خبراء: القطاع المالي والتجارة الخارجية أبرز المتأثرين بخروج بريطانيا
الصادرات الإنجليزية لدول الجوار الأوروبي ستعامل معاملة "الأجنبي"، بمعنى فرض رسوم صادر وتعريفات جمركية، وهو ما قد يدفع المستثمرين للرحيل
تغيرات اقتصادية كبيرة تنتظرها بريطانيا عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي وفقًا لنتيجة الاستفتاء الشعبي الذي ظهرت نتائجه اليوم، وسط توقعات بصعود وهبوط قطاعات بريطانية كانت تعتمد على صلاحيات اتفاقيات الاتحاد الأوروبي للتجارة الحرة ما بين دول أوروبا والعالم.
وعن تأثر بريطانيا اقتصاديًا، قال السفير جمال بيومي، خبير الاقتصاد الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن أول بصمات تلك الاستفتاء ستظهر على التجارة الخارجية للملكة المتحدة بحكم أن الاتحاد الأوروبي كان يسمح بدخول وخروج رءوس الأموال دون جمارك بين دول الاتحاد الأوروبي، فهل ستبقى بريطانيا على تلك الاتفاقيات دعمًا وتنشيطًا لرؤوس الأموال بها، أم ستفرض رسومًا جمركية بتعريفات جديدة؟.
وأضاف "بيومي" -لبوابة "العين" الإخبارية- أن الاستثمارات الأجنبية في بريطانيا حتمًا ستتأثر بالسلب؛ فعلى سبيل المثال مصانع السيارات التي تعمل ببريطانيا كانت تستغل مميزات الاتحاد الأوروبي للدخول إلى أسواق مجاورة كألمانيا دون جمارك، وبناءً على الأوضاع الجديدة ستبحث تلك الاستثمارات عن وجهات أخرى تتيح لها التحرك في دول الاتحاد الأوروبي دون رسوم حتى لو انتقلت إلى دول صغيرة كـ"قبرص"، وقد بدأت بعض الشركات بتوقيف أعمالها في بريطانيا احتياطًا قبل ظهور نتيجة الاستفتاء، وهو ما يبرر انخفاض "الإسترليني" لأدنى مستوياته منذ عقود.
التأثر سلبًا أيضًا سيلحق بالعلاقات الاقتصادية بين بريطانيا ودول جنوب المتوسط؛ لأنها كدول منفردة تربطها اتفاقيات اقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا وقعت على هذه الاتفاقيات بصفتها عضوًا، والأيام القادمة ستكشف هل سينجح المفاوض البريطاني في الإبقاء على تلك الاتفاقيات وعمل مواءمة تنقذ الإنجليز من هوة الفراغ الاقتصادي الذي سيحدثه هذا الانفصال أم تُبرم اتفاقيات وبنود جديدة.
وتعتبر تلك الاتفاقيات التي كانت تربط بريطانيا بدول جنوب المتوسط وغيرها من دول آسيا وأمريكا، بموجب عضويتها في الاتحاد الأوروبي، أكبر تحدٍ ستواجهه بريطانيا في الفترة القادمة، وهو ما دفع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، لتقديم استقالته والتخلي عن مهامه باعتباره من أكبر معارضي الانفصال؛ حيث صرح أنه لن يستطيع استكمال فترته بناءً على المتغيرات الحادثة رافضًا أن يتحمل أعباءها التي لا تتفق مع قناعاته.
أما على مستوى التأثير الإيجابي الذي قد تحصده بريطانيا، قال بيومي: قد تحدث طفرة هائلة للصناعات المحلية غير القادرة على المنافسة، وأعتقد أنها ستتمكن سريعًا من السيطرة على السوق المحلية؛ لأن أرباب تلك الصناعات أنفسهم من أتباع حزب العمال هم الذين نادوا بهذا الانفصال وتبنوه ومن ثم فلن يفوتوا تلك الفرصة لاستثمارها كما يجب أن يكون.
الدكتور عبد الحميد عبد المطلب، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، وصف نتيجة الاستفتاء بـ"السيئة" للبريطانيين، متفقًا مع وجهات النظر القائلة بأن قطاع التصدير والتجارة الخارجية أبرز المتأثرين سلبًا بتلك النتيجة، فالصادرات الإنجليزية لدول الجوار الأوروبي ستعامل معاملة "الأجنبي" بمعنى فرض رسوم صادر، وتعريفات جمركية، وهو ما قد يدفع المستثمر للانتقال إلى فرنسا أو ألمانيا أو غيرها.
وقال "عبد المطلب" -لبوابة "العين"- إن بورصة لندن وقطاع المال الإنجليزي من انشط البورصات والقطاعات المالية في العالم، ولا بد أن تتأثر البورصة بتلك النتيجة؛ فانخفاض الإسترليني لأدنى مستوياته، طبيعي ومتوقع.
وعن الجوانب الإيجابية، أضاف أن بريطانيا عندما اختارت اليوم أن تقدم الاقتصاد على السياسة، فإنها وضعت نفسها أمام خيار "الاعتماد على الذات" لتنتهجه عنوانًا للفترة المقبلة، ويبقى أن تضع بريطانيا لنفسها إستراتيجية للاعتماد على صناعاتها المحلية وتطويرها ورفع قدراتها التنافسية لتحقق الاكتفاء الذاتي وتتوسع خارجيًا كما هي حال دول أخرى كاليابان وكوريا الجنوبية.
الإيجابية أيضًا تكمن في السيطرة على عمليات الهجرة غير المقننة، والهجرة الطبيعية أيضًا من دول الاتحاد الأوروبي، ولكن ستبقى البطالة مشكلة قائمة لأن خروج استثمارات كثيرة من بريطانيا إلى دول الاتحاد الأوروبي على وقع نتيجة الاستفتاء سيضخم البطالة المحلية أي ما يعرف بـ"البطالة الهيكلية" ومن هنا يأتي دور الاقتصاد المحلي لاستيعاب تلك الإعداد.