الدولار يضع التصنيف الائتماني المصري في دائرة الخطر مُجددًا
وجود سعرين للعملة بالجهاز المصرفي والسوق السوداء وضعف الهيكل المالي للموازنة يثير مخاوف تراجع التصنيف الائتماني المصري.
استجدت تداعيات سلبية لأزمة نقص العملة الأجنبية ووجود سعرين للجنيه بالجهاز المصرفي والسوق السوداء، بعد أن عدلت مؤسسة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" النظرة المستقبلية لتصنيف مصر السيادى طويل الأجل من "مستقرة" إلى "سلبية".
ورغم أن المؤسسة أبقت على التصنيف الائتماني قصير الأجل عند مستوى B/B-، إلا أن هناك تحذيرات من تأثير تقرير "ستاندرد آند بورز" على تقليل فرص مصر من الحصول على قروض خارجية أو تمويل عبر إصدارات سندات دولية لسد الفجوة التمويلية الناجمة عن الفارق بين المدخرات والمبالغ اللازمة لتمويل الاستثمارات.
وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولى فإن حجم الفجوة التمويلية لمصر ستبلغ بقيمة 20 مليار دولار خلال العامين المقبلين.
وتطرق تقرير "ستاندرد آند بورز" إلى تأثير الضغوط الخارجية، حيث أشار إلى أن تعافى الاقتصاد المصرى سيظل يعاني من نقص العملة الأجنبية والضغوط الخارجية والمالية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة العجز فى الحساب الجارى بميزان المدفوعات إلى 4.8% في المتوسط في الفترة من 2016 إلى 2019.
ويأتي هذا في ضوء ضعف الصادرات وتراجع إيرادات السياحة، بالتزامن مع بطء وتيرة ضبط أوضاع المالية العامة، ومع ذلك توقعت "ستاندرد آند بورز" أن يساهم انخفاض أسعار الطاقة وإجراءات زيادة الإيرادات فى خفض عجز الموازنة خلال السنوات القليلة المقبلة.
من جانبه، قال إيهاب السعيد عضو مجلس إدارة شركة أصول لتداول الأوراق المالية، إن التقرير السلبي لـ"ستاندرد آند بورز" جاء بعد عدة تقارير إيجابية للمؤسسة رصدت فيها تحسن الأداء الاقتصادي، الأمر الذي يعني أن أزمة نقص العملة باتت تشكل الخطر الأكبر على تعافي الاقتصاد المصري، وكذلك نظرة المؤسسات الدولية له.
وأضاف لبوابة "العين" الإخبارية أن تفاقم العجز في ميزان المدفوعات الذي يقيس معاملات مصر الخارجية شكل ضغطًا على الاقتصاد المصري، خاصةً في ظل زيادة العجز في الميزان التجاري إلى 38 مليار دولار بنهاية العام 2015.
وقبل نحو شهر حذرت مؤسسة التصنيف الائتماني "موديز" من تأثير ارتفاع عجز ميزان المدفوعات سلبًا على التصنيف الائتماني للبلاد، بعد أن ارتفع العجز إلى 3.4 مليار دولار خلال النصف الأول من 2015/2016 مقابل مليار دولار خلال الفترة المماثلة من العام المالي الماضي.
وخلال النصف الأول تصاعد العجز فى حساب المعاملات الجارية ليصل إلى 8.9 مليار دولار مقارنة بنحو 4.3 مليار دولار، نتيجة للعجز المسجل فى هيكل التجارة في ظل وانخفاض إيرادات السياحة تأثرًا بحادث تحطم الطائرة الروسية بنهاية أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.
وأكد السعيد أن هذا الخلل في ميزان المدفوعات بالتوازي مع وجود سعرين للعملة المحلية يقلل من حظوظ مصر للحصول على تمويل من الخارج في صورة قروض أو استثمارت في أذون خزانة، خاصةً أن الأوضاع الاقتصادية الإقليمية باتت مضطربة.
وقام البنك الأهلي بإصدار آلية تسمح للمستثمرين الأجانب بالحصول على عائد الاستثمار في السندات الحكومية أو استرداد قيمة السندات بناءً على نفس سعر الدولار الذي تم الاستثمار على أساسه، ما يزيل مخاوف انخفاض الجنيه ومن ثم تراجع العائد عند تحويله للخارج بالدولار.
ويرى السعيد أن الحل يُكمن في تعويم كامل للجنيه حتى يكسب المستثمرين ثقة استقرار سعر العملة مستقبلاً وعدم تراجع قيمة الاستثمارات المستقبلية.
وقام البنك المركزي بخفض سعر الجنيه في منتصف مارس/آذار الماضي من مستوى 7.83 جنيه إلى 8.78 جنيه مقابل الدولار.
وتوقع تقرير آخر صادر عن "ستاندرد آند بورز" أمس السبت، تراجع سعر الجنيه إلى 9.5 جنيه قبل نهاية العام، على أن يهبط إلى 10 جنيهات في 2017 و10.50 عام 2018 وصولاً إلى 11 جنيهًا بنهاية 2019.
من جانبه، أوضح زياد وليد محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار بلتون أن تعديل ستاندرد آند بورز لنظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية يعني أنه من الوارد خفض تصنيف مصر خلال 6 إلى 12 شهرًا.
وأشار إلى أنه على الرغم من وجود نقاط ضعف مالي ممثلة في تراجع حجم المساعدات وانخفاض معدل ضريبة الدخل للشركات وارتفاع عائد سندات الخزانة، ولكن من المستبعد انخفاض احتياطيات مصر من النقد الأجنبي أسفل 15 مليار دولار بنهاية العام.
وأكد زياد أن المساعدات الإماراتية والسعودية المرتقبة من شأنها تعزيز صمود الاحتياطي ضد الضغوط الذي يواجهها مثل سداد مبلغ 1.7 مليار دولار الشهر المقبل تتوزع بين مليار دولار وديعة قطرية، و700 مليون دولار لصالح ديون نادي باريس.
اعتمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الميزانية الجديدة للعام المالي 2015-2016، مخفضًا عجز الموازنة إلى 8.9 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وتعاني مصر من تآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، حتى وصلت إلى 17.011 مليار جنيه بنهاية أبريل/نيسان الماضي، مقارنة بنحو 36 مليار دولار قبل الثورة نتيجة تراجع إيرادات السياحة والصادرات وتحويلات المصريين في الخارج.
من جهته، توقع عادل عبدالفتاح العضو المنتدب لشركة ثمار للاستثمارات أن يلقي تغيير نظرة ستاندرد آند بورز لمستقبل الاقتصاد المصري من مستقر إلى سلبي بظلاله على شهية المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية.
ولفت إلى أن الفترة الماضية شهدت نشاطًا للمستثمرين الأجانب بسوق المال بعد خفض سعر الجنيه قبل شهرين، ولكن الآن من المرشح أن يتبنى الأجانب توجهًا متحفظًا خوفًا من تراجع سعر الجنيه مرةً أخرى، ما ينعكس في انخفاض قيمة استثماراتهم عند تحويلها إلى الخارج بالدولار.
وتكشف بيانات التداول بالبورصة أن الأجانب سجلوا صافي شراء منذ بداية العام حتى جلسة الخميس الماضية قدرها 484.39 مليون جنيه، في حين سجل العرب صافي شراء قدرة 1.020 مليار جنيه.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuMjIzIA== جزيرة ام اند امز