ظهر ذلك بوضوح في الانتخابات التشريعية السابقة؛ إذ سجلت دفاتر الانتخابات عزوف الشباب كمشاركين في القوائم الانتخابية أو كناخبين، فكانت النخبة السياسية التي صعدت بعيدة عن عقلية الشباب وطموحاتهم"، مؤكدا أن تونس تحتاج الشباب في هذه الظروف وأن يتم إشراكهم وبفاعلية في التصدي للإرهاب الذي يستغل الاحتقانات الاجتماعية ليضرب النسيج المجتمعي.
وشدد عويدات على أن "مع هذا المشهد المخيف فقد حان الوقت لحوارات عميقة بين كل مكونات المجتمع وفي مقدمتهم الشباب من أجل صياغة مشروع وطني شامل وجامع يحدد أولويات تونس في الشأن الأمني والاجتماعي والاقتصادي".
وفي السياق ذاته، قالت منى الهنداوي، رئيسة لجنة النظام بحزب التيار الديمقراطي التونسي، إنه بعد ثورة 14 يناير 2011 أقبل الشباب التونسي على الحياة السياسية بنهم مع ولادة عدد كبير من الأحزاب على غرار انخراطه في الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.
وأضافت الهنداوي لبوابة "العين" الإخبارية، أن سعي الشاب التونسي خاصة داخل الأحزاب السياسية حديثة النشأ أدى إلى رفع مكانتها وخلق ديناميكية وروح جديدة داخلها، ويمكن ملاحظة أن هياكل الأحزاب لا تخلو من الفئة الشبابية، بل أصبحت جميع الأحزاب تتنافس على استقطاب أكثر عدد من الشباب.
وأشارت السياسية التونسية إلى أنه رغم ما يروج حول عزوف الشباب التونسي عن ممارسة الحياة السياسية إلا أنه في واقع الأمر جميع الحملات والتظاهرات التي غيرت العديد من المواقف كانت بقيادة شباب ينتمي إلى أحزاب كحملة "حل الدوسي" و"وينو البترول" وحملته الأخيرة لمكافحة الفساد.
وأردفت الهندواي قائلة: "بل شن الشباب العديد من الحملات الأخرى التي كانت لها دور في فتح العديد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خاصة تلك التي تشارك في التصدي لظاهرة الإرهاب ومحاربة هذا الفكر الدخيل على المجتمع التونسي بالحملات التوعوية والتظاهرات الثقافية التي يقوم بها مجموعة من الشباب من مختلف الانتماءات الحزبية في جميع ولايات الجمهورية التونسية".
وأوضحت الهنداوي أن القيادات الشابة من مختلف الأحزاب السياسية تعمل على نحت صورة جديدة للساحة السياسية بهدف تشجيع الشباب أكثر على المشاركة في الحياة السياسية وتحمل المسؤولية داخل الأحزاب، إضافة إلى ترسيخ الحس الوطني والانتماء للبلاد من خلال دورات تكوينية داخلها أو بالمساهمة مع أحزاب أخرى في تظاهرات وملتقيات ينظمها الشباب.
وأكدت الهنداوي أن المبادرة التي قام بها مجموعة من القيادات الشابة المنتمية لأحزاب مختلفة من الائتلاف الحاكم والمعارضة باقتراح إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، تعد خير دليل على المشاركة الفعالة والدور الإيجابي لشباب الأحزاب في تونس، مشيرة إلى أنه جارٍ حاليا العمل على إعداد حوار وطني شبابي يشارك فيه كثير من القيادات الشابة بغض النظر عن انتمائها الحزبي.
وإلى ذلك، قال عصام البوسالمي، عضو المكتب السياسي للحزب الوطني الحر التونسي، إن الشباب التونسي من مختلف الأحزاب السياسية يسعى لفرض مكانته والدخول في غمار الوسط السياسي والنقاش الحضاري للدفاع عن الثوابت والقضايا الوطنية.
وأضاف البوسالمي، في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية، أن تونس تستعد لموعد سياسي بارز هو الانتخابات البلدية التي ستكون محطة ومرآة للصورة المناسبة لتعزيز الديمقراطية المحلية والمسار الديمقراطي بصورة عامة، مشيرا إلى أن هذا سيشجع رئيس الجمهورية لإشراك الشباب وطرح قضاياه ومشاغله في برنامج حوار وطني للشباب بإشراف من رئاسة الجمهورية ووزارة الشباب والرياضة من مختلف شباب الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
ومن جانبها، رحبت السياسية التونسية البارزة حبيبة الخميري السليني، عضو المكتب السياسي لحزب العمل التونسي، بالمبادرة الشبابية؛ حيث رأت أن الأوضاع في تونس ساءت كثيرا بشأن تشغيل الشباب عقب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأضافت السليني لبوابة "العين" الإخبارية، أنه على الحكومة التونسية فتح ملفات الفساد ومحاسبة جميع المتهمين، وبعد ذلك ستكون قادرة على حل جميع مشاكل الشباب، مشيرة إلى أن الحلول الوقتية غير مجدية بالنسبة لحل مشاكل الشباب التونسي، ولكن الأوضاع في حاجة إلى معالجة صحيحة من الجذور.