فلسطينية تضرب عن الطعام لتلتقي زوجها وأطفالها بعد أن فرقهم الاحتلال
الاحتلال الإسرائيلي يواصل جرائمه اللاإنسانية بتفريق أسرة غزية مكونة من زوجين و3 أطفال لتخوض الأم إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على وضعها.
مع صوت البكاء ونداء الطفلة الرضيعة وداد "ماما ماما" الآتي عبر سماعة الجوال، يزداد ألم والدتها الفلسطينية نبيلة الهواني، ولا تجد غير الدموع والدعاء لتجابه قرار الاحتلال الإسرائيلي حرمانها من الرضيعة وداد وباقي أطفالها وزوجها، بعد منعها من السفر عبر معبر بيت حانون "إيرز"؛ ما حال دون لقائهما منذ 4 أشهر.
في بيت عائلتها بمخيم المغازي وسط قطاع غزة، وبصوت متهدج، روت الهواني لـ"بوابة العين" حكاية وجعها، التي دفعتها لخوض الإضراب المفتوح عن الطعام منذ 16 يومًا؛ لعل ذلك يساهم في إيصال صوتها للعالم والمسؤولين؛ كي يعيدوا جمع شملها مع أسرتها من جديد.
بداية المعاناة
حكاية المعاناة بدأت في التاسع من شهر مارس/آذار الماضي، عندما ذهبت برفقة زوجها ساهر عبد الباسط، القادم من مدينة قلقيلية شمال الضفة، وأطفالها علي (5 أعوام) ويزن (3 أعوام) ووداد (12 شهرًا) إلى معبر بيت حانون "إيرز" بعد استصدار تصاريح خاصة تمكنهم من السفر إلى الضفة لزيارة عمها والد زوجها السبعيني بعد تدهور حالته الصحية، وإصابته بـ3 جلطات، لتفاجأ بأن الاحتلال منعها من المرور فيما سمح لزوجها وأطفالها بالمرور.
ولا تتجاوز المسافة بين قلقيلية وغزة 85 كلم، بيد أن معبر "إيرز" الذي تتحكم فيه إسرائيل، يحول دون حركة التنقل الطبيعية بين المدينتين الفلسطينيين، ما يخلق معاناة لا حدود لها.
زواج رغم قيود الاحتلال:
ولأن حكايات القلوب والارتباط، قدرية وفوق إرادة الاحتلال، تزوجت الهواني (33 عامًا) عام 2009 من ساهر علي عبد الباسط (37 عامًا)، الذي يسكن منطقة عزون قضاء مدينة قلقيلية في الضفة الغربية، بعدما وصل إلى قطاع غزة، بعد رحلة شاقة من الضفة إلى الأردن فمصر فغزة، عبر معبر رفح، ليلتقي شريكة الحياة في حينه، ويؤسسا حياة سعيدة في غزة المحاصرة، أثمرت عن 3 أطفال عنوان السعادة والأمل.
وقالت: "كنا نعيش حياة سعيدة رغم الأوضاع الصعبة، زوجي كان يتواصل مع أسرته عبر الهاتف؛ لأن الاحتلال يمنع التنقل بسهولة بين الضفة والغربية، لكن في بداية شهر يناير/كانون الثاني الماضي تلقينا اتصالًا بأن عمي والد زوجي (في أواخر السبعين من عمره) تدهورت حالته وأصيب بـ3 جلطات؛ وطلب مشاهدة ابنه الأكبر ساهر".
مسموح.. ممنوع:
النبأ الأليم، دفع أبو علي للتقدم، مباشرة بطلبات تصاريح له ولزوجته، لزيارة والده الذي لم يرَه منذ 7 سنوات، وبعد أكثر من شهرين من تقديم الطلبات المدعمة بالتقارير الطبية، جاءت الموافقة لتشعر العائلة بالأمل لقرب اللقاء.
وقالت الزوجة موجوعة القلب: وصلنا إلى المعبر وهناك سمحوا لزوجي ومعه الأبناء بالسفر، بينما بقيت أنتظر، وبعد نحو نصف ساعة أبلغت بعدم السماح لي بالسفر، وعندها أصبت بانهيار وفقدت الوعي من هول الصدمة لأن طفلتي الصغيرة وداد وعمرها 11 شهرًا، كانت رضيعة".
بعد تلقي العلاج في مشفى الشفاء بغزة الذي تعمل به حكيمة، عادت أم علي لمنزل عائلتها في مخيم المغازي، لتبدأ رحلة المعاناة الحقيقية، فتقدمت بالتصريح تلو التصريح وكل مرة يجري رفضها حيث تكرر ذلك 6 مرات.
الرضيعة وداد .. كل الوجع:
ما زاد من أوجاع الأم، أن طفلتها الرضيعة وداد أصيبت بانهيار وجفاف لحرمانها من الرضاعة وعدم تقبلها الحليب الصناعي، وأدخلت للمستشفى بقلقيلية عدة مرات، فضلًا عن كونها مصابة بشرخ في رأسها في حادث سابق، في ظل غياب من يمكن أن يرعاها غير الأب في منزل عمها.
وقالت الأم إنها وجهت عدة رسائل ومناشدات للرئيس الفلسطيني محمود عباس وجميع المسؤولين والجهات المعنية لحل قضيتها وإعادة جمع شملها مع عائلتها دون جدوى، لافتة إلى أنها تقدمت بطلب لزيارة طفلتها المريضة، فرفضت، وعندما قدمت طلب لعودة زوجها وأبنائها إلى غزة، تم رفض الطلب باعتبار أن زوجها إقامته الأصلية ضفة.
ولم تتمالك نفسها، فتسللت دموعها، وهي تضيف: "لا أنا قادرة على الذهاب إليهم، ولا هم قادرون على العودة.. أية حياة هذه لماذا يحرموننا.. أريد أن أجتمع مع زوجي وأطفالي".
إضراب عن الطعام:
وأمام المعاناة المستمرة، وفي ظل عدم احتمالها بعادها عن أطفالها قررت الأم أم على الإضراب المفتوح عن الطعام، اعتبارًا من العاشر من يونيو/حزيران الجاري، وقالت: "ما زلت مصرة على الإضراب لحل مشكلتي، نقلت عدة مرات للمستشفى، حياتي بدون أبنائي بلا طعم ولا قيمة لها".
عادت دموعها لتتدفق وهي تروي واقعة حدثت خلال اليومين الماضيين، عندما كانت تحدث طفلها علي عبر الإنترنت، ويشاهدها على الكاميرا، فإذا به يقترب من شاشة الكمبيوتر ويقول لها سأعود إليك يا أمي وهو يحاول الدخول عبر الكمبيوتر.
aXA6IDE4LjIyNy4xMTQuMjE4IA== جزيرة ام اند امز