"يطا"..مدينة فلسطينية يفاقم الحصار الإسرائيلي معاناة سكانها
مدينة يطا ثاني أكبر مدن الخليل جنوب الضفة الغربية تعاني جراء حصار إسرائيلي مشدد منذ 5 أيام فاقم من معاناة سكانها من حصار المستوطنات
تجابه مدينة يطا، ثاني أكبر مدن الخليل جنوب الضفة الغربية، منذ 5 أيام حصارًا إسرائيليًّا مشددًا، فاقم من معاناة سكانها من الحصار الذي تفرضه 8 مستوطنات إسرائيلية مقامة على أراضيها ومحيطها.
الحصار بشكله الجديد على المدينة التي تشكل 25% من مساحة الخليل وتبعد عنها 12 كم، جاء كشكل من أشكال العقاب الجماعي ضدها؛ بدعوى انحدار الفلسطينيين محمد وخالد مخامرة، وهما منفذا عملية تل أبيب مساء الأربعاء الماضي التي أدت لمقتل 4 إسرائيليين وإصابة 6 آخرين بجروح.
18 قرية داخلية معزولة
وأكد رئيس بلدية "يطا"، موسى مخامرة، لبوابة "العين" أن الوضع في المدينة لم يعد يحتمل بعد 5 أيام من الحصار وإغلاق الاحتلال لمداخل ومخارج المدينة كافة، خاصة في ظل حملة الدهم والاقتحامات الواسعة التي تخللها تنكيل وتحطيم لأثاث المنازل.
وشدد على أن ما يقوم به الاحتلال هو عقاب جماعي مخالف للقانون الدولي، لافتا إلى أن الحصار يطال 120 ألف من سكان المدينة وينعكس بشكل خطير عليهم خاصة في شهر رمضان المبارك.
وتمتد بلدة يطا على مساحة نحو 275 كيلومترا مربعا على هضبة مرتفعة على أطراف نهايات جبال الخليل تمتد بعدها صحراء النقب وتحيط بها من الشرق والجنوب البريّة الصفراء.
طابعان للحصار
وبحسب مخامرة فإن الحصار الإسرائيلي على البلدة له طابعان؛ الأول حصار داخلي حيث عزلت قوات الاحتلال 18 قرية داخلية تتبع يطا وأغلقت طرقاتها، ما يصعب على سكانها الوصول للمدينة رغم أن خدماتها وتموينها الأساسي منها، وكذلك الحصار الخارجي بمنع تواصل يطا مع باقي مدن الخليل من محيطها؛ رغم الحاجة إلى الخدمات الخارجية مثل المستشفيات وغيرها.
وأكد أن استمرار الاحتلال في حصاره لـ"يطا" يعني منع حركة المواطنين ومنع دخول المواد التموينية ومنع مركبات النفايات، لافتا إلى الخسائر الباهظة التي لحقت بقطاع الحجر والرخام نتيجة لوقف الاستيراد والتصدير منذ أيام.
اعتقالات وهدم وتهديد بالهدم
قوات الاحتلال استغلت الحصار على المدينة وانقطاعها عن العالم الخارجي ودمرت منزلا مكونا من طابقين لعائلة الطفل الأسير مراد اعديس الذي تتهمه بقتل مستوطنة من مستوطنة عنتائيل مطلع العام الجاري، حيث باتت الأسرى المكونة من 10 أفراد بلا مأوى.
وقال الناشط سعد مخامرة لـ"بوابة العين" إن "الاحتلال لم يكتف بحصار المدينة وعزل قراها، بل شن حملات دهم تنكل واعتقال طالت 8 من سكانها، فضلاً عن أخذ مقاسات 3 منازل اثنان منها لكل من محمد وخالد مخامرة، والثالث للمواطن حسين عايش زيد، الذي تتهمه قوات الاحتلال بأنه العقل المدبر لعملية تل أبيب.
تاريخ وآثار
ولبلدة يطا لها تاريخ قديم يعود للعهد الكنعاني حيث سكن الكنعانيون القدماء فلسطين في العصور السابقة، وهي تضم العديد من المواقع الأثرية مثل الجامع العمري ومقام الخضر في منطقة بيت عمرا ومقام سطيح في وسط البلد، وبقايا قصر الكرمل وجامعا وكنيسة في منطقة سوسيه حيث وجد بها النقوش والكتابات القديمة ورصفت أرضيتها بأحجار الفسيفساء الملونة.
معاناة من الاستيطان
وقال الناشط في مقاومة الاستيطان جنوب الضفة، راتب الجبور، إن معاناة المواطنين من المستوطنين ومن سياسة مصادرة الأراضي والاعتداء على أصحابها وطردهم منها، وتّر الأجواء وخلق حال صراع ملتهبا ودائما في يطا وضواحيها ومسافرها وخربها.
وتتعرض المدينة لحصار من 8 مستوطنات إسرائيلية هي: ماعون، سوسيا، كرمئيل، حفات يائير، متسيبي يائير، حافيات ماعون، أفيجال، وبيت ياتير، تحيل حياة سكانها إلى جحيم بعدما انغرست على مراحل واستولت على آلاف الدونمات من أراضيها.
وأكد الجبور لـ"بوابة العين" أن اعتداءات الاحتلال والعقاب الجماعي الذي يمارسه ستؤدي إلى المزيد من التوتر ولن تخضع الناس.
البيئة الاستثنائية
وقال المؤرخ الفلسطيني الدكتور أسامة الأشقر إن طبيعة يطّا الجبلية المفتوحة على الصحراء جعلت منها ملاذاً آمناً لمئات الباحثين عن الأمان والحرية عبر الزمان، فهناك تكون قريباً من الجبل ومن الصحراء معاً، ويمكنك الاختفاء والتداري عن عيون الطالبين.
وأضاف الأشقر أن ما تضمه يطا من خِرَب وآثار وأطلال يحكي قصة حياة قديمة لم تنقطع، بل إن كهوفها البعيدة قرب قرية "مسافر يطا" لا تزال تسكنها عائلات فلسطينية توارثت السكن فيها جيلاً بعد جيل.
وأضاف أن هذه البيئة الاستثنائية حوّلت أهالي البلدة إلى مجتمع خاص يحمي الغريب، ويكرم الضيف وعابر السبيل، ويفتح عينيه عليه أيضاً لئلا يكون مبعوثاً لعدوّ، فجمعوا بين الغَيْرة النبيلة والنباهة اليقظة والشجاعة والعناد، ولا يخلو تاريخ المقاومة الفلسطينية من أسماء كبيرة عطّرت بدمها أنحاء فلسطين وما حولها أو ذاقت مرارات السجون الطويلة.
aXA6IDE4LjExNy43MC42NCA=
جزيرة ام اند امز