سكان الفلوجة .. يحلمون بوجبة أرز بعد الفرار من "داعش"
8 أياد تمتد إلى الطبق المعدني، فهو وجبة الأرز الأولى التي تتناولها هذه الأسرة العراقية منذ عامين، بعد هربها من سيطرة تنظيم "داعش".
تمتد 8 أياد الى الطبق المعدني، فهو وجبة الأرز الأولى التي تتناولها هذه الأسرة العراقية منذ عامين، بعد هربها من سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة الفلوجة في غربي العراق.
نصبت الخيمة للتو وعلى الأرض فرش بساط من ورق الفقاعات المستخدم للف، ورغم الحر الشديد إلا أن الابتسامة تعلو وجوه ناصرة نجم وابنتها وأحفادها.
وتقول ناصرة المسنة بوجهها الموشوم: "كنا نحلم بمثل هذه اللحظة، لم أعد واثقة أن الأرز لا يزال موجودًا لهذا لما رأينا الطبق لم نصدق أنفسنا".
وكانت ناصرة بلغت المخيم في عامرية الفلوجة، قبل 12 ساعة، بعد أن سارت مع عائلتها طوال الليل تقريبا حتى لا يرصدهم حراس التنظيم الإرهابي.
بدأت القوات العراقية قبل أسبوع الاستعداد لعملية واسعة لتحرير الفلوجة في محافظة الأنبار (غرب) وأعلنت صباح الإثنين اقتحام هذه المدينة من 3 نقاط.
وحث تقدم القوات العراقية بعض المدنيين على الفرار من مشارف المدينة.
ويؤمن المجلس النروجي للاجئين، الذي يدير العديد من المخيمات في عامرية الفلوجة، المأوى والمساعدات لنحو 3 آلاف شخص هربوا في الأسبوع الماضي.
وتكشف شهاداتهم الظروف الصعبة، التي يعاني منها نحو 50 ألف شخص، لا يزالون عالقين في المدينة شبه المعزولة عن سائر العراق منذ أشهر.
في خيمة ناصرة، يختصر ماهر صبيح، وهو رجل طويل القامة في متوسط العمر، الوضع قائلًا: "كان وزني 103 كيلوجرامات أما اليوم فأنا أزن 71 كجم".
ويقول جميع الوافدين مؤخرًا من مدنيي الفلوجة، إنهم عانوا من انقطاع الخبز والأرز.
وتروي مديحة خضير، وهي تجلس في خيمتها الفارغة مع ابنتيها،: "كانت معاناة، اضطررنا إلى طحن نوى التمر لصنع الطحين".
وتابعت مديحة، التي كانت تسكن في قرية خاضعة لسيطرة الإرهابيين بالقرب من الفلوجة، "طعمه حامض جدًا ولا أحد يريد أكله".
وعندما بدأت تستذكر رحلة الهروب اغرورقت عيناها الغائرتان بالدموع.
وقالت مديحة، التي غطت رأسها بوشاح أحمر: "أوكلنا أمرنا الى الله وحملنا متاعنا ومضينا، عندما لمحنا إحدى شاحناتهم أنحنينا أرضا لكننا نجحنا في النهاية".
المخاطرة بكل شيء
تقول رسمية عباس، وهي مسنة تلتف بعباءة سوداء بينما تحمل حفيدها البالغ من العمر 5 أيام بين ذراعيها، إن مقاتلي "داعش" كانوا يوزعون حصصًا قليلة على الأهالي ويحتفظون بالطعام الجيد لأنفسهم.
وتضيف "بلغ ثمن كيس من السكر (يحتوي على بضعة كيلوغرامات) 50 ألف دينار (40 دولارًا) أما الأرز فكانوا يوزعون ربع كيلو أحيانًا وهو بالكاد يكفي لإعداد وجبة للأطفال".
وتروي "لم يكن لدينا سوى خبز الشعير الأسمر لو رأيتمونه لرفضتم أن تأكلوه، داعش احتفظ بالأرز والخبز الجيد".
وصلت كل العائلات البالغ عددها 252 أسرة الى مخيم الفلوجة الجديد مع تدشينه السبت.
وفي الخيم المصفوفة بترتيب نام بعض الأطفال في الظل ليستريحوا من عناء الرحلة وللوقاية من قيظ الظهيرة.
أما الأطفال الباقون فملئوا قنانٍ بلاستيكية بالماء أو وقفوا في طوابير مع أمهاتهن أمام سيارة إسعاف توزع أدوية.
وفي مكان قريب، يجهد عمال لبناء مراحيض لتلبية احتياجات العدد المتزايد لسكان المخيم.
وسجل الأحد أكبر عدد من النازحين من مدينة الفلوجة لكن ومع تزايد حدة المعارك واقتحام المدينة صباح الإثنين فإن من المتوقع قدوم أعداد أكبر.
وقالت بيكي بكر عبدالله، منسقة الإعلام للمجلس النروجي للاجئين: "نعد مساعدات أكبر بشكل مسبق لنقدمها إلى الأسر التي نامل أن تتمكن من الفرار".
ولفت أحمد صبيح إلى أن الوصول إلى المخيم محفوف بالمخاطر.
وقال هذا الأب، البالغ أربعين عامًا والذي وصل إلى المخيم عند الرابعة فجرًا: "لا بد من اختيار طريق سالكة والذين لم يعرفوا طريقهم جيدًا تعرضوا للقتل".
وختم بالقول "قررت المخاطرة بكل شيء، الحل الوحيد كان إما أن أنقذ أطفالي أو أن أموت معهم".