"الليشمانيا".. وجه آخر قبيح في الحرب السورية
داء "الليشمانيا الجلدي" انتشر في المناطق التي يسيطر عليها "داعش" في سوريا بحسب دراسة أمريكية
داء "الليشمانيا الجلدي"، مرض مداري يسبب تشوهات جلدية خطيرة، بات يهدّد دول الشرق الأوسط بعد أن انتشر في سوريا، لا سيما في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي، بحسب دراسة أمريكية.
وحذرت دراسة نشرت مؤخرا في دورية "بلوس" العلمية من أن المرض يهدد الآن مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين أو المحاصرين في مناطق الصراع، محذرة من أن "وضعا مماثلا يمكن أيضا أن يتكشف في شرق ليبيا واليمن".
وتحدث الإصابة بداء الليشمانيا الجلدي عن طريق طفيل في مجرى الدم ينتقل عن طريق لدغات "ذبابة الرمل"، وتنتج عنه تقرحات مفتوحة رهيبة وكذلك تشوهات جلدية والتهابات وبثور
وداء "الليشمانيا" كان متوطنا في سوريا لعدة قرون، وكان معروفا فيما مضى باسم "شر حلب"، إلا أن استمرار الحرب الأهلية في سوريا، وأزمة اللاجئين الناجمة عنها، قد أثارت موجة كارثية من تفشي المرض.
وفي تصريحات لمجلة "ديجيتال جورنال" الكندية الإلكترونية، قال بيتر هوتز، عميد "الكلية الوطنية الأمريكي لطب المناطق المدارية"، والمبعوث العلمي الأمريكي للشرق الأوسط، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "نشهد الكثير من الأمراض، ومن بينها داء الليشمانيا في مناطق النزاع، ونحن بحاجة إلى احتوائها أو المخاطرة بوضع آخر مثل إيبولا من مناطق الصراع في غرب أفريقيا في عام 2014".
وبعد سنوات من الصراع، تدمر نظام الرعاية الصحية في سوريا، وفي عام 2015 أشارت تقارير إلى أن أكثر من نصف المستشفيات العامة في البلاد التي كانت سابقا رائدة إقليميا في مجال الرعاية الصحية، أغلقت أو تعمل بشكل جزئي فقط، ما يضطر بعض المرضى إلى قطع مسافات تصل إلى 161 كيلو للوصول إلى أقرب مستشفى.
وفي سوريا، تضاعف عدد حالات المصابين بداء الليشمانيا التي أبلغت بها وزارة الصحة من 23 ألف مصاب قبل بدء الحرب الأهلية في عام 2011 إلى 41 ألف في عام 2013، وفقا لدراسة "بلوس".
كما أبلغت البلدان المجاورة، التي استقبلت ملايين اللاجئين أيضا عن ظهور العديد من حالات الإصابة بداء الليشمانيا، ففي لبنان، ارتفعت الحالات إلى 1033 في عام 2013؛ مقارنة بست حالات فقط خلال السنوات الـ12 السابقة، كما تم الإبلاغ عن مئات الحالات في تركيا والأردن.
وفقا للعلماء، لوحظ في شرق ليبيا أيضا أعداد متزايدة من الإصابة بداء الليشمانيا، وفي اليمن يتم الإبلاغ عما يقدر بنحو 10 آلاف حالة جديدة سنويا، ومع هجرة اليمنيين إلى المملكة العربية السعودية، تزداد المخاوف من تفشي هذا المرض أبعد من ذلك.
وفي تصريحات لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قال الطبيب وليد سالم من "كلية ليفربول للطب المداري": "إنه وضع سيء للغاية، انتشر المرض بشكل كبير في سوريا، وكذلك في دول مثل العراق ولبنان وتركيا وحتى في جنوب أوروبا مع دخول اللاجئين".
وأضاف: "هناك آلاف الحالات في المنطقة، ولكن لا يزال يتم الاستهانة بها، لأنه لا يمكن إحصاء العدد الدقيق للمصابين".
وأوضح أنه "عندما يتعرض الأشخاص للدغات ذباب الرمل التي هي أصغر من البعوض، يمكن أن يستغرق الأمر ما بين شهرين وستة أشهر لحدوث العدوى".
وأشار إلى أنه "ربما يصاب شخص بالعدوى في سوريا، ولكنه يفر بعد ذلك إلى لبنان أو تركيا، أو حتى أوروبا لطلب اللجوء".
ولفت إلى أنه "قبل اندلاع الحرب كانت هناك سيطرة جيدة على الأمراض والطفيليات وذباب الرمل، ولكن عندما بدأ الصراع لا أحد يهتم، وساءت الظروف وتعطل النظام الصحي، ما خلق بيئة مثالية لانتشار المرض".
وداء الليشمانيا الجلدي هو واحد من بين 17 مرضا استوائيا مصنفة بحسب منظمة الصحة العالمية على أنها "مهملة"، حيث تقول المنظمة إن زيادة الوعي بهذا المرض، وتحسين عمليات الرصد، وتدريب الأطباء، ومكافحة ناقلات الأمراض يمكن أن يساهم إلى حد ما في وقف الوباء.
aXA6IDMuMTMzLjE1My4xNSA= جزيرة ام اند امز