«بيوت آمنة».. إيران تُحصّن «عقولها النووية» بمواقع سرية

إيران تنقل علماءها النوويين المتبقين إلى مواقع سرية محصنة، في خطوة استباقية لمواجهة تحرك محتمل ضدهم من قبل إسرائيل.
وكشفت صحيفة "تليغراف" البريطانية عن قيام إيران بنقل علمائها النوويين المتبقين إلى مواقع سرية محصنة، في خطوة استباقية لحملة تصفية إسرائيلية والتي أودت بحياة أكثر من 30 باحثًا بارزًا خلال السنوات الأخيرة.
وذكر مسؤول إيراني رفيع المستوى للصحيفة أن العلماء لم يعودوا يقيمون في منازلهم أو يمارسون التدريس الجامعي، وجرى نقلهم مع عائلاتهم إلى "بيوت آمنة" داخل طهران ومنتجعات ساحلية شمالية تحت حراسة مشددة.
وشهدت الإجراءات الأمنية الإيرانية غير المسبوقة تزامنا مع ثلاثة تطورات خطيرة، الأولى هي، تحذيرات استخباراتية من عمليات تصفية إسرائيلية وشيكة تستهدف علماء نوويين.
والثانية، تنفيذ طهران حكم الإعدام بحق العالم النووي روزبه ودي بعد اتهامه بتسهيل عمليات قتل لصالح إسرائيل خلال حرب يونيو/ حزيران 2025.
والثالث، كشفت تقارير استخباراتية عن احتفاظ تل أبيب بقائمة سوداء تضم 100 عالم نووي إيراني، تم تحديد هويات 15 منهم على الأقل، ما يضعهم أمام خيارين مريرين: الاستمرار في العمل تحت تهديد الموت أو التخلي عن مسيرتهم العلمية.
استراتيجيات المواجهة من الجانبين
من جهة، يتبنى الجانب الإسرائيلي نهجا عدائيا صريحا، حيث يصف محللون عسكريون الجيل الحالي من العلماء الإيرانيين بـ"الأموات الأحياء"، مشيرين إلى أن تصميم البرنامج النووي يضمن وجود بديل لكل عالم رئيسي ضمن فرق عمل مصغّرة – وهو ما يحافظ على استمراريته حتى بعد الاغتيالات.
وتتركّز المخاوف الإسرائيلية تحديدا على انتقال بعض العلماء إلى برنامج تسليح نووي سري تابع لـ"منظمة الابتكار والبحث الدفاعي"، خاصة الخبراء في تصميم الرؤوس الحربية وتطوير صواريخ "شهاب-3" لحملها.
وفي منحى متصل، كشفت وثائق استخباراتية أن إسرائيل وسّعت نطاق استهدافها ليشمل مراكز المعرفة، حيث شنّت غارات الشهر الماضي على جامعتي شهيد بهشتي والإمام حسين في طهران بسبب ارتباطهما العضوي بتخريج كوادر البرنامج النووي.
تحولات أمنية ودعوات للتغيير
أدت حرب يونيو/ حزيران 2025 - التي شملت قصفا أمريكيا للمنشآت النووية الإيرانية وردا صاروخيا على إسرائيل - إلى إعادة هيكلة جذرية لنظام حماية العلماء، حيث انتقلت المسؤولية من وحدة الحرس الثوري إلى توزيعها على وكالات أمنية متعددة، في محاولة لتجنب اختراق المنظومة الأمنية.
ورغم التأكيدات الإيرانية المتكررة على سلمية برنامجها النووي، تواصل إسرائيل تصنيف علماء طهران كتهديد استراتيجي يجب تحييده.
وهذا التناقض يضع إيران أمام معضلة وجودية تتمثل في الحفاظ على كفاءاتها النووية النادرة تحت سيف الاغتيال الدائم، أو مراجعة مسار برنامجها في وقت تتعمق فيه العزلة الأمنية لعلمائها رغم كل إجراءات الحماية المشددة، مما يحوّل إنجازاتهم العلمية إلى حكم إعدام معلّق.