لم يعد بوسع الرئيس أردوغان الحديث عن تركيا قلعة حصينة من الإرهاب، خاصة بعد تفجيرات مطار أتاتورك التي خلفت العديد من القتلى
لم يعد بوسع الرئيس أردوغان الحديث عن تركيا قلعة حصينة من الإرهاب، خاصة بعد تفجيرات مطار أتاتورك التي خلفت العديد من القتلى والجرحى وأظهرت السلطات الأمنية والسياسية في مظهر العاجز عن السيطرة.
ومما لا شك فيه أن الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها إسطنبول ليست وليدة اللحظة وهي في الغالب نتيجة لمراحل سابقة من الدراسة والتخطيط والتمحيص الدقيق. ولم تكن في مطلق الأحوال رداً على سلسلة التراجعات المتخبطة والمفاجئة للحكومة للتطبيع مع «إسرائيل» وروسيا.
وربما تكون المخاوف من تحول تركيا إلى أحد الأهداف الكبرى للإرهاب، واحدة من الأسباب التي دفعت الرئيس التركي للموافقة السريعة على اتفاق التطبيع المخيب لآمال الحلفاء. فهل كان أردوغان يخشى تطورات من هذا النوع وسارع باستباقها باتفاق مع «الإسرائيليين»، تنازل بموجبه عن شروطه الثلاثة مقابل تنفيذ شرط واحد هو التعويض؟.
ومن الجانب الأخر، هل كان أردوغان يستبق تطورات أخرى على الساحة الداخلية مثل اتساع رقعة المعارضة الداخلية وربما انهيار الوضع الاقتصادي، لذلك تنازل عن موقفه السابق إبان أزمة إسقاط الطائرة الروسية، وسارع بالموافقة على الاعتذار لموسكو وتعهد بمعاقبة المتورطين في إسقاطها مقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية؟
لقد خسر الزعيم التركي رهاناته كلها. وبات وحيداً فأوضاعه الداخلية ليست على ما يرام وموجات عنف وتطرف تنتشر على طول الإقليم وعرضه وتهدد بعبور الحدود إلى دولته.
ويمكن النظر إلى هذه التنازلات المفاجئة والسريعة بحسبانها نهاية المرحلة الهجومية في زعامة رجب طيب أردوغان وبداية مرحلة جديدة للدفاع عن النفس في مواجهة مخاطر ماثلة ووشيكة. مخاطر ليس أقلها العنف والإرهاب وتداعيات العزلة الدولية التي فرضتها على تركيا قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم.
نعم لم يعد بوسع أردوغان الحديث عن تركيا جزيرة آمنة وسط محيط ملتهب بالعنف، فقد اخترقتها يوم الثلاثاء عمليات إرهابية منسقة استهدفت مطار إسطنبول.
وبالمثل لم يعد بوسع السلطات التركية الحديث عن قيادتها حملة الدفاع عن فلسطين المحتلة، أو إعادة الاستقرار لمناطق الاضطرابات في المنطقة العربية. فقد تراجعت عن طلب رفع الحصار «الإسرائيلي» عن غزة. ووافقت على استئناف التعاون العسكري والاستخباراتي مع «إسرائيل»، وعلى التنسيق معها في المحافل الدولية، وهو ما يعني التراجع عن دعم النضال على الساحات الدولية لإنشاء دولة فلسطينية. إنها سياسة المصالح وليس أي شيء آخر.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة