طريقة "العصفورة".. أردنيات يدربن أطفالهن على الصوم
في شهر رمضان تواجه الأم إصرار أطفالها على الصوم، ما يخلق لديها تخوفا على صحتهم
يسعى الأطفال دوما لتقليد الكبار، وفي شهر رمضان تواجه الأم إصرار أطفالها على الصوم، ما يخلق لديها تخوفا على صحتهم، وقدرة أجسادهم على تحمل مشقة نقص الغذاء والسوائل لفترة تجاوز 15 ساعة خلال 30 يوما متتالية.
وفي حديث لبوابة "العين" الإخبارية، أشارت أمهات أردنيات إلى أنهن لجأن لطريقة التي تسمى "صوم العصفورة"، حيث يصوم الطفل من الفجر حتى أذان الظهر، ليتناول الطعام والشراب طوال فترة ما قبل العصر، ثم يستكمل الصيام حتى المغرب، ويجتمع مع أفراد العائلة وهو يشعر بأنه قد صام مثل الكبار، فيستحق على ذلك الجلوس إلى المائدة الرمضانية والجوائز التي أحضرها له أبواه على صيامه.
تروي أم سامر التل، كيف تواجه رغبة طفليها في الصيام بالرغم أن أكبرهم عمراً لا يتجاوز السادسة، قائلة: "الأطفال لديهم حب وفضول أن يصبحوا كالكبار، وعندما يذهب ابني الكبير إلى المسجد مع والده ويلتقي بأصحابه هنالك، يبدأ كل طفل بسرد قصته مع الصيام، ويعود الطفل محملا برغبة عارمة بالصيام بالرغم أن عمره صغير".
تضيف: لقد اتفقت مع ابني على حل وسط، حتى لا نختلف ويجرب متعة الصيام، فكان الحل هو "صيام العصفورة" أي الصيام لساعات محدودة وليس للمغرب، وبالفعل الآن يصوم حتى يتدرب على الصيام، وأيضاً يتعود على الالتزام".
أما أم ثائر اللوزي، فترى أن صيام الأطفال غير جائز من الناحية الصحية، فالأطفال في طور نمو، وفي رمضان سيفتقدون الحليب وهو العنصر الأساسي في التغذية، وسيعانون من نقص السوائل وأنواع مختلفة من الفيتامينات.
وأضافت: "طفلتي الصغيرة التي تبلغ من العمر خمس سنوات مصرة أن تصوم، حتى لا تشعر أنها مختلفة عمن حولها، وعندما عرفت أنني لا أريد أن تصوم أصبحت مصرة بشكل أكبر، وامتنعت عن الطعام، وعندما رأيتها تفعل ذلك، أخبرتها أن الأطفال يجب أن يصوموا لفترات محددة، وعندما تكبر تصوم لساعات أطول، وبالفعل كان صيام العصفورة هو الحل، خاصة أن معظم الأطفال يصومونه، ويتحدثون فيما بينهم عن هذا الصيام".
نظام غذائي متوازن
الطبيب طارق الفرح، المختص بالتغذية، يؤكد أهمية أن يتأكد الأهل أن صحة الطفل تسمح له بالصيام أولاً، ومن ثم يتم الاهتمام بتغذية الطفل أثناء الإفطار.
وفي حديث لـ"بوابة العين" يوضح أن أهم عاملين أساسين في تغذية الأطفال هما توفر عنصر الكالسيوم والحديد، وفي شهر رمضان تختل هذه الاحتياجات الأساسية، إذ يصبح تركيز الطفل نحو السكريات، ويجب أن تستغل الأسرة فترة السحور، لتوفير وجبة صحية متوازنة للطفل بديلة عن الإفطار.
وأشار إلى أن قدرة الأطفال الذين ينتمون إلى نفس الفئة العمرية على الصيام، تتفاوت تبعاً للعديد من العوامل مثل بنية الطفل وحالته الصحية، وهل لديه أمراض مزمنة أم لا، وفي أي من أوقات السنة تصادف قدوم الشهر الكريم، فإن صيام رمضان خلال فصل الصيف يترافق ونقص السوائل في أيام الحر، مما يعرض الطفل للجفاف.
ونصح بإمداد الطفل بسوائل متنوعة طوال فترة ما بعد الإفطار لضمان تعويض حالة الجفاف التي تحدث خلال النهار، وأيضاً أن يحتوي غذاء الطفل اليومي على الفاكهة الطازجة والخضروات لتعويض أي نقص في الفيتامينات والأملاح المعدنية اللازمة لنمو الطفل الطبيعي.
ولفت إلى ضرورة الانتباه لمحتوى السعرات الحرارية للأغذية التي يتناولها الطفل؛ حيث إن جوعه خلال الصيام قد يدفعه لتناول كميات كبيرة من الحلويات والمكسرات التي تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة، مما قد يسبب بنهاية الشهر زيادة وزن الطفل بشكل غير صحي.
التدرب على الالتزام
أمين عام دائرة الإفتاء الأردنية الدكتور محمد الخلايلة، يبين أن صيام الطفل في نهار رمضان ليس على وجه التكليف والوجوب، وإنما على وجه التحبيب والترغيب، ويبدأ استحباباً من سن السابعة، كي يتدرب على التزام الشريعة بالتدريج، حتى إذا ما كبر وبلغ وجد في نفسه الطواعية الكاملة للتقرب إلى الله سبحانه، وابتغاء الأجر والمثوبة.
وأشار إلى أنه ينبغي أن يعرف الوالدان حقيقة مسؤوليتهم تجاه أبنائهم، بتحبيب الصيام إلى نفوسهم، واستعمال وسائل الترغيب التي تعينهم عليه كالجوائز المادية والدعم النفسي، وتعظيم المشاعر الرمضانية التي يحبها الصغار والكبار، ليكون الشهر الفضيل أحب إليهم مما سواه من الأشهر.
ولفت إلى أن هذا يعلم الأبناء أن الله عز وجل يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر، وإنما يناله سبحانه التقوى من عباده، وأن الصيام ليس هو الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل أخلاق حسنة، ومعاملة كريمة، وتحمل للمسؤولية، وعناية تامة بالتربية والتعليم، وبهذا يتحقق المقصد الشرعي في صيام الأطفال.
وأوضح أنه في الوقت نفسه لا ينبغي إهمال الأمر وفسح أنواع الطعام والشراب لهم في نهار رمضان، بل يراعي الوالدان مقصد الصيام الذي ذكرناه آنفا، ويلاحظان أيضاً بُنْيَة طفلهما وعمره وقدرته على تحمل الصوم، وبناءً عليه يأمرانه إما بإتمام الصوم أو بالفطر درءا للضرر، والمهم ألا يؤدي الصوم بالطفل إلى الشدة، وألا ينفر عن تلك العبادة فيكره تكاليفها.
ووجدت دراسة أجريت في هولندا للمقارنة بين التحصيل الدراسي للطلبة المسلمين وباقي الطلاب، أن قدرة الطلاب المسلمين على التحصيل الدراسي تنخفض كلما زاد التداخل بين جدول السنة الدراسية وبين شهر رمضان، وما يرتبط به من صيام.
كذلك أجريت دراسة أخرى على تأثير الجفاف على أداء طلاب مدرسة ابتدائي لتمارين تقيس القدرات الإدراكية، وقد وجدت أيضًا أن تعرض الأطفال للجفاف يؤثر على قدرتهم العقلية، حتى وإن كان الجفاف لا يسبب أعراضًا جسمانية شديدة.
aXA6IDE4LjExNy4xMDYuMjQ3IA== جزيرة ام اند امز