يسرا والكبار.. ليسوا "فوق مستوى الشبهات"
دكتورة في التنمية البشرية تعاني من اضطرابات.. بهذه الشخصيّة عادت يسرا عبر مسلسل "فوق مستوى الشبهات" لتفضح مجتمع غارق في الشبهات.
دكتورة في التنمية البشرية تعاني من اضطرابات نفسية تدفعها للتسبب بالأذى لكل من حولها.. بهذه الشخصيّة عادت النجمة (يسرا) إلى الشاشة في رمضان عبر مسلسل "فوق مستوى الشبهات"، لتقدم شخصية (رحمة) التي يستعرض المسلسل من خلالها مجتمعات الكوزمو بوليتان الجديدة، حيث يجمع كومباوند للطبقة الراقية حفنة من المرضي النفسيين والانتهازيين والخونة، ليقول لنا صناع العمل إن عِلية القوم وأغنياء هذا الزمان، والمفترض أن يكونوا فوق مستوي الشبهات لم يعودوا كذلك، بل هم أقرب الناس للشبهات في هذه الأيام، حيث يرتكبون أفظع الجرائم بدءًا من السرقة والخيانة الزوجية وانتهاء بالخطف والقتل.
داخل (الكومباوند)، الذي يجمع شرائح مختلفة تتشابه من السطح في تفصيلات عديدة، يروي لنا المؤلفان عبد الله حسن وأمين جمال في أولى تجاربهم على صعيد الدراما التلفزيونيّة، قصة رحمة.. سيدة تنتمي إلى المجتمع الراقي، تهتم بالمظاهر والقشور وتعيش حياة تكتسب فيها أهميتها من إشاعة خدمة الناس، ويصل الأمر لترشيحها للتعيين في البرلمان لنكتشف من خلال الطبيب النفسي، الذي من المفترض أن يكتب تقريرا عنها يسمح بالموافقة على تعيينها، أنه يعرف الكثير عنها وعن شقيقتها التي وضعتها في مصحة نفسية.
ويتأكد من خلال التفاصيل أن رحمة هي سيدة لا تعرف الرحمة، وأنها متهمة بالقتل وهي صغيرة بمدرسة داخلية بلندن، وفضائح أخري تدفع بها لقتل الطبيب النفسي وإلصاق التهمة بصديقتها وجارتها بالكومباوند إنجي أو (شيرين رضا)، ليستمر الصراع الذي يكشف لنا مدى قسوة وعنف وجنون رحمة في مواجهة مجموعة أخري من الفضائح والخيانات داخل الكومباوند.
والبناء الدرامي للمسلسل يذكرنا برائعة السينما (المذنبون) التي كتبها نجيب محفوظ مع ممدوح الليثي وأخرجها سعيد مرزوق حيث يصبح البحث عن قاتل ممثلة مشهورة ممن كانوا يسهرون في منزلها الليلة السابقة فرصة لإدانة كل الشخصيات بجرائم اجتماعية أخري ليس من بينها الجريمة محل التحقيق، ليثبت العمل أن الجميع مدانون ومذنبون، رغم ألقابهم الاجتماعية ومستوياتهم المرموقة التي دفعت بهم لهذه الأماكن.
وقد نجح المخرج هاني خليفة الذي اشتهر بفيلم "سهر الليالي" في ثبر أغوار شخصياته المكتوبة بمهارة، ليقدم لنا مكنونات النفس البشرية المركبة بأسلوب جيد كما فعل في فيلمه الشهير، كما تعكس شخصية (رحمة) دور المرأة القاسية والمعقّدة التي لا تتردّد في الإقدام على ارتكاب أسوأ الجرائم وأفظع التصرّفات الشريرة التي تعرّض فيها حياة الآخرين للخطر بدم بارد، وبهواجس مرضية أجادت يسرا تقديمها بشكل مذهل.
ويختلف تماما عن شخصية شبيهة للطبيبة النفسيّة في مسلسل "خاص جدًّا"، الذي قدمته عام 2009، حيث كانت شخصية شريفة وواعية وتساعد بالفعل كل من حولها.
وقد أجاد باقي الممثلين بدءًا من شيرين رضا التي تتألق بشكل كبير في الفترة الأخيرة، حيث قدمت بعدًا آخر للشخصية المركبة الفارغة من الداخل والتي تشبه نماذج كثيرة في هذه المجتمعات على نحو مقنع.
أما سيد رجب، النجم الذي سطع في سن كبيرة، يكشف لنا عن ممثل داهية استطاع تقديم شخصية زوج رحمة بصورة رائعة تكشف عن تركيبة أخري، فهو الواقع في الحب حتي النخاع وكلما سعي للانتقام من المرأة التي تسببت في مأساته وصعدت علي أكتافه يعود كالطفل الوديع كلما ابتسمت له أو مارست خداعه وابتزازه بادّعائها السرطان، أو وهي تدفعه لمزيد من التورط للتخلص منه ومن جارتها وصديقتها إنجي، فهو مندفع طول الوقت بعاطفته الجياشة، ورغم قسوته الظاهرة وممارساته العصبية إلا أنه يسقط كل مرة في فخ رحمة ويتورط حتي الثمالة كأي ساذج .
كذلك أداء باقي فريق المسلسل، الجميع أدوا أدوارهم بصورة تكشف عن قدرة مخرج واعي بالتفاصيل، نجح في عرض صورة أخري لمجتمع الكبار المزيف والمتورط في الشبهات حتى أذنيه.. رغم أنه من المفترض أن يكون "فوق مستوى الشبهات".
aXA6IDE4LjExNi40MC4xNTEg جزيرة ام اند امز