انطلاق انتخابات أول برلمان في سوريا بعد الأسد

انطلقت، صباح الأحد، عملية التصويت في انتخابات أول مجلس شعب سوري (برلمان) بعد سقوط نظام بشار الأسد، إيذانًا ببدء مرحلة سياسية جديدة في البلاد.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة التاسعة صباحًا، لتبدأ عملية التصويت من قبل الهيئات الناخبة المشكلة في المحافظات السورية.
وتُجرى الانتخابات في المراكز المحددة من قبل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في معظم المحافظات، على أن يتم تحديد موعد لاحق للاقتراع في بعض مناطق محافظتي الرقة والحسكة (معدان، رأس العين، تل أبيض).
بينما ستبقى مقاعد باقي الدوائر شاغرة في المحافظتين، إضافة إلى دوائر محافظة السويداء كافة، إلى حين توافر الظروف المناسبة.
من يقوم بالتصويت؟
وأوضح المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، أن التصويت يقتصر على أعضاء الهيئات الناخبة المعتمدين، الذين يبدأون بالتوافد إلى المراكز الانتخابية مع إبراز أوراقهم الثبوتية.
وبعد تسليمهم بطاقاتهم الانتخابية، يتوجه الناخبون إلى رئيس اللجنة الفرعية في المركز لتسلم الورقة الانتخابية المختومة رسميًا، ثم يدخلون إلى غرفة الاقتراع السرّي لإعداد الورقة قبل إيداعها في صندوق الاقتراع بشكل علني.
وأضاف نجمة أن عملية الاقتراع تنتهي مبدئيًا عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا، إلا أنه في حال عدم إدلاء جميع أعضاء الهيئة الناخبة بأصواتهم، يتم تمديد فترة التصويت حتى الساعة الرابعة بعد الظهر كحدٍّ أقصى.
فرز الأصوات وإعلان النتائج
عقب انتهاء الاقتراع، يتم فتح الصناديق بشكل علني أمام وسائل الإعلام لبدء عملية فرز الأصوات، وتُعلَن النتائج الأولية فورًا.
وأوضح المتحدث باسم اللجنة العليا أن النتائج الأولية تُحال بعد إعلانها إلى لجان الطعون للنظر في أي اعتراضات تتعلق بآليات التصويت أو الفرز، على أن تُعلن النتائج النهائية خلال مؤتمر صحفي رسمي تعقده اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب يوم الإثنين أو الثلاثاء المقبلين.
من ترشح لعضوية مجلس الشعب؟
وشهدت المحافظات خلال الأسابيع الماضية سلسلة من الإجراءات التحضيرية، حيث أُغلق باب الترشح في الثامن والعشرين من سبتمبر/أيلول على مستوى 50 دائرة انتخابية في عموم سوريا.
وبلغ عدد المرشحين 1578 شخصًا، شكّلت النساء ما نسبته 14% منهم.
وبدأت الحملة الدعائية للمرشحين في التاسع والعشرين من الشهر ذاته، وانتهت مساء الجمعة، وكان أمس السبت (4 أكتوبر/تشرين الأول 2025) يوم الصمت الانتخابي.
آلية انتخابية جديدة
وتُجرى هذه الانتخابات وفق آلية جديدة مؤقتة حددها المرسوم الرئاسي رقم (66) لعام 2025 الصادر عن الرئيس السوري أحمد الشرع، والذي نصّ على تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب من عشرة أعضاء برئاسة محمد طه الأحمد، لتتولى الإشراف الكامل على العملية الانتخابية.
ونصّ المرسوم على توزيع أعضاء المجلس وفق الكثافة السكانية في المحافظات، وبحسب فئتي الأعيان والمثقفين، مع تعيين ثلث الأعضاء من قبل رئيس الجمهورية، وانتخاب الثلثين عبر لجان انتخابية توزعت مقاعدها على المحافظات.
وفي مرسوم آخر حمل رقم (143) لعام 2025، تم تحديد عدد أعضاء مجلس الشعب بـ210 أعضاء، على أن تُشكّل الدوائر الانتخابية على مستوى المناطق الإدارية، بحيث تتألف الدائرة من منطقة أو أكثر، ولكل منها هيئتها الناخبة التي تتولى انتخاب ثلثي أعضاء المجلس، بينما يقتصر حق الترشح على أعضاء الهيئات الناخبة فقط.
إجراءات نفذتها اللجنة العليا للانتخابات
وأجرت اللجنة العليا منذ تشكيلها جولات ميدانية في المحافظات، وعقدت لقاءات مع مختلف مكونات الشعب السوري للاستماع إلى مقترحاتهم حول النظام الانتخابي المؤقت.
كما عملت على اختيار أعضاء اللجان الفرعية في كل دائرة بالتشاور مع الفعاليات المجتمعية والرسمية، لتتولى الإشراف المباشر على العملية الانتخابية ومتابعة سيرها.
كما تم تشكيل لجان طعون قضائية مستقلة في كل محافظة، مكونة من قضاة منتدَبين من قبل وزير العدل، للنظر في الطعون المقدمة بحق أعضاء اللجان الفرعية والقوائم النهائية للهيئات الناخبة، إضافة إلى النظر في الاعتراضات المتعلقة بنتائج الانتخابات في الدوائر المختلفة.
مرحلة الطعون لأعضاء الهيئات الناخبة
اعتُبرت مرحلة تقديم الطعون على الأسماء الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة في المحافظات من أبرز مراحل العملية الانتخابية، بحسب نوار نجمة، الذي أوضح أن آلية الطعون والمراقبة الشعبية شكلت وسيلة فعالة لمنع تسلل داعمي النظام السابق إلى الهيئات الناخبة.
وأشار إلى أن اللجنة راقبت وسائل التواصل الاجتماعي ورصدت ما يُنشر من وثائق وأدلة تشير إلى دعم بعض الأعضاء للنظام السابق، ليتم إسقاط عضويتهم فور قبول الطعون ضدهم.
شروط حددت أعضاء الهيئات الناخبة
وراعت القوائم النهائية لأعضاء الهيئات الناخبة، الصادرة في السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، جملة من الشروط أبرزها:
- ألا يكون العضو قد شغل مقعدًا في مجلس الشعب أو ترشح له بعد عام 2011 إلا في حال إثبات انشقاقه.
- ألا يكون من داعمي النظام السابق أو التنظيمات الإرهابية أو من دعاة الانفصال أو المتعاونين مع الخارج.
كما رُوعيت مجموعة من المعايير الأخرى، من بينها:
- تمثيل الكفاءات بنسبة 70 بالمئة والأعيان بنسبة 30 بالمئة.
- تحقيق التنوع المجتمعي والسكاني والاختصاصي.
- ضمان تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 20%
- تمثيل المهجّرين وذوي الشهداء ومصابي الثورة وذوي الإعاقة والناجين من الاعتقال.
مرحلة انتقالية جديدة
يُذكر أن مجلس الشعب السوري الجديد سيكون لمدة سنتين ونصف قابلة للتمديد، وتُعد هذه الانتخابات الأولى من نوعها منذ سقوط النظام السابق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، ما يجعلها محطة مفصلية في مسار إعادة بناء المؤسسات التشريعية، وترسيخ أسس المرحلة الانتقالية في سوريا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز