"من 30 سنة".. فيلم السقا يسقط في فخ الإيقاع البطيء
المشكلة الحقيقية التي واجهها فيلم "من 30 سنة" المصري هي الإيقاع المترهل.
المشكلة الحقيقية التي واجهها فيلم "من 30 سنة" المصري، وهو العمل الجاد الوحيد في أفلام العيد والثاني في الإيرادات بفارق ضخم جدًا يصل إلى 6 ملايين جنيه مصري، هي الإيقاع البطيء، الذي يحتاج إلى صبر حقيقي لا يتناسب مع عمل مفترض أنه من النوع البوليسي فما بالك بفيلم يعرض لجمهور العيد.
ويكفي أن نعرف أن مدة الفيلم تصل إلى 3 ساعات إلا ربع، بينما تعتمد معظم الأحداث على السرد تارة على لسان البطل (أحمد السقا)، وأخرى من خلال الحوارات التي تجمع أبطال العمل طول الوقت، وإذا كان هيتشكوك قد أجاد في الماضي حبكة هذا النوع من الأفلام فإنه يصعب تقبل ذلك الآن، وسط إيقاعات سينمائية لاهثة، وأفلام بوليسية تعتمد على التفكير والحركة السريعة.
وفي تصوري أن سبب المشكلة السابقة هو السيناريو الذي كتبه أيمن بهجت قمر، والذي كان يحتاج إلى اختزال وحبكة أكثر تكثيفًا، مع ضرورة لجوء مخرج الفيلم عمرو عرفة لمونتاج أكثر تدفقًا، واختصار الكثير من التفاصيل، ربما ينجح في إنقاذ الفيلم من الترهل والملل.
والفيلم الذي تحيط به شبهات الاقتباس من أعمال أجنبية، بل مصرية معروفة مثل فيلم بعنوان (البرنس) قدم في الثمانينيات ولعب بطولته حسين فهمي وأحمد زكي، يحكى عن لعنة المال والصراع المحموم عليه، والذي يشعل العلاقات داخل أسرة تتاجر في السلاح، بعد أن هاجر عائلها الطيب الأكبر من المنيا للقاهرة لمواصلة نشاطه، قبل أن يعرج الفيلم على الجانب البوليسي مع قدوم أحد أفراد العائلة من الخارج "شريف منير" مدعيًا في حكاية مسرحية أنه ورث مبلغًا كبيرًا من رجل إنجليزي نتيجة إخلاصه في العمل معه ويريد تقسيمه على أسرته بعد أن اكتشف أنه عقيم مثل الرجل الإنجليزي، وهو ما يعني أن هناك لعنة لهذا المال، بهدف إقناع الأسرة بهذه الحكاية؛ حيث تتحقق اللعنة مع أفرادها الـ9 الذين يقتلون أو يموتون في حوادث غريبة نكتشف في النهاية أنها من تدبيره بالاشتراك مع ابن عمه "أحمد السقا" انتقامًا من العائلة، وليرثا الجميع قبل أن ينقلبا على بعضهما البعض خصوصًا بسبب قصة حب لفتاة سكندرية تنتهي بزواج الأول منها ثم الثاني بعد مقتله، لتدفع هذه الفتاة في ليلة الزفاف بالأخير للسجن بعد أن تكشف أسرار المؤامرة.
وقد ازدحم السيناريو بالخطوط الدرامية، أكثر مما تحتمله مساحة فيلم سينمائي، بصورة أربكته وجعلت الملل يتسرب للمشاهد بعد أقل من نصف ساعة من بدايته، كما يعيب الفيلم استخدام أكثر من أسلوب داخل العمل بل داخل المشهد الواحد ليظهر تنافرًا في الأداء بين الأبطال دون وحدة موضوعية أو شكل واحد يمكن أن نعتبره أسلوب الفيلم؛ حيث تختلط الميلودرامية بالكوميديا والبوليسية بالنفسية، وهو ما يكشف عن عدم وجود خريطة مشاعر واحدة تحدد بوصلة واتجاه العمل باعتباره عيبًا كبيرًا سقط فيه المخرج ينضم لعيب سقوط الإيقاع منه بالكامل.
والحقيقة أن حذف واختزال الكثير من المشاهد والحوارات التي لا تضيف للأحداث كان من الممكن أن يجعل الفيلم أكثر تماسكًا مثل مشاهد الأم مرفت أمين المتصابية، أو ترديد حكاية "الجداوي" المصابة بالزهايمر ومشاهدها مع الكلب، أو حتى مشاهد البنسيون وغيرها من المشاهد.
أحمد السقا لم يكن في أفضل حالاته، وشريف منير كان أكثر اقتدارًا وإقناعًا في شخصية العصامي الذي قام بحبك حكاية وهمية ليستدرج الأسرة لفخ القضاء عليها، ومنى زكي مدهشة في شخصية الشاعرة حنان البغدادي، الفتاة السكندرية الموهومة، والتي رسمها السيناريو بخفة ظل شديدة وجسدتها منى زكي بإجادة حقيقية.
أما التصوير فكان جيدًا في النصف الأول وفي المشاهد الخارجية لكنه، لم يكن على المستوي نفسه في المشاهد الداخلية التي من المفروض أن تكشف أبعادًا نفسية للشخصيات من خلال إضاءة محددة.
باختصار، نحن إزاء تجربة بوليسية واجتماعية بل فلسفية طموحة رغم شبهة الاقتباس وترهل السيناريو والإخراج كان من الممكن أن تكون أفضل بكثير لو تمت إعادة صياغتها في المونتاج ليصبح فيلمًا أكثر إحكامًا وتشويقًا وأقوى في الرسالة.
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjE4IA== جزيرة ام اند امز