الأسد باقٍ وفق مخطط أمريكي روسي "سري" لحل أزمة سوريا
دستور جديد وبرلمان يختار الرئيس.. أبرز آليات تسوية الأزمة السورية وفق مخطط أمريكي روسي.
كشفت دوريس كاريون، وهي باحثة في المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدولية (تشاتام هاوس)، عن مخطط أمريكي روسي، لصياغة تسوية للأزمة السورية تلحظ بقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه، على الرغم من التباينات التي أظهرتها اجتماعات فيينا الأخيرة.
وذكرت "كاريون" في دراسة نشرها المعهد، وهي محدودة التداول، أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد ألمح إلى هذا المخطط في نهاية مارس/ آذار الماضي، بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. وأن المسودة التي وضعها الطرفان، قد حددت مواقيت لجدول أعمالها أجله نهاية شهر أغسطس/ آب المقبل، أي قبيل دخول استحقاق الانتخابات الرئاسية الأمريكية مراحله الحرجة بالنسبة للإدارة الحالية.
وبحسب الدراسة المنشورة، فإن مجرد الحديث عن طبيعة الخطة الجديدة، ومواقيتها، يدلان على تبدل في المفاهيم التي حكمت حتى الآن محادثات السلام المتعلقة بسوريا، وبما يشي بأن ما يسمى المرحلة الانتقالية لم تعد موضوع تأييد من جانب القوى العالمية المعنية بالصراع.
صيغة حكم جديدة
وفي رأي الباحثة، فإن محادثات فيينا الأخيرة، التي أجرتها المجموعة الدولية لدعم سوريا، تفيد بشكل أكثر وضوحًا أن الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى جزءًا من أي صيغة حكم جديدة في سوريا، وهو أمر يخالف، بشكل جدي وجذري، كل صيغ الحلول التي تم بحثها في مؤتمرات واجتماعات دولية منذ العام 2012، حول حكومة انتقالية في سوريا ذات سلطات تنفيذية كاملة، تمهد لصياغة نظام دستوري جديد، وهو الأمر الذي أكده بيان مؤتمر جنيف الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، ومن ثم تبناه بعد شهر مجلس الأمن الدولي في قراره 2254.
والأمر اللافت الذي كشفته الباحثة دوريس كاريون في دراستها، هو اجتماع سري عقد في سويسرا، وضم كل من المستشار في البيت الأبيض روبرت مولي والمبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف، ودرسا فيه تفاصيل مشروع الحل الروسي الأمريكي، على قاعدة دستور جديد أساسه وثيقة وضعت في دمشق ومن ثم قدمت للروس.
وبينما كان الأمريكيون والروس يحققون هذا التقدم فيما بينهم، كانت كل المحادثات السياسية بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية، تنتهي إلى الفشل، على النحو الذي حدث في محادثات جنيف في 27 أبريل/ نيسان الماضي.
وضع دستور جديد
وهذا ما يفسر حرص الجانبين الروسي والأمريكي على إبقاء مباحثاتهما طي الكتمان، خصوصًا عند درس تفاصيل تتعلق بتشكيل الحكومة الانتقالية، ومسؤولياتها في صياغة الدستور الجديد، وإقرار عقد اجتماعي واضح للدولة السورية.
وبحسب الدراسة المنشورة، إذا ما وضع على طاولة محادثات السلام مسودة دستورية روسية أمريكية هذا العام، فإن ذلك يعني أن عنصر الحسم هذا في مرحلة التسوية الانتقالية لن يأخذ بعين الاعتبار موافقة أو رفض الجهات الدولية والإقليمية الداعمة لأطراف الحرب السورية.
لكن في كل الأحوال، فإن وضع دستور جديد لا يعني بحد ذاته تطبيقًا للمرحلة الانتقالية، أو حلًا للأزمة.
فقد تم في السنة الثانية للأزمة وضع مسودة لدستور سوري جديد في دمشق وتمت الموافقة عليه من خلال استفتاء 90% من الأصوات الناخبة.
وبصرف النظر عن الانتقادات التي وجهت إلى شرعية ذاك الاستفتاء، لكن تصاعد العمليات الحربية أظهرت أن دستورًا جديدًا هو بأي حال من الأحوال لا يشكل عملية انتقالية. وهو ما ترفضه قوى في المعارضة السورية، التي وجهت انتقادات علنية إلى الخطة التي تحدث عنها وزير الخارجية الأمريكي. ففي رأي جزء من المعارضة السورية فإن الدستور الجديد ينبغي أن ينتج عن جمعية تأسيسية يدعو إلى انتخابها مؤتمر وطني عام. وفي المقابل يوافق بعض المعارضين على أن تتولى حكومة انتقالية مدعومة من تحالف دولي وضع مبادئ دستورية، وليس دستورًا جديدًا.
البرلمان يختار الرئيس
ومن الواضح، بحسب هذه الدراسة، أن الاتفاق الروسي الأمريكي، لم يعتن كثيرًا بالآراء الناقدة، بل واصل ممثلو الطرفين درس تفاصيل، أقل ما يمكن وصفها به أنها لوجستية، وتتعلق بكيفيات وآليات مرحلة الحل. ومن آليات الحل مثلًا، أن انتخاب الرئيس السوري المقبل، سيتم من قبل البرلمان وليس من قبل عموم الشعب كما هو حاصل حاليًا.
والبرلمان نفسه سوف يكون منتخبًا من قبل المواطنين السوريين المقيمين في سوريا، وهم في غالبيتهم من المؤيدين لنظام بشار الأسد، فيما سيقصى عن العملية الانتخابية ملايين السوريين الذين تم تهجيرهم قسرًا أو بإرادتهم إلى أصقاع الأرض، وهم في غالبيتهم من المعارضين للنظام.
هذه التسوية التي تغضب المعارضين لنظام الأسد وداعميهم، تلحظ دورًا لهؤلاء، فيما يمكن وصفه بأنه جوائز ترضية، عن طريق إحداث مناصب لعدة نواب لرئيس الجمهورية تمنح لشخصيات معارضة، ويتم توزيعها على أساس طائفي ومذهبي.
aXA6IDMuMTQ3Ljc4LjI0MiA= جزيرة ام اند امز