المتحف الفلسطيني الجديد.. ذاكرة التاريخ والشتات
الرئيس الفلسطيني في الافتتاح الأربعاء ..والتكلفة بلغت 28 مليون دولار
الفسطينيون على موعد الأربعاء مع افتتاح أحد أهم المشاريع الثقافية المعاصرة في فلسطين بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ 68 للنكبة.
تتجه الأنظار الأربعاء، صوب مدينة رام الله وتحديدا في بلدة بيرزيت، لمتابعة مراسم افتتاح المتحف الفلسطيني، الذي يعد أحد أهم المشاريع الثقافية المعاصرة في فلسطين، يتزامن افتتاح المتحف الفلسطيني مع إحياء الذكرى الـ 68 للنكبة التي تمثل ذكرى أليمة للفلسطينيين الذي هجروا قسراً من أراضيهم المحتلة في العام 1948، إلى جانب التأكيد على أهمية ومحورية النكبة في عمل المتحف الفلسطيني.
ومن المقرر أن تتم مراسم افتتاح المتحف الذي بلغت تكلفة إنشاؤه في مرحلته الأولى (28) مليون دولار، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعدد من الشخصيات الرسمية والشعبية الفلسطينية.
المتحف الفلسطيني، وهو الأول من نوعه من ناحية التصميم، والبناء والمحتوى، يعد من أكبر متاحف المنطقة، إذ تم تصميمه بطريقة حديثة وصديقة للبيئة، وهو متحف غير تقليدي بحسب القائمين عليه. ويوثق المتحف تاريخ فلسطين القديم والمعاصر، من خلال إنتاج روايات عن تاريخ فلسطين وثقافتها ومجتمعها بمنظور جديد، خلال الفترة ما بين 1750 وحتى يومنا هذا.
وصمم المتحف وفق أحدث المعايير الدولية للحفاظ على المعروضات الفنية من حيث الإضاءة، التهوية ونسبة الرطوبة، إذ إن المتحف الفلسطيني ليس بالمعنى التقليدي للمتحف، حتى وإن كان يضم في إحدى زواياه في مرحلة لاحقة قسما للمقتنيات الأثرية.
وسيكون المتحف الفلسطيني أول مبنى مخضر في فلسطين، حيث من المتوقع أن يحصل على الشهادة الفضية في نظام الريادة العالمي في تصميمات الطاقة والبيئة، إذ تولى المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء الإشراف على بناء المتحف والتأكد من تطبيق المقاولين للمواصفات البيئية.
الفكرة
تعود فكرة إنشاء المتحف الفلسطيني للعام 1997 عقب مبادرة قام بها أعضاء مجلس أمناء مؤسسة أهلية ربحية، هي مؤسسة التعاون، من أجل توثيق الكارثة التي شكلت نقطة تحول في تاريخ فلسطين الحديث، إلى جانب سعي القائمين عليه ليكون صرحًا يخلد الذاكرة الإنسانية للشعب الفلسطيني وتوثيق قصص الكفاح والصمود. ولم يفتر حماس القائمين على فكرة إنشاء المتحف، بل تطورت لتصبح هدفا لإقامة مؤسسة تسعى للنهوض بالثقافة الفلسطينية، وتفعيل حراك فكري وفني مفتوح للجميع ومنفتح على كل ما هو جديد ومبدع. لكن الظروف الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال الاسرائيلي وممارساته أرجأت تنفيذ المشروع لعدة سنوات، قبل أن يرى النور مجدداً، حيث بدأ العمل فيه رسميا في أبريل من العام 2013، أي بعد نحو 16 عاما من تبلور الفكرة.
التصميم
تم تصميم المتحف من قبل المكتب المعماري الإيرلندي "هينغان بينغ"، حيث بدأ العمل به منذ 3 سنوات، وهو مستوحى في تصميمه من المدرجات التي تتميز بها التلال الفلسطينية. يقع المتحف على أرض مساحتها 40 دونما (نحو 40 ألف متر مربع) في بلدة بيرزيت بمحاذاة جامعة بيرزيت، وتم تصميمه ليكون علامة معمارية ذات طابع حديث يمتزج بناؤه مع المدرجات الطبيعية المتتالية التي بناها المزارعون الفلسطينيون منذ القدم لجعل أراضيهم الجبلية أكثر تماسكا وإنتاجا وأكثر قدرة على حفظ الماء للزراعة.
ويحيط بالمتحف مجموعة من الحدائق التي صممتها المهندسة الأردنية "لارا زريقات"، حيث تروي حكاية التاريخ الزراعي والنباتي في فلسطين خلال المراحل التاريخية المختلفة. ويضم المتحف الذي سيتم افتتاح المرحلة الأولى منه، عدة صالات عرض ومدرج في الهواء الطلق ومقصف داخلي وخارجي وصفوف دراسية ومخازن للحفظ الآمن ومكاتب للموظفين، حيث تقع هذه المرافق في 3500 متر مربع.
أما المرحلة الثانية من المتحف، فسيتم إنجازها خلال 10 سنوات، على مساحة 10 آلاف متر، كي تستوعب صالات أكبر للمعارض المؤقتة والدائمة ومسرحا داخليا وصفوفا دراسية إضافية ومكتبة، في حين ستكون قاعة مساحتها 500 متر مربع مخصصة للمعارض الفنية المختلفة.
الرؤية
يتطلع القائمون على المتحف الفلسطيني لأن يكون سباقا في طروحاته، وأن يكون مركزا بحثيا ومنبرا للحوار، وفضاء يحتضن الفن والإبداع والتاريخ والثقافة الفلسطينية، ويتطلعون أيضا لأن يكون حلقة وصل بين الفلسطينيين في فلسطين "التاريخية" وفلسطين "الشتات"، حيث لن يكون المتحف محصورا بحدود جغرافية أو سياسية.
ويقول عمر القطان رئيس فريق عمل المتحف، إن المتحف الفلسطيني يمثل بيتًا لكل الفلسطينيين في الوطن أو المهجر وفي كل مكان، كما سيعمل على خلق حوار حر مفتوح عن فلسطين "ثقافة وتاريخا وشعبا"، وأيضا بيتًا بلا حدود، يحتضن أصوات الجميع مفكرين ومضطهدين، فرحين أو متعبين.
وأشار القطان في تصريحات صحفية إلى أن المتحف الفلسطيني يهدف أيضًا لرواية القصة الفلسطينية للعالم من وجهة نظر فلسطينية، كما سيختص بالبحث والتعريف بتاريخ فلسطين الحديث والمعاصر، وسيضم مجموعات قيمة من التحف الفنية والعلمية والتاريخية.
ويؤكد القطان أن المتحف سيوثق إنتاجات المبدعين في فلسطين وفي المهجر، كما يعنى المتحف بالتواصل والتشبيك بين الفلسطينيين ومؤيديهم في كل أرجاء العالم.
برنامج الافتتاح
ومن المقرر أن يشمل برنامج الافتتاح العديد من الفعاليات، حيث سيتم اطلاق عدد من مشاريع المتحف التوثيقية والتاريخية والإلكترونية.
كما سيتبع الافتتاح برنامج حافل من الأنشطة والمعارض في أماكن مختلفة في فلسطين ولبنان، الذي سيحتضن أول نشاط خارجي للمتحف من خلال افتتاح معرض أطراف الخيوط التطريز الفلسطيني في سياقه التاريخي، وذلك في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.