الإمارات ستبقى دائماً وأبداً كما عهدها العالم، دولةً ذات عهدٍ متين وافيةً بالتزاماتها لا تعرف للتردد طريقا.
لا زلت أذكر جيداً أولئك الجلادين، الذين كانوا يتصدرون شاشات التفاز إبان التمدد الحوثي في اليمن، والذي أكمل آنذاك شهره العاشر، على مرأى ومسمع من العالم وبالذات الأمم المتحدة ومندوبها في اليمن جمال بنعمرو، فكان أولئك المحللون والخبراء السياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون، وغيرهم ممن يجيدون القتال بالقلم وبالحديث خلف الشاشات، وهم يشحذون ألسنتهم التي تفننت في جلد الذات العربية والمسلمة فتارةً تتهمها بالخذلان، وتارة أخرى تتهمها بالضعف أمام إيران.
وما بين عشيةٍ وضحاها أصبحنا على خبرٍ عاصف وحازم يعلن انطلاق العمليات العسكرية في اليمن، ضد ميليشيات الحوثي وصالح التي هددت وأعلنت أن هدفها أرض الحرمين، فطارت أسراب الصقور الحرة من قواعد المملكة العربية السعودية، بتحالفٍ عربي تقوده وتتصدره المملكة تليها دولة الإمارات العربية المتحدة من حيث القوة في العدد عدةً وعتاداً.
وحينها بدأت الانقسامات بين جنود الصحافة والأقلام، فاتضحت الرؤى وتبيّن للمواطن العربي من هو القلم الشريف الذي وقف احتراماً وفخراً بهذا التحالف، ومن الذي ضرب أخماساً بأسداس !
فخرجت علينا بعض الأصوات منها من هو مدفوع الأجر ومنها عميلٌ لإيران وآخر ينتمي للإخوان، أصواتٌ نكرة تشكك في التحالف حين انطلق، بأنه سرعان ما سيخفت صيته وتنكسر جوانحه، فما لبث أن ألجم التحالف العربي ألسنتهم فأخرسها بقوته وبسالته، فمكثوا غير بعيد، ثم أطلقوا ألسنتهم تشكيكاً وطعناً في أطراف التحالف، محاولين زرع الفتنة بين الأشقاء، فجاءهم الرد قاسياً على عقولهم ومشرفاً لدول وشعوب التحالف في آنٍ واحد حين تمثل في نعوشٍ حملت أبطالاً يغطيهم علم السعودية تارة وعلم الإمارات والبحرين تارةً أخرى، فأدرك أولئك في قرارة أنفسهم أن ما تسطره الدماء والأرواح لا تمحيه الأقلام والصياح.
وها هم اليوم دعاة الفتنة وأقلام الحزبية والخذلان، خرجوا من جحورهم مستغلين حديث معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، والذي قَصَلته عقولهم النتنة كيفما شاءت، فأوَّلَت محاضرته التي ألقاها على أنها انتهاء لمهمة الإمارات العسكرية في اليمن، وأنه انسحاب من تحالفٍ ارتوى بدماء شهداء الإمارات والسعودية والتحالف البواسل، واشتد ساعده بتضحيات جنود التحالف وهم يقاتلون جنباً إلى جنب لا يخافون في الله لومة لائم، فضجت بهم وسائل إعلامهم، ولم يتركوا منبراً إلا وصرخوا من فوقه، علهم يشقّون صف دول وقادة وشعوب تعاهدوا بالله إنهم لمخلصون لبعضهم بعض، في سبيل ﷲ والأوطان ودفاعاً عن أرض الحرمين، من توغلٍ إيراني بميليشياتٍ حوثية وبغدرٍ عفاشي .
ورغم أن حديث معاليه كان واضحاً ومفهوم لكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، بأن الإمارات أدّت دورها على أكمل وجه في اليمن، وأنها ستعمل على تمكين اليمنيين من خلال استمرار عمليات التدريب والتأهيل للحفاظ على مناطقهم المحررة، وستسهم معهم في ايجاد وضعٍ سياسي يستقر به حالهم، وأنها مستمرة في التزامها في عملية إعادة إعمار اليمن.
وستبقى صفاً مرصوصاً لا يتزعزع جنباً إلى جنب مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، ولا بد للشارع اليمني من أن يتعامل مع قضيته بقدرٍ عالٍ من الحسّ الوطني تجاه أرضه ومقدراته، وأن لا يتوقع من التحالف أن يستمر في اليمن إلى أبد الآبدين، وعلى اليمنيين بذل المزيد من الجهد للتوصل الى حلٍ سلمي يعيد اليمن إلى السعادة، فيعود دولة قانون ومؤسسات، لا دولة أحزابٍ وميليشيات، قابعاً تحت رحمة الملالي، العدو المتربص بالعرب والمسلمين شر تربص، ولا شك أن القرار في انتهاء الحرب من عدمه هو قرار لا يملكه سوى قيادة التحالف العربي، وهذا ما يدركه جيداً أولئك المغرضون الصارخون عبثاً في المنابر وخلف الشاشات، ولكنهم قومٌ امتهنوا الكذب والتحريف .
ولأن من تمرّس على الصراخ، ليس كمن تمرس على الأفعال، ولأن ليس كل من شاهد الحرب والدماء في التلفاز، يدرك معنى صوت البنادق وتطاير الأرواح، فإنه ليس بغريبٍ على أولئك المتنطعين، من أن يعتبروا أنفسهم خبراء حربٍ ومنظرين، يزجّون بتوقعاتهم السلبية اللامنطقية في خضم المواقف الحساسة التي تتطلب تكاتفاً ودعماً من الجميع، محترفين التشكيك في تحالفٍ تغذت جذوره بدماء الشرفاء من أبنائه، فغدت جذوره أمتن من ذي قبل، وعروقه تنبض إخلاصاً ووفاء .
ستبقى الإمارات دائماً وأبداً كما عهدها العالم، دولةً ذات عهدٍ متين وافيةً بالتزاماتها لا تعرف للتردد طريقا، دولةً تضع نصب أعينها أمن وسلامة المنطقة العربية وعلى رأسها أرض الحرمين، على رأس هرم أولوياتها الإستراتيجية، التي لا يمكن أن تتخلى عنها ولو للحظة .
فالإمارات حليف قوي وأبدي للمملكة العربية السعودية في اليمن وغير اليمن، تحالفٌ لا يقبل سوى النصر أو الشهادة، ولن تتوقف عن مؤازرتها، حتى ينادي المنادي من مكانٍ قريب، أن قد سمعنا وأطعنا وهذه (يَمَنُكُمْ) قد رُدّت إليكم .
همسة إلى كل صاحب قلم ومنبر، لا يدرك معنى العروبة ولا معنى التعاضد والتلاحم ولا معنى الأمن والأمان :
نحن قومٌ صوت بنادقنا لا يدركه سوى خونة .. امتلأت القبور بجثثهم !
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة