"كلاي الدبلوماسي".. وجه لا يعرفه كثيرون
ألقاب كثيرة تقلدها كلاى إلى جانب "بطل الملاكمة العالمي"، إلا أنه لعب دورًا قد يجهله الكثيرون، وهو الرجل الدبلوماسي.
محمد على كلاى.. صاحب البشرة السمراء، القومي المثير للجدل، والمعارض لحرب فيتنام، والمسلم المتدين، وصاحب الأعمال الإنسانية ..
ألقاب كثيرة تقلدها كلاى إلى جانب "بطل الملاكمة العالمي"، إلا أنه لعب دورًا قد يجهله الكثيرون، وهو الرجل الدبلوماسي.
رصد مايكل عزرا مؤلف كتاب "محمد علي صناعة أيقونة "البعثات الدبلوماسية التي شارك فيها عليّ، في مجلة "بلوتيكو" الأمريكية.
في البداية، نظر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ومستشاروه في إرسال عليّ ليكون مبعوثًا إلى إيران أثناء أزمة الرهائن، ولكن هذه البثعة لم تتم، فقد اتفقوا في نهاية المطاف أن آية الله الخميني لن يتفاوض مع أي أمريكي مهما كان مشهورًا.
فى عام 1980، قرر كارتر الاستعانة بالرصيد السياسي الكبير لكلاى لدفع أجندة أمريكية على المسرح العالمي، لاسيما تجنيد دول للانضمام إلى مقاطعة الولايات المتحدة لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية في موسكو.
فشل عليّ فشلًا تامًا في هذا الدور، ولكن أسباب فشله وتفاصيل ما حدث كانت انعكاسًا مثاليًا لشخصية كلاى، فعدم القدرة على التنبؤ به إلى جانب انفتاحه، وهما عيوب قاتلة في مبعوث مكلف ببعثة دبلوماسية، كانتا الصفتين اللتين جعلتاه جذابًا بقوة للناس وجعلتا منه الرمز الثقافي الذي كان عليه.
بدأ الأمر عندما أصبحت المقاطعة الأمريكية لدورة الألعاب الأولمبية نقطة جذب عالمية، فردًا على الغزو السوفيتي لأفغانستان سحب كارتر الفريق الأمريكي من ألعاب موسكو، ووافقت ما يزيد عن 60 دولة على عدم المشاركة أيضًا، كان أغلبهم من حلفاء الولايات المتحدة.
كلفت أمريكا كلاى بالمهمة، وكان عليه السفر على متن طائرة تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية إلى تنزانيا ثم كينيا ونيجيريا وليبيريا والسنغال، وكان دوره ترديد رأي كارتر بأن المشاركة في الألعاب بمثابة موافقة على احتلال الاتحاد السوفيتي المقيت لأفغانستان.
كان هناك ملايين من الأفارقة يحملون مشاعر الإعجاب لأسطورة الملاكمة، وكان كارتر على ثقة بأن عليّ شخصية مبجلة في أفريقيا ستلقى كلمته صداها عند شعب أفريقيا.
لكن، ومن اللحظة الأولى التي وصل فيها كلاى إلى تنزانيا، كان واضحًا أن رحلته لن تنجح، فبحلول عام 1980 كان عليّ يعاني من مرض باركنسون وظروف اجتماعية وصحية سيئة، ومنذ لحظة وصوله واجه المعارضة.
كان الاتحاد السوفيتي قد دعم عددًا من الثورات الشعبية في القارة الأفريقية، وبينما لم يكن هناك أي دولة موجودة على مسار الرحلة حليفة للسوفيت، كانت هناك شكوك كبيرة حول دوافع الولايات المتحدة والتزامها بالمصالح الأفريقية.
وبالعودة 4 سنوات إلى الوراء، نجد أن الولايات المتحدة رفضت دعم مقاطعة دعت إليها 29 دولة لدورة الألعاب الأولومبية الصيفية في مونتريال.
فإذا كانت الولايات المتحدة رفضت دعم المقاطعة الأفريقية للأولمبياد فلماذا يجب على الدول الأفريقية دعم المقاطعة الأمريكية للأولمبياد؟ وعندما سُئل كلاى هذا السؤال لم يكن لديه إجابة.
وأثناء سفره من دولة إلى أخرى كان محمد على يواجه حججًا مقنعة لتجاهل المقاطعة الأمريكية، ووجد نفسه متعاطفًا مع الأفارقة.
وفي تنزانيا، وردًا على استفسارات المحررين، اعترف عليّ بأنه ربما يُستخدم للقيام بأمر غير صحيح، وأن المحررين يجعلونه ينظر إلى الأمور بصورة مختلفة، وإن وجد نفسه على خطأ سيعود إلى أمريكا ويلغي الرحلة بأكملها، وفي نيجيريا، قيل لعليّ إن الدولة سوف تشارك في الألعاب.
في النهاية، عاد عليّ إلى بلاده وذهب إلى البيت الأبيض، حيث قال لكارتر ما كان يعرفه، وهو أن الأمور لم تسر كما يجب.
ومن المستحيل معرفة ما إذا كانت لزيارة عليّ إلى أفريقيا أي تأثير على الإطلاق، على الرغم من أن كينيا وليبيريا دعمتا المقاطعة الأمريكية.
وكان كلاى لا يزال مناهضا للاستعمار بقوة، ويميل إلى تقرير أصحاب البشرة السمراء لمصيرهم.
ومن ثم، كان رأى كارتر بأنه يجب على الدول الأفريقية اتباع القيادة الأمريكية موقفًا لا يسهل على كلاى تقديمه من القلب.
ولم تكن حملة الأولمبياد الفاشلة البعثة الدبلوماسية الأخيرة لكلاى، ففي أغسطس 1990 بعد فترة قصيرة من غزو الكويت، أسر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين آلاف الرهائن الأجانب من بينهم 15 مواطنًا أمريكيًا عمل بعضهم في مصنع "جينيرال موتورز" في بغداد.
استخدم حسين الرهائن بمثابة دروع بشرية، وأسكنهم في مواقع اعتقد أنها قد تتعرض للقذف بالقنابل الأمريكية، وفي نوفمبر أرسل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عليّ إلى العراق لضمان إطلاق سراح الأمريكيين وإعادتهم معه.
بعد قضاء أسبوع في بغداد ظهر عليّ لسبب غير مفهوم مع الرهائن الأمريكيين، بعد فشل جميع المحاولات الأخرى، ويقال إن حسين أخبر الناس أنه لن يترك عليّ يرحل خالي الوفاض.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA=
جزيرة ام اند امز