علي لاريجاني.. إعادة التوازن بين أجنحة المحافظين في إيران
إعادة انتخاب علي لاريجاني، رئيسًا لمجلس الشورى الإيراني، محاولة لإعادة التوازن بين قوى الجناح المعتدل في التيار المحافظ، والمتشددين.
لم تكن إعادة انتخاب علي لاريجاني، الذي يصنّف بـ"المحافظ المعتدل"، رئيسًا لمجلس الشورى الإيراني، سوى محاولة لإعادة التوازن بين قوى الجناح المعتدل في التيار المحافظ، والمتشددين، الذي فقده الإصلاحيون في مايو/أيار الماضي، بانتخاب أحمد جنتي رئيسًا لمجلس خبراء القيادة.
لاريجاني، وهو مهندس الاتفاق النووي الإيراني بين طهران والقوى العالمية، حصل على 137 صوتًأ مقابل 103 لخصمه الإصلاحي محمد رضا عارف، حيث أشار مراقبون إلى أن نواب الأحزاب الإصلاحية فضّلت التصويت للاريجاني، نظرًا لواقعيته السياسية التي تؤيد هذا الاتفاق الذي تم توقيعه في يوليو/تموز 2015، وهو ما ساعده أيضًا على كسب تأييد المستقلين.
وكان رئيس مجلس الشورى الإيراني، أسهم بشكل واضح في التوصل لاتفاق بين إيران والقوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ما أدى إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، مقابل التزامها بتخفيض برنامجها النووي.
ويبدو أن نتائج انتخابات رئيس مجلس الشورى، تعد امتدادًا لنتائج الانتخابات التشريعية نفسها، باعتبارها استفتاءً على الاتفاق النووي، بل وسياسية الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني، الذي ينتمي أيضًا للجناح المعتدل في التيار المحافظ، لكن يعول عليه الإصلاحيون في المزيد من الانفتاح والتحرر.
لكن، يبدو أن المهمة لن تكون سهلة، ففي 24 مايو/أيار 2016، تم انتخاب الرجل البالغ من العمر 89 عامًا والمصنف ضمن التيار المحافظ المتشدد، أحمد جنتي، رئيسًا لجلس خبراء القيادة، الذي يتمتع بنفوذ واسع وقوي في قيادة العملية السياسية في إيران، وذلك بـ 51 صوتا، من بين 88 عضوا في المجلس، متفوقًا على المعتدل إبراهيم أميني، والمحافظ محمود هاشمي شهروردي.
وتنطلق أهمية هذا المجلس، من كونه يتولى اختيار القائد الأعلى للثورة، كما يمتلك سلطة على قراراته ومراقبة أنشطته، كما يتولى رئيسه أمانة مجلس صيانة الدستور، الذي يتحكم في كافة الاستحقاقات الانتخابية من ناحية، وعملية التشريع من ناحية أخرى.
وكان القائد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي، صاحب الكلمة العليا في كافة شئون الدولة الإيرانية، قد بعث برسالة إلى أعضاء مجلس خبراء القيادة، قبل التصويت، طالبهم فيها بالعمل على حماية "الهوية الإسلامية" والثورية للبلاد.
ويرى مراقبون أن انتخاب جنتي، يعتبر إشارة تدل على أن التيار المتشدد مازال يمتلك القوة الرئيسية في العملية السياسية، رغم المكاسب التي حققها الإصلاحيون والمعتدلون في الفترة الماضية.
ورغم السيطرة الفعلية للتيار المحافظ على مقاليد الأمور في إيران، إلا أن صراعاته الداخلية، ربما يدفع بمزيد من النفوذ للمعتدلين الأقرب للإصلاحيين، وهو ما يجسده صراع رافنسجاني – خامنئي، حول نفوذ كل منهما في النظام الإيراني.
فقد صعد الصراع بينهما إلى السطح، بعد أن رفض خامنئي، ترشيح علي خميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإيرانية ما بعد الثورة، لمجلس الخبراء، وهو ما اعتبره هامشي رافسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، خطوةً لتقليص نفوذ الأخير في النظام السياسي، وهو ما دفعه للهجوم عليه في الاحتفال بذكرى عودة الخميني من منفاه في فرنسا.
ودون الخوض في تفصيلات هذا الصراع، فإن قوة رافنسجاني في النظام السياسي، لا يمكن تجاهلها، إذا يتولى بموجب سلطته، الحكم بين مجلس الشورى (البرلمان) ومجلس صيانة الدستور، في حال نشوب خلافات بينهما، وتكون قراراته نافذة بعد مصادقة المرشد الإيراني.
ويقدم المجمع النصح إلى المرشد عندما تستعصي على الحل مشكلة ما تتعلق بسياسة الدولة، ويختار في حالة موت المرشد أن عدم قدرته على ممارسة مهامه، بقرار من مجلس الخبراء، عضوا من مجلس القيادة، يتولى مهام المرشد حتى انتخاب مرشد جديد.
في المقابل، يجد خامنئي معاونة من مجلس صيانة الدستور، الذي يتولى رئاسته آية الله جنتي، رئيس مجلس خبراء القيادة أيضًا، حيث يعتبر نافذة لتطبيق رغبات ورؤى المرشد التشريعية.
ويتحكم مجلس صيانة الدستور في كل ما يتعلق بالاستحقاقات الانتخابية، بدءًا من عملية الإشراف على اختيار المرشحين لمجلس الخبراء، وإقرار المتقدمين للترشح في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ومنحهم الإذن بخوض الانتخابات، حتى الإشراف على فرْز الأصوات، والنظر في مدى مطابقة القوانين للشريعة، وفي حالة الصدام مع البرلمان، يتم رفع الأمر إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام.
يتضح من العرض السابق، أن إعادة انتخاب علي لاريجاني، رئيسًا لمجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، يأتي ضمن الصراع الداخلي داخل التيار المحافظ، بين المعتدلين والمتشددين، لكن المؤكد أن حدود هذا الصراع، وما ينتج عنه من قرارات وتشريعات، ستقف حدودها عند مجلس خبراء القيادة والمرشد الأعلى، اللذين يقودان التيار المتشدد.
aXA6IDMuMTQ0LjguNzkg جزيرة ام اند امز