معبر رفح .. بوابة غزة إلى العالم مغلقة بأمر الانقسام الفلسطيني
محمود يترقب فتح معبر رفح لإكمال رحلة علاجه في القاهرة
دعوات لفتح معبر رفح دون النظر للاعتبارات السياسية
ينتظر الطفل الفلسطيني محمود أبو نصر بفارغ الصبر، فتح معبر رفح الحدودي ليستكمل رحلة علاجه من مرض السرطان في مصر، ليتفادى الآثار السلبية المترتبة على الانقطاع الطويل عن العلاج.
ومعبر رفح.. هو البوابة الوحيدة التي تربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، دون مرور الفلسطيني من تحت بنادق جيش الاحتلال الاسرائيلي المتحكم في حدود القطاع كافة، لكن الانقسام الفلسطيني وما ترتب عليه من عدم اتفاق على آلية إدارة المعبر، فاقم من أزمة إغلاقه ليهدد ذلك حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
ويخشى محمود، البالغ 14 عاما من تدهور حالته الصحية بعدما أصيب " بطرد عكسي مزمن"، ترك أثره الواضح على النطق والنظر لديه، وهو ما يستدعي تلقيه علاجا مكثفا؛ لمنع تدهور حالته الصحية، وفق والده الذي تحدث لبوابة "العين": "طفلي بحاجة ماسة لإجراء فحوصات مخبرية غير متوفرة في مستشفيات غزة، وبحاجة لتناول جرعات علاج غير متوفرة هنا أيضاً".
وهناك 3500 فلسطيني يعانون من أمراض لا يتوفر للمرافق الصحية في قطاع غزة الإمكانيات اللازمة لعلاجهم، ينتظرون فتح المعبر الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي دون المرور بقوات الاحتلال الإسرائيلي.
آلاف المرضى
وحسب الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، فإن هناك مئات المرضى ينضمون كل فترة لقائمة المرضى الرئيسية، يسعون للعلاج خارج القطاع، من أمراض الدم والأورام، وزراعة الكلى، وجراحات العمود الفقري، والجراحات التخصصية، وغيرها من الأمراض المستعصية على العلاج في غزة.
ويوضح القدرة لبوابة "العين" أن إغلاق معبر رفح منع مرضى غزة من استكمال رحلاتِ علاجهم في مصر، مشيراً أن 1000 مريض كانوا يخرجون شهريًّا للعلاج في المستشفيات المصرية.
ومرّ أكثر من عام على محمود وهو ينتظر مغادرة المعبر لمتابعة العلاج في معهد ناصر الطبي بالقاهرة، على أمل أن ينهي رحلة علاجه ويعود لحياته الطبيعية "التي تأثرت بالمرض منذ 3 سنوات"، وفق ما أكد لبوابة "العين".
ومنذ وقوع الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي انتهى بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة منتصف عام 2007، ومغادرة قوى الأمن التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس مواقعها، أغلقت السلطات المصرية المعبر، ولا تفتحه إلا بين فترة وأخرى لإدخال أعداد محدودة من أصحاب الحاجات الإنسانية.
وكانت السنة الحالية الأكثر "إغلاقاً" للمعبر، إذ لم يفتح طوال الأحد عشر شهرا الماضية إلا 19 يوماً وفق إحصائية لوزارة الداخلية في غزة، وظل مغلقا طوال 315 يوماً، في ظل مطالبات تنشد حركة "حماس" رفع يدها عن المعبر وتمكين حكومة التوافق من إدارته.
ويخشى 25 ألف مواطن ينتظرون على قوائم السفر، أغلبهم من المرضى وطلبة الدراسات العليا والعاملين في الدول الخارجية، ضياع فرص التعلم والعلاج والعمل المتاحة لهم حالياً.
خلافات السياسة
وفي محاولة لحل الأزمة، توصلت السلطة الفلسطينية عبر مبعوث الرئيس محمود عباس، عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إلى تفاهمات مع السلطات المصرية قبل أسبوعين، تقضي بإعادة فتح المعبر "إلى أقصى حد ممكن" للسماح بحركة الطلاب والعمال والمرضى وحتى البضائع التجارية.
وقال الأحمد: "الاتفاق ينص أيضاً على السماح بتدفق السلع عبر معبر رفح، على أن يتم ذلك بالتنسيق الكامل بين الأجهزة والوزارات المعنية في السلطة الفلسطينية ومصر، "مشيراً إلى أن "القطاع الخاص الفلسطيني سيقوم بالتصدير والاستيراد عبر مصر، بتنسيق مع الوزارات المعنية في السلطة التي تنسق العملية مع نظيرتها المصرية، وهو ما يعني أن الضرائب والرسوم ستدفع لوزارة المالية الفلسطينية".
بدورها، رأت حماس -التي تسيطر بشكل فعلي على القطاع- صعوبة تحقيق الاتفاق على أرض الواقع "دون توافق الكل الفلسطيني"، وأوضحت على لسان القيادي فيها غازي حمد، أنه "لم يتم التشاور أو التواصل مع قيادة حماس بشأن الاتفاق على آليات جديدة لفتح معبر رفح البري"، بخلاف معطيات أخرى أكدت وجود تشاور بالشأن مع قيادة حماس في الخارج.
وعدّ حمد في حديثه لـ "بوابة العين"، أن تجاهل حركته وعدم التنسيق معها بخصوص المعبر "يعقد الأمور"، قائلاً : " لا يمكن تجاهل حماس، وكان من الأفضل لفتح التنسيق والتعاون، خصوصاً أن حماس قدمت تنازلت كثيرة"، في حين أن الفلسطينيين العالقين يطالبون الجميع بالتنكر لمصالحهم الخاصة من أجل المصلحة العامة.
ودعا حمد القاهرة إلى فتح المعبر، "دون أي اعتبارات سياسية، والأخذ في الحسبان الأبعاد الإنسانية لإغلاقه الطويل أمام حرية حركة وتنقل الفلسطينيين"، وهو مطلب ترفعه العديد من القوى الفلسطينية مع إبداء تفهمها لمتطلبات الأمن القومي المصري.
ويعتقد ذو الفقار سويرجو عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن أي اتفاق لإعادة تشغيل المعبر البري لن يكتب له النجاح، ما لم تتراجع الحركتان (حماس وفتح) عدة خطوات للوراء، لتحقيق المصلحة الوطنية العليا، ودون التنازل منهما سيفشل أي اتفاق.
ويقول سويرجو لبوابة "العين": "الاتفاقيات المتعلقة بالمعبر لن يكتب لها النجاح إذا جرت خارج إطار اتفاق الحركتين"، مطالبين الجانين بـ "حتمية تقديم الكثير من التنازلات لصالح المواطن المنهك من طول الحصار الإسرائيلي على القطاع".
ويشدد على ضرورة تغليب كل القوى الفلسطينية "البعد الإنساني للمعبر على الأبعاد السياسية والإدارية"، لأن المواطن بات في حاجة ملحة لمعبر مفتوح يتيح له التحرك بسهولة لقضاء حاجاته المختلفة.
ويدعو ياسر الوادية عضو الإطار القيادي لمنظمة التحرير ورئيس تجمع الشخصيات المستقلة، لإبعاد موضوع معبر رفح عن الانقسام وتداعياته القاسية، لأن أهالي القطاع يدفعون ثمناً باهظاً نتيجة إغلاقه الدائم، وأشار إلى إمكانية تجاوز نقطة الخلاف حول المعبر بتوفر "النوايا الصادقة" لدى الحركتين.
ويؤكد الوادية لبوابة "العين"، أهمية" تقديم مختلف الأطراف الفلسطينية الجانب الخدماتي لطواقم العمل في المعبر على الجوانب الأخرى"، التي من شأنها تأجيج الخلافات وتفجير الصراعات الداخلية.
aXA6IDE4LjIyMS44LjEyNiA= جزيرة ام اند امز