3 طروحات فاشلة لشركات صغيرة في البورصة المصرية.. ما الأسباب؟
بورصة مصر شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية فشل 3 طروحات نتيجة اقتصارها على ترويج الاكتتاب في الأسهم على السوق المحلية.. وماذا أيضًا؟
تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة تحديات كبيرة في إقناع المستثمرين بالبورصة المصرية بالاكتتاب في أسهمها خلال عملية الطرح العام التي تلجأ إليها لتوفير تمويل لمشروعاتها أو تمكين أحد المساهمين من بيع حصته.
وبرزت ظاهرة مواجهة الشركات الصغيرة والمتوسطة لصعوبات في إنجاح عمليات طرح الأسهم بعد فشل شركة التوفيق للتأجير التمويلي في طرح 8 مليون سهم بقيمة إجمالية قدرها 40 مليون جنيه، نتيجة عدم استيفاء شرط وصول عدد المساهمين بالشركة بعد عملية الطرح إلى 300 مساهم.
ويأتي ذلك بعد 3 أشهر تقريبًا من فشل كل من شركتي دي بي كي للأدوية وآي تي سينرجي في جذب أموال المستثمرين لتغطية كامل قيمة طرحهما، مما أدى إلى عدول الشركتين عن فكرة طرح أسهمهما بالبورصة.
وقد حدد خبراء سوق المال مجموعة عوامل أدت إلى فشل أكثر من طرح لهذه الشركات، في مقدمتها هو اعتمادها على المستثمرين المحليين في تغطية الطروحات، وذلك في الوقت الذي يعاني هؤلاء المستثمرين من انخفاض السيولة المتاحة لديهم.
هذا فضلاً عن عدم تقديم الشركات الصغيرة والمتوسطة ما يطمئن المستثمرين بعدم انخفاض سعر السهم عند تداوله عن سعر الطرح، على عكس الشركات الكبيرة التي تخصص 15% من حصيلة الطرح لدعم سعر السهم خلال أول 3 أشهر من تاريخ التداول.
وأكد الخبراء أن صعوبة تغطية طرح الشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل عبْئا جديدًا عليها في ظل مواجهة بعضها صعوبات في الاقتراض من البنوك لتمويل مشروعاتها أو عمليات التشغيل.
قال عادل عبدالفتاح، العضو المنتدب لشركة المصرية العربية ثمار لتداول الأوراق المالية، إن الشركات الصغيرة والمتوسطة في البورصة أصبحت تواجه معاناة كبيرة في الحصول على تمويل عبر طرح أسهمها في البورصة المصرية، بعد أن شهدت مؤخرًا فشل طرح 3 شركات خلال عدة أشهر متتالية.
وأوضح أن هذا الفشل لا يرتبط بطبيعة المركز المالي لهذه الشركات؛ لأن هناك شركات مستقرة منذ عدة سنوات، وتحتل مكانة جيدة في القطاع الذي تعمل فيه، مثل التوفيق للتأجير التمويلي التي سجلت نموًا في الأرباح بنسبة 85% خلال الربع الأخير والذي تزامن مع بدء ترويج الطرح بين المستثمرين.
وأكد عبدالفتاح أن العامل المشترك بين طروحات الشركات الصغيرة والمتوسطة التي فشلت في إقناع المستثمرين بشراء أسهمها هو التركيز على ترويج أسهمها بين المستثمرين ومؤسسات الاستثمار التي تعمل في السوق المحلية فقط من خلال فتح باب الطرح للجمهور العام، وليس القيام بترويج الأسهم في الخارج على غرار ما تقوم به بنوك الاستثمار الكبرى عند الترويج للشركات ذات الأحجام الكبيرة.
وهناك نوعان من ترويج الأسهم، هما البيع للجمهور العام من الأفراد وأية مؤسسات بالسوق المحلية، والنوع الثاني يتمثل في ترويج طرح خاص بالمؤسسات الاستثمارية الأجنبية والخليجية والأفراد الأثرياء "الأفراد ذوي الملاءة المالية المرتفعة" في الأسواق الخارجية سواء بمنطقة الخليج أو أوروبا أو أمريكا أو جنوب إفريقيا.
وشهدت الشهور الأخيرة تخصيص بنوك الاستثمار 90% من الأسهم المطروحة لشريحة الطرح الخاص في الخارج، مقابل 10% للمستثمرين بالسوق المصرية.
واعتبر عبدالفتاح أن الطروح الخاصة للمؤسسات الاستثمارية والأثرياء في الخارج هو السبب في نجاح الطروحات الكبيرة التي شهدتها السوق مؤخرًا مثل إعمار مصر وإيديتا ودومتي، ومن المرشح أيضًا نجاح طرح مستشفى كليوباتر بنفس الطريقة، نظرًا لأنه عندما يغطي المستثمرون في الخارج للأسهم المطروحة، يعطي ذلك ثقة للمستثمرين المحليين في جاذبية الشركات المطروحة وقدرتها على تحقيق أرباح.
وتابع "حجم السيولة المتاحة بحوزة المستثمرين المصريين الأفراد باتت قليلة للغاية، وهو ما يتجلى في انخفاض أحجام التداول إلى 400 مليون وأحيانًا 300 مليون جنيه في الجلسة الواحدة، لذلك باتوا لا يغامرون في الاستثمار في أسهم الشركات الجديدة إلا إذ كان هناك اهتمام من كبار المؤسسات المالية والمستثمرين في الخارج بها".
وبرأى عبدالفتاح أن عجز الشركات الصغيرة عن الحصول على تمويل عبر البورصة، يعد أمر سيئ للغاية بعد أن واجه بعضها صعوبات في الحصول على تمويل من البنوك، بخلاف معوقات تدبير الدولار لاستيراد المعدات أو المواد الخام.
فيما رصد محمود رأفت، الخبير بسوق المال، سببًا آخر وراء فشل الطروحات الصغيرة وهو عدم تقديم ما يطمأن المستثمرين الأفراد حيال عدم خسارة أموالهم في حالة انخفاض سعر السهم عن سعر الطرح خلال الأيام الأولى من التداول.
وأوضح رأفت أن الشركات الكبيرة تخصص حساب يُعرف بحساب دعم واستقرار سعر السهم يضم 15% من حصيلة اكتتاب المستثمرين في الأسهم المطروحة ويديره بنك الاستثمار الذي تولى ترويج الطرح، ويقوم بنك الاستثمار باستخدام هذا الحساب في إعادة شراء أسهم بالشركة المطروحة في حالة انخفض سعر السهم بالبورصة عن سعر الطرح.
وأكد أن تلك الآلية تُطمئن المستثمرين بأن السهم يتمتع بفرص قوية في عدم الانخفاض تحت مستوى سعر الطرح، في حين أن الشركات الصغيرة ترفع اللجوء إليها باعتبار أن حجم الطرح صغير وليس في حاجة إلى إنشاء حساب لدعم سعر السهم.
كما لفت الخبير بسوق المال إلى أن مخاوف خفض البنك المركزي لسعر الجنيه مرةً أخرى يشكل هو الآخر هاجسًا لدى المستثمرين بشكل عام وتحديدًا في الخارج، حيث ينعكس سلبًا على القيمة الفعلية للأسهم، فضلاً عن تراجع قيمة تحويل الأرباح للخارج بالدولار أو أي عملة أجنبية أخرى.
وقد قام البنك المركزي بخفض سعر الجنيه قبل شهرين مقابل الدولار من 7.73 جنيه إلى 8.88 جنيه، ويتجاوز سعر الدولار بالسوق السوداء حاجز 10 جنيهات.
وأضاف رأفت أن بنوك الاستثمار تستطيع تجاوز هذا التحدي عبر اقناع المستثمرين الأجانب بفرص النمو التي تحظى بها الطروحات مقارنة بالفرص الاستثمارية المتاحة في الأسواق الناشئة الأخرى.
من جانبه، رأى الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة المصرية، إنه لا يمكن اعتبار أن هناك حالة فشل عامة تواجه طروحات الشركات الصغيرة والمتوسطة في البورصة، والدليل على ذلك تغطية طرح "بي أم الهندسية" ببورصة النيل للشركات الصغيرة والمتوسطة 29 مرة قبل شهرين.
ومع ذلك أكد عمران أن انخفاض أحجام التداول قد تتطلب من الشركات بذل مزيد من الجهود لإقناع المستثمرين المصريين بالاكتتاب فيها، سواء عبر الترويج لفرص النمو التي تتمتع بها أو طرح الأسهم بأسعار تقل بنسب جيدة عن القيمة العادلة.