تقرير: تركيا تستغل أزمة اللاجئين لتحقيق مكاسب استراتيجية
حصلت على دعم أوروبا ضد روسيا ووعْد بالسماح لمواطنيها بدخول القارة دون تأشيرة
منذ هجمات باريس والتهديدات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي،أصبح البحث عن آليات لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا حتميا بالنسبة إلى دول اليورو
منذ هجمات باريس والتهديدات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، أصبح البحث عن آليات لمنع وتنظيم تدفق اللاجئين إلى أوروبا حتميا بالنسبة إلى دول اليورو، بالذات بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن استقبال نصف مليون لاجئ في السنوات المقبلة.
ورأت أوروبا التعامل مع هذا التهديد بتوقيع اتفاق مع تركيا يقتضي بدفع 3 مليار يورو لتركيا لاحتواء أزمة اللاجئين خلال قمة بروكسل الماضية، بما يحول دون تدفق اللاجئين على أوروبا في مقابل علاقات أشد قوة مع تركيا ودعمها في مواجهة روسيا، بالإضافة إلى استئناف مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وحصول أنقرة على حوافز اقتصادية كبيرة.
وأوضح تقرير للمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بعنوان "التأثيرات المحتملة للاتفاق الأوروبي – التركي حول اللاجئين" أن هناك مصالح مشتركة متعددة بين الطرفين، حيث إن تحجيم تدفق اللاجئين إلى الدول الأوروبية يهدف إلى حل تلك الأزمة عن طريق خطة عمل مشتركة تقوم تركيا من خلالها بعمل دوريات بحرية وفرض سيطرة حدودية، بالإضافة إلى التزام تركيا بمكافحة شبكات الاتجار بالبشر وتزوير جوازات السفر.
لكن بحسب التقرير هذا لا يعني إغلاق الحدود الأوروبية أمام اللاجئين بشكل تام، بل تنظيم دخول اللاجئين إلى أوروبا عن طريق تركيا بفرزهم وعمل التدقيق الأمني اللازم ثم نقلهم إلى أوروبا بالطائرات،وذلك للحيلولة دون استغلال الشبكات الإرهابية لتدفق اللاجئين للوصول إلى أوروبا ولحماية الاستقرار الاجتماعي هناك.
وأوضح التقرير أن الدول الأوروبية تسعى بشكل مكثف إلى الحد من تواجد اللاجئين على أراضيها وإعادة إخراج اللاجئين من أوروبا إلى تركيا، حيث تطالب أوروبا تركيا بفتح ستة مراكز استقبال للاجئين بتمويل من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن احتواء اللاجئين المبعدين من أوروبا، هو ما قوبل بالرفض من قبل تركيا حتى الآن.
لكن مع تزامن هذا الاتفاق مع التوتر التركي الروسي، وفرض عقوبات اقتصادية من قبل روسيا على تركيا، يوجه الاتحاد الأوروبي رسالة ضمنية لروسيا تفيد بحرص الاتحاد الأوروبي على دعم تركيا في المرحلة المقبلة، ويتضح ذلك بإحياء مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، عن طريق الفصل الـ 17 والخاص بالاقتصاد والسياسات النقدية، بالإضافة إلى وعد يتضمن حرية تنقل الأتراك في أوروبا دون الحاجة إلى تأشيرات بداية من يونيو 2016 مما سينعكس إيجابيا على القطاع الاقتصادي وفتح مزيد من الاستثمارات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
هذا بالإضافة إلى أن دعم تركيا في العديد من المواجهات مع القوى الدولية، مثل ما يحدث في الخلاف القائم بين تركيا وروسيا، سيمنح تركيا ثقلا استراتيجيا أكبر في المنطقة؛ حيث سيعمل الاتفاق على إعادة وضع تركيا بشكل فاعل داخل المنظومة الامنية الغربية.
ويضيف التقرير أن حزمة المساعدات الاقتصادية التي تضمنها الاتفاق لن تكون الأخيرة، نظرا لارتفاع تكلفة الأعباء في حالة استيعاب تركيا لعدد أكبر من اللاجئين وآليات المراقبة الأمنية للسواحل حتى لا تكون نقطة انطلاق لأوروبا، لكن المسئولين الأتراك أكدوا ضرورة ألا تتحمل تركيا عبء مشكلة المهاجرين وحدها، لذلك فإنه من المتوقع أن تحصل تركيا على حزم مالية أخرى وجذب المزيد من الاستثمارات في الفترة المقبلة.
ويبدو أن تأثيرات الاتفاق التركي الأوروبي أصبحت تحدد ملامح جديدة للعلاقة التركية الأوروبية، خاصة أنها كشفت قدرة الدبلوماسية التركية على استغلال أزمة اللاجئين لتحقيق المزيد من المكاسب الاستراتيجية، خاصة عملية انضمامها للاتحاد الأوروبي.
aXA6IDEzLjU4LjIwMS4yNDAg جزيرة ام اند امز