محكمة إسرائيلية تصدم الفلسطينيين.. وتمهِّد لتبرئة قتلة "أبو خضير" حرقًا
والد الضحية: سنذهب إلى المحكمة الجنائية الدولية
مهَّدت محكمة إسرائيلية لتبرئة قتلة "أبو خضير" بعد طلبها فحص الوضع النفسي للمتهم الأساسي، فيما سيتجه والد الضحية إلى "ألجنائية الدولية".
بقرارها إرجاء محاكمة المتهم الأساسي في جريمة قتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير، حرقًا وهو على قيد الحياة العام الماضي، لحين فحص وضعه النفسي، تمهد المحكمة المركزية الإسرائيلية الطريق لتبرئته بزعم "الجنون"، لتصب الزيت على نار الغضب الفلسطيني، وتقدم دليلا جديدًا على عدم نزاهة القضاء الإسرائيلي، وتجنده لصالح المستوطنين المتطرفين، حسب محامي أسرة القتيل.
التطور الصادم، جاء في جلسة اليوم (الاثنين)، التي أدانت فيها المحكمة المركزية الإسرائيلية، مستوطنَين قاصرَين، بقتل الفتى أبو خضير، دون إصدار حكم عليهما، وأرجأت إدانة المتهم الرئيس في عملية القتل حتى العشرين من الشهر المقبل، بانتظار فحص تقرير حول وضعه النفسي، في خطوة يعتقد أنها تمهد الطريق لتبرئته بزعم الجنون، وهو مبرر كثيرا ما وظفته إسرائيل لإخلاء سبيل المتورطين الإسرائيليين في جرائم عنصرية ضد الفلسطينيين.
هدم أركان العدالة
ووصف محامي عائلة أبو خضير، الحقوقي مهند جبارة، ما جرى بأنه "مراوغة" و"مماطلة" و"هدم لأركان العدالة"، مؤكدا أن المستوطنين المتطرفين الثلاثة أقروا خلال التحقيق بقتل أبو خضير حرقًا وهو حي، في غابة غربي القدس، بعد وقت قصير من اختطافه العام الماضي، وهي واقعة بشعة جدًّا.
وكان 3 مستوطنين إسرائيليين قد اختطفوا الفتى أبو خضير، من أمام منزله في مخيم شعفاط، شمالي القدس المحتلة، فجر الثاني من يوليو 2014 وهو في طريقه لأداء صلاة الفجر في مسجد قريب، ومن ثم اقتادوه إلى غابة قريبة، وأشعلوا فيه النار وهي حي في جريمة بشعة جدًّا أثارت غضبًا فلسطينيا عارما في حينه.
إدانة بلا حكم
وأشار جبارة في حديثه إلى بوابة "العين" الإخبارية، إلى أن المحكمة أدانت إسرائيليين اثنين بالقتل، ولكنها أرجأت إدانة المتهم الرئيس في القضية، وهو مستوطن يقيم في القدس، ويدعى يوسف بن دافيد (31 عاما)، حتى العشرين من شهر ديسمبر المقبل حتى النظر في التقرير الطبي الذي قدمه محاميه حول اضطرابه العقلي.
وأكد أن المحكمة أدانت القاصرين الإسرائيليين، بتهمة القتل والحرق والخطف، ولكنها أرجأت الحكم عليهما أيضًا حتى الرابع والعشرين من الشهر المقبل، لافتا إلى أن المحكمة أيضًا تجاهلت قادة المستوطنين المحرضين باستمرار على قتل الفلسطينيين.
ووفقا للائحة الاتهام ضد المستوطنين الثلاثة، فإنهم ضربوا أبو خضير على رأسه وبعد ذلك أحرقوه حيًّا مما أدى إلى استشهاده.
وأكد الحقوقي الفلسطيني، أنه لن يتم التفريط في دماء الفتى أبو خضير، وأنهم سيذهبون إلى كل ساحات القضاء لملاحقة قتلته والمحرضين عليه.
والد محمد: إنها نازية جديدة
من جانبه قال والد الضحية حسين أبو خضير، "محمد"، للصحفيين في المحكمة: "سنذهب إلى المحكمة الجنائية الدولية بهذه القضية".
وأضاف: "أنا ووالدة محمد لا ننام الليل ونأخذ الحبوب، ودائما ما نفكر كيف حُرق محمد.. وفي النهاية تتم تبرئة القاتل بزعم أنه مجنون.. إنها نازية جديدة".
واستنكر مماطلة الاحتلال بإصدار الحكم على المتهمين الذين نفذوا الجريمة، وقال: "الاحتلال يغلّب عنصريته، فلا يُتوقع من محاكمه أن تنصف وتأخذ حق ابنه الشهيد".
واستهجن أبو خضير عدم إصدار قرار بهدم منازل القتلة الثلاثة بحجة عدم اعتبارها خطوة رادعة، في حين يهدم الاحتلال منازل الفلسطينيين ذوي الشهداء.
يذكر أن المحاكم الإسرائيلية تُصدر قرارات تسمح بهدم منازل ذوي منفّذي العمليات الفلسطينية، كخطوة عقاب جماعي؛ في حين أنها لم تطبق ذلك على قتلة الطفل أبو خضير.
وأكد أن العائلة لن تكتفي بالمحاكم الإسرائيلية المتحيزة إلى الجلاد بدلا من الضحية، مشيرا إلى نيته التوجه إلى المحاكم الدولية لتوقيع أقصى العقوبات بحق قتلة ابنه.
تفاصيل صادمة
وحسب مواقع إسرائيلية، فإن المتهم الرئيسي يوسيف حاييم بن دافيد (31 عاما) إخصائي عيون ويقيم في مدينة القدس وكان معه في هذه الجريمة اثنان من الفتية "الإسرائيليين" تبلغ أعمارهم 14 عاما (حُظر نشر اسميهما).
وأشارت صحيفة "معاريف" إلى أن "التحقيقات شملت معلومات صادمة" عن الجريمة، دون أن تفصح عن مزيد من التفاصيل، لافتا إلى أن لائحة الاتهام تتضمن اختطاف وقتل الفتى أبو خضير بسبب أصوله العربية.
وأوضحت أن بن دافيد كان يدّعي طوال التحقيق والمحاكمة أنه ليس مسؤولًا عما جرى، مشيرة إلى أن التحقيقات "أظهرت أنه أجبر الفتى أبو خضير على ركوب السيارة وتوجه به إلى غابة قريبة من مكان اختطافه، وهناك خنقه ثم ضربه بوحشية حتى فقد وعيه تماما، ثم سكب مواد قابلة للاشتعال عليه ووضعه على النار وأحرقه حتى الموت".
وعلى مدى أكثر من عام، عقدت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس، عدة جلسات استمعت خلالها إلى والد الطفل ومحاميه، وإلى النيابة العامة وإلى منفذي عملية القتل ومحاميهم.
وكان للقرار وقع الصدمة على عشرات الفلسطينيين الذين نظموا وقفة قبالة مقر المحكمة الإسرائيلية شرقي القدس، رفعوا خلالها صورا للفتى أبو خضير وأعلامًا فلسطينية، ويافطات كُتب عليها "حماية المستوطنين جريمة دولية".
إدانة واسعة
وردد المشاركون هتافات غاضبة ومنددة بالاحتلال والمستوطنين، بينما لقي القرار إدانة فلسطينية واسعة.
واستنكرت حركة فتح القرار، مؤكدة أنه يثبت عدم نزاهة القضاء الإسرائيلي.
من جهته، اتهم الناطق باسم الجهاد الإسلامي، داوود شهاب، إسرائيل، بأنها تحمي الإرهاب وترعاه.
وقال شهاب في بيان تلقت "العين" نسخةً منه، إن "محاكمات الاحتلال تكمل دور الجناة المجرمين في العدوان"، مضيفا "نحن لا نعول على محاكم الاحتلال وإنما لدينا إرادة مقاومة لمحاسبة الإرهابيين والمستوطنين والثأر لكل الشهداء".
وأدانت حركة "حماس" قرار المحكمة الإسرائيلية، وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري، في بيان، إن "هذا الأمر دليل على عنصرية الاحتلال ورعايته لجرائم المستوطنين بحق الشعب الفلسطيني".
رؤية قانونية
كما أدان القرارَ الأمينُ العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى، مشددا على أنه "من حق والد الشهيد الطفل أبو خضير اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قتلة طفله محمد، 16 عاما.
وشدد عيسى على أن "الجرائم التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلية على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة بحق المدنيين الفلسطينيين العزل تعتبر غير إنسانية".
وقال: "كل الأفعال التي قامت بها قوات الاحتلال منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في الرابع من حزيران لسنة 1967، خصوصا في حروبها الثلاث الأخيرة ضد قطاع غزة، وعمليات القتل المباشر في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة وقطاع غزة، خصوصا في هبة الجماهير الفلسطينية الأخيرة التي بدأت أحداثها منذ بداية أكتوبر الماضي، وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة، تندرج تحت بند ما يسمى (جريمة الحرب)".
وأضاف عيسى، وهو أستاذ للقانون الدولي: "إسرائيل تتحمل المسؤولية المدنية استنادًا إلى نص المادتين 1 و29 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، حيث يقع على مسؤوليتها التوقف الفوري عن هذه الانتهاكات ضد الفلسطينيين باعتبارهم أهدافا محمية أولا، وتقديم التعويض المالي للأسر الفلسطينية المتضررة نتيجة هذه الانتهاكات الجسيمة ثانيا".
كما أكد أن القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تتحمل "المسؤولية الجنائية"، مشددا على أن "هذه الجرائم لا تسقط بمرور الزمن أو التقادم وفقًا لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكَبة ضد الإنسانية لسنة 1968م، ولنص المادة 29 من نظام روما لسنة 1998".
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg
جزيرة ام اند امز