مقتل زعيم طالبان في باكستان أثناء عودته من إيران يثير تساؤلات حول علاقة طهران بالحركة وإذا كانت إيران من سلمته لواشنطن على طبق من ذهب
أثار إعلان مقتل الملا أختر منصور، زعيم حركة طالبان الأفغانية في باكستان بعد عودته من إيران في نفس اليوم، ليلة السبت الماضي، العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة العلاقات بين طهران ومتمردي طالبان، وما إذا كانت السلطات الإيرانية سلمت واشنطن الملا أختر منصور على طبق من ذهب بعد اتفاق نووي يعاني وقعه الطرفان في يونيو/حزيران الماضي.
وعقب تأكيد الإدارة الأمريكية والأفغانية مصرع الملا منصور بضربة طائرة دون طيار في مدينة كويتا الباكستانية بالقرب من حدودها مع إيران، عاد التركيز من جديد على شكل العلاقة بين الحركة المتمردة وطهران، رغم الاختلاف المذهبي بينهما.
وبرز الاختلاف بين إيران وطالبان عام 1998 وهو الوقت الذي حكمت في طالبان مناطق واسعة في أفغانستان، حيث هددت طهران وقتها بهجمات ردًّا على مقتل 9 من دبلوماسيها العاملين بالقنصلية الإيرانية في مدينة مزاري شريف أثناء استيلاء الحركة الأفغانية على المدينة.
بعد عدة سنوات من إطاحة واشنطن بطالبان عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، اتخذت إيران مسارًا مختلفًا، حيث بدأ الحرس الثوري الإيراني في دعم عناصر طالبان بالمتفجرات للوقوف ضد الولايات المتحدة وتحالفها في كابول، فحسب تقرير وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، بدأ هذا الدعم في 2006، إن لم يكن قبل ذلك.
وبحلول عام 2010 حسب ما نقله موقع شبكة "سي.إن.إس" الأمريكية، قال البنتاجون في تقريره السنوي عن القوات الإيرانية، إن "مخازن للأسلحة تم الكشف عنها مؤخرًا في أفغانستان، واحتوت على كميات كبيرة من أسلحة إيرانية التصنيع من بينها صواريخ عيار 107 ميلليمترات، والتي سلمها الحرس الثوري الإيراني لمليشيات أفغانية".
ووصفت تقارير البنتاجون السنوية سياسة إيران في أفغانستان بـ"متعددة الأوجه"، حيث أشارت إلى أن طهران تدعم كلا من حكومة حميد كارازي وقتها، وجماعات تمرد مختلفة في البلاد والتي كانت معادية للحكومة.
وجاء تقرير 2012 ليشير إلى أن "دعم إيران لطالبان غير المتناسق مع عداوتهم القديمة، يوضح إستراتيجية إيران في المنطقة بدعم أكبر عدد من الجماعات لتوسيع نفوذها وتقويض أهداف واشنطن وحلف شمال الأطلسي (ناتو) عن طريق إثارة العنف".
وفي 2014، أتاحت طهران لحركة طالبان أن تعمل من خلال مكتب لها في مدينة مشهد الإيرانية، في الجهة المقابلة لإقليم حيرات الأفغاني (شمال شرق)، بل وأفادت وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير لها أن "الحرس الثوري الإيراني يدرب عناصر طالبان ويدعمهم بالأسلحة الصغيرة والمتفجرات والمدافع والصواريخ".
وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية دعم طهران العسكري لطالبان في تقرير نشرته يونيو/حزيران العام الماضي، نقلت فيه عن أحد قادة الحركة الأفغانية ويدعى عبدالله أنه يتوجه إلى الجهات الراعية في إيران عندما يحتاج أسلحة أو ذخيرة من أي نوع، فضلًا عن 580 دولارًا أمريكيًّا يتقاضاهم من نفس الجهات كراتب شهري.
وحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، كانت أبرز لحظات التقارب بين إيران وطالبان هي زيارة رئيس وفد الحركة بمحادثات السلام الأفغانية إلى طهران في مايو/آيار العام الماضي التي قيل وقتها إنها ليست الأولى من نوعها، ولكن إيران نفت حدوث هذه الزيارة أصلًا، رغم تأكيد طالبان على أنهم ناقشوا مع مسؤولين إيرانيين خطر تنظيم "داعش" الإرهابي في المنطقة والذي يهدد مصالح الطرفين.
وتحالف إيران وطالبان لن يشكل فقط رادعًا لتوسع "داعش" في أفغانستان، ولكنه سيخدم أيضًا كورقة مساومة في العلاقات بين طهران والحكومة الأفغانية، والتي أعلنت دعمها العام الماضي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية لمكافحة الانقلابيين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، وهو ما لم تنساه السلطات الإيرانية حتى الآن.
ويبقى السؤال الأكثر طرقًا للأذهان هو ما إذا كانت طهران سلمت الملا أختر منصور للإدارة الأمريكية، بعد اتفاق نووي وقعته إيران مع واشنطن والقوى الست الكبرى في العالم يوليو/تموز 2015، لضمان عدم سعيها للحصول على أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.
فخلال الشهور التي تلت توقيع الاتفاقية، ارتكبت إيران بعض الانتهاكات للبنود التي وقعت عليها عن طريق إطلاق صواريخ بالستية كتجارب عسكرية المفترض أنها ممنوعة من ممارستها، وهو ما أغضب قوى الغرب في ظل الاتفاق الموقع، ما قد يجعل تسليم الملا منصور تعويضًا أو تسريعًا للاتفاق.
ومازالت إيران والولايات المتحدة تتجاذبان الأطراف حول التفعيل الحقيقي للاتفاق ما يتيح لإيران العودة إلى السوق الاقتصادي العالمي، حيث يزعم مسؤولين إيرانيين أن واشنطن تقف في طريق تفعيل وسريان الاتفاق النووي وبنوده خاصة الاقتصادية منها.
ورغم إقرار مجلس النواب الأمريكي (الكونجرس) للاتفاق النووي ودعمه للرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلا أن الأسبوع الماضي طالب نواب بالكونجرس حضور مستشار البيت الأبيض بن رودس للإدلاء بشهادته حول الاتفاق المثير للجدل بعد مقال له في مجلة "نيويورك تايمز" حول "حملة تسويقية قادتها إدارة أوباما للترويج للاتفاق النووي الإيراني".
aXA6IDE4LjIyMy4xNTguMTMyIA== جزيرة ام اند امز