رحلة اختراع الصودا.. 12 مارس ذكرى تعبئة أول زجاجة كوكاكولا في التاريخ «فيديو»
وراء هذا المذاق المثير للمشروبات الغازية، قصة طويلة امتزج فيها العلم بالاقتصاد، حتى صارت الكولا نموذجا فريدا لصناعة ضخمة تنمو بلا توقف.
ففي يوم 12 مارس/آذار من عام 1894 تم لأول مرة تعبئة الكوكاكولا في زجاجات كمنتج استهلاكي للجمهور على يد "جوزيف أ. بيدنهارن"، لكن قبل هذا التاريخ هناك ما يقرب من 130 عاماً من التطور.. حيث ترجع البداية التاريخية لنشأة المياه أو المشروبات الغازية إلى العالم الإنجليزي "جوزيف بريستلي" الذي عاش بين عامي (1733 - 1804) والمولود في بيرستال، بالقرب من باتلي في يوركشاير، حيث يعد أول من قام بإعداد المياه الغازية أو Carbonated water بشكل صناعي في عام 1767، وهي التي أطلق عليها فيما بعد اسم "الصودا". وقد تمت هذه العملية عن طريق تعليق وعاء مملوء بالماء فوق وعاء تخمير في مصنع الجعة، حيث تُطلق أوعية التخمير بشكل طبيعي ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية تحويل السكريات إلى نسبة كحول منخفضة، كما هو الحال في النبيذ الفوار.
وقد أدى هذا النجاح الأولي إلى مزيد من التجارب المثمرة، ونشر جوزيف بريستلي ورقة بحثية بعنوان الكربنة الكيميائية، وبمقتضى هذه العملية تم ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون في الماء المقلب، مما أدى إلى حدوث تفاعل وفوران، ومن هنا جاءت الصودا.
وعلى الرغم من أن بريستلي لم يحاول تسويق العملية تجاريًا، إلا أنه أعطى الطريقة والمكونات للكابتن جيمس كوك في رحلته الثانية إلى المحيط الهادئ، على أمل أن يتم استخدام المياه الغازية كدواء لتخفيف مرض الإسقربوط. لسوء الحظ هذا لم ينجح. وفي هذا الوقت أيضا اكتشف بريستلي وفحص العديد من الغازات الجديدة بما في ذلك كلوريد الهيدروجين وأكسيد النيتروز والأمونيا وأول أكسيد الكربون والنيتروجين، وقام أيضًا بعزل واكتشاف الأكسجين عام 1774، وعند هذه اللحظة أجاب على أسئلة قديمة حول لماذا وكيف تحترق الأشياء، لكن الطريف أن بريستلي لم يطلق على الغاز المكتشف اسم الأكسجين، وإنما كانت تلك تسمية الكيميائي الفرنسي العظيم أنطوان لافوازييه.
كان بريستلي رجلاً إنجليزيًا بالولادة، وكان منخرطًا بعمق في السياسة والدين، فضلاً عن العلوم. وعندما أظهر دعمه الصريح للثورتين الأمريكية والفرنسية البقاء، أصبح من الصعب عليه الإقامة في وطنه إنجلترا، لهذا غادر بريستلي إنجلترا عام 1794 وواصل عمله في أمريكا حتى وفاته.
ابتكار من أجل العلاج
لم يفكر جوزيف بريستلي في استغلال فكرة المياه الغازية المصنعة بصورة تجارية تجلب عليها الربح، فكان الأمر بالنسبة له في البداية مجرد ابتكار كيميائي قد يدخل في العلاج وصناعة بعض الأدوية، لكنه بريستلي لم يكن يتصور أن الورقة البحثية التي نشرها يمكن أن تكون بمثابة شهادة ميلاد لصناعة ضخمة فيما بعد وهي صناعة المشروبات الغازية، أي التي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء.
شويبي.. أصل الصنعة
حيث جذبت الورقة البحثية انتباه صانع ساعات ألماني شاب في جنيف، سويسرا، كان اسمه يوهان جاكوب شويبي. وبعد المزيد من التجارب، تمكن شويبي من تبسيط عملية "الكربنة" من خلال تطبيق مركبين شائعين - بيكربونات الصوديوم وحمض آخر. وبحلول عام 1770، قام شويبي بمساعدة توماس هنري من مانشستر، المملكة المتحدة بإنتاج وبيع أول منتج أسموه «مياه الصودا» للعامة. ثم كانت الليموناضة الفوارة متاحة للبيع عام 1830 (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا)، ثم انتقلت المشروبات الغازية إلى الهند عام 1858. وسهلت أول "سدادة" فعالة لمنع تسرب الغاز من الزجاجات (1892، الولايات المتحدة الأمريكية) وآلة نفخ الزجاج (1899، الولايات المتحدة الأمريكية) في التوسع السريع للصناعة. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن فكرة المشروبات الغازية بدأت في سويسرا، ثم نقلها شويبي إلى إنجلترا في عام 1792 حيث أنشأ أول مصنع للإنتاج على نطاق واسع في لندن.
اختراع الكولا.. خطوة صنعت الفارق
على مدار ما يزيد على 250 عاماً، شهد سوق المشروبات الغازية نموًا وتطورًا كبيرين. ففي يوم 8 مايو من عام 1886 قدم الدكتور جون بيمبرتون أول كوكاكولا في العالم في صيدلية جاكوبس في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية. وانطلاقًا من هذا المشروب المميز الذي طرح كعلاج تطور المنتج ليصبح شركة مشروبات متكاملة وهو شركة كوكاكولا. فقد تم تطوير استخدام المياه الغازية وخلطها بنكهات وسكريات لتعطي مشروبا حلو المذاق، ثم جرت أول تعبئة لكوكاكولا في فيكسبيرغ، ميسيسيبي، في شركة بيدنهارن كاندي في 12 مارس 1894. وكان صاحب أعمال التعبئة رجل يُدعى جوزيف أ. بيدنهارن. وكانت الزجاجات الأصلية عبارة عن زجاجات هتشينغسون، مختلفة تمامًا عن تصميم التنورة المتعرجة اللاحق لعام 1915 المألوف الآن.
اتجاهات السوق
ذلك إن تفضيلات العملاء واتجاهات السوق والظروف الخاصة المحلية وعوامل الاقتصاد الكلي الأساسية كلها ساهمت في توسيع نطاق الصناعة. كما أدى النمو الاقتصادي وارتفاع مستوى الدخل في الأسواق الناشئة إلى زيادة إنفاق المستهلكين على المشروبات الغازية. ومع زيادة القوة الشرائية للناس، فقد أصبحون أكثر استعدادًا للإنفاق على المشروبات الغازية المتميزة والصحية.
ومن ناحية أخرى، في الأسواق الناضجة، تكون الصناعة مدفوعة بالابتكار وإطلاق المنتجات الجديدة لتلبية تفضيلات المستهلكين المتغيرة. كما تحولت المشروبات الغازية نحو الخيارات الصحية في السنوات الأخيرة. وأصبح المستهلكون أكثر وعيًا بالصحة ويبحثون عن مشروبات منخفضة السكر وطبيعية وخالية من الإضافات الاصطناعية. وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على منتجات مثل المياه المنكهة وعصائر الفاكهة الطبيعية والمشروبات الوظيفية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك اتجاه متزايد نحو المشروبات الغازية المتميزة أو الفاخرة، حيث يرغب المستهلكون في دفع سعر أعلى مقابل منتجات فريدة وعالية الجودة. ويتأثر سوق المشروبات الغازية أيضًا بالاتجاهات المختلفة. أحد الاتجاهات الرئيسية هو تزايد شعبية المشروبات الصحية. هذه المشروبات مدعمة بالفيتامينات والمعادن والمكونات الأخرى التي تقدم فوائد صحية. وتلبي تلك المشروبات الطلب المتزايد على المنتجات التي لا تروي العطش فحسب، بل توفر أيضًا قيمة غذائية إضافية.
هيمنة أمريكية على الصناعة
وفقا لأحد التقارير الحديثة، تهيمن أمريكا الشمالية على سوق المشروبات الغازية على مستوى العالم، تليها أوروبا، التي تمتلك أيضًا حصة كبيرة في سوق المشروبات الغازية العالمية. ومن المتوقع أن يؤثر الطلب المتزايد على الأطعمة، ويتأثر سوق أمريكا الشمالية بعوامل تشمل التغيير في العادات الغذائية، وزيادة عدد الشباب. وباعتبارها الإستراتيجية الأكثر اعتماداً، يُعد الولاء للعلامة التجارية المعترف بها جانبًا كبيرًا من صناعة المشروبات الغازية. كما تحدث عمليات الاندماج والاستحواذ المتكررة بين اللاعبين الرئيسيين في سوق المشروبات الغازية على مستوى العالم، وهم: كوكا كولا، وبيبسي كولا، ومجموعة أساهي القابضة، وغيرهم.
aXA6IDE4LjE4OC4xMDEuMjUxIA==
جزيرة ام اند امز