إسرائيل وإيران بعد حرب الـ12 يوما.. هجمات سيبرانية بلا هدنة

رغم انتهاء المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران بعد 12 يوما من القتال في يونيو/حزيران الماضي، لكن جبهة أخرى لم تهدأ مطلقا: الحرب السيبرانية.
وبحسب تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، لم تتوقف الهجمات الرقمية المتبادلة بين الطرفين، بل تصاعدت وتيرتها، لتكشف عن صراع خفي لا تحكمه اتفاقات وقف إطلاق النار ولا قيود الجغرافيا.
وأشار إلى أنه، في أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية المفاجئة على إيران، تعرض مسؤولون في تل أبيب لوابل من الرسائل النصية المريبة المحمّلة بروابط خبيثة، التي يُعتقد أن مصدرها طهران.
وتنوّعت الهجمات الإيرانية بين محاولات اختراق مؤسسات إسرائيلية عبر ثغرات في برمجيات "مايكروسوفت"، وحملات تصيّد موجّهة طالت شخصيات بارزة، بانتحال هويات دبلوماسيين وحتى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
لكن إسرائيل، التي لطالما انخرطت في معارك رقمية مع إيران منذ عملية فيروس "ستاكس نت" التي عطّلت أجهزة الطرد المركزي في منشأة "نطنز" لتخصيب اليورانيوم عام 2010، ردّت بضربات سيبرانية أكثر شدة.
ووفق تصريحات رسمية إيرانية، تعرّضت طهران خلال الحرب الأخيرة لأكثر من 20 ألف هجوم سيبراني، وُصفت بأنها الأوسع في تاريخ إيران، من بينها عمليات عطّلت الدفاعات الجوية قبيل بدء القصف الإسرائيلي.
المعركة الرقمية لم تقتصر على الهجمات التكتيكية، بل شملت حملات تجسّس مكثفة سبقت الحرب، مكّنت إسرائيل - بحسب خبراء - من جمع معلومات تفصيلية عن علماء نوويين وقادة عسكريين إيرانيين، ما ساعدها على استهداف واغتيال أكثر من 12 منهم في الساعات الأولى من الصراع.
وفي ميدان الهجوم الاقتصادي، نفّذ فريق القرصنة غونشكي داراندي، المرتبط بإسرائيل، عملية اختراق جريئة لبورصة العملات الرقمية الإيرانية نوبيتكس Nobitex، أتلف خلالها أصولًا تُقدّر بـ 90 مليون دولار.
كما طالت الهجمات مصرفين كبيرين في إيران — "سبه" و"باسارغاد" — وتسببت في شل مراكز البيانات الأساسية والاحتياطية.
على الجانب الآخر، شنت مجموعات موالية لإيران عمليات اختراق وتسريب استهدفت نحو 50 شركة إسرائيلية، مع التركيز على المؤسسات الصغيرة في سلاسل الإمداد، مثل شركات اللوجستيات والوقود.
وشملت الهجمات نشر السير الذاتية لآلاف الإسرائيليين العاملين في مجالات الدفاع والأمن، وإرسال رسائل مزيفة باسم "القيادة الداخلية" الإسرائيلية تدعو السكان لتجنب الملاجئ، إضافة إلى محاولات لاختراق كاميرات المراقبة لرصد مواقع سقوط الصواريخ.
ورغم تقليل الخبراء من أثر الهجمات الإيرانية على البنية التحتية الحيوية في تل أبيب، أثارت الاختراقات التي طالت الدفاعات الرقمية الإيرانية قلقا واسعًا في طهران، ودعت قياداتها إلى وضع خطط عاجلة لتعزيز القدرات السيبرانية، وسط انتقادات لبنية البيانات المركزية التي يُعتقد أنها سهّلت عمليات التسلل.
ويرى محللون أن الفضاء السيبراني بات ساحة المواجهة المفضلة للطرفين، نظرا لما يوفره من إنكار رسمي وإمكانية الاستهداف دون إشعال مواجهة عسكرية مباشرة، خاصة في ظل الضغوط الدولية، وعلى رأسها من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للحفاظ على الهدوء العسكري.
وكما وصف أحد الخبراء الإسرائيليين: "يمكنك أن تفعل ما تشاء في الفضاء السيبراني… وغالبا لن يعترض أحد"