2016.. عام تقدم الأسد في سوريا
شهد عام 2016 تطورات هامة ومحورية في مسار الأزمة السورية على جميع الأصعدة صبت في نهايتها لصالح نظام الرئيس السوري بشار الأسد
شهد عام 2016 تطورات هامة ومحورية في مسار الأزمة السورية على جميع الأصعدة العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية صبت في نهايتها لصالح نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وظهر هذا جليا منذ مطلع العام وتحديدا في السابع من يناير/كانون الثاني حينما سربت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، وثيقة وضعتها الإدارة الأمريكية لتكون بمثابة جدول زمني لإنهاء الصراع في سوريا نهائيا بتنحي الأسد عن منصبه في مارس/آذار 2017، وتشكيل لجنة أمنية في أبريل/نيسان الماضي من شأنها العفو عن بعض أعضاء حكومة النظام وقياداته العسكرية وزعماء المعارضة السياسية والمسلحة.
بوابة "العين" ترصد أبرز تطورات الوضع في سوريا خلال عام 2016 وكانت كالتالي:
بوتين يتمسك بمساندة الأسد ويتراجع عن سحب قواته من سوريا
في الثالث عشر من مارس/آذار الماضي، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ببدء سحب الجزء الرئيسي من قواته العسكرية المتواجدة في سوريا، زاعما أن التدخل العسكري حقق أهدافه بشكل كبير.
وجاء تقليص وجود القوات الجوية الروسية في سوريا بعدما ساعدت الجيش السوري على تحقيق مكاسب عسكرية، وأن الاتفاق بين الرئيسين الروسي والسوري أتى متزامنا مع استمرار وقف الأعمال القتالية حينها، لتصادق الغرفة الأدنى بالبرلمان الروسي، في 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على اتفاقية تتيح للجيش الروسي البقاء لفترة غير محددة في الأراضي السورية.
وصوت مجلس الدوما بالإجماع لصالح المصادقة على الاتفاقية التي تضفي صفة رسمية على وجود الجيش الروسي في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية لتعطي هذه الاتفاقية روسيا الحق باستخدام القاعدة سالفة الذكر بدون مقابل.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول توجهت حاملة الطائرات الروسية "أميرال كوزنتسوف" وسفينة "بيوتر فيكلي" الحربية والمدمرة "فايس أميرال كولاكوف" إضافة إلى سفن ضخمة مضادة للغواصات، إلى البحر المتوسط قبالة السواحل السورية، ليعقب هذه الخطوة إرسال 4 مقاتلات روسية من طراز "سوخوي 35 إس"، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ، برحلة من قاعدة "مارينوفكا" الجوية إلى قاعدة "حميميم" سوريا، وذلك بعد خطة التطوير الروسية في القاعدة العسكرية، لتكون مساندة لقاعدة طرطوس البحرية.
"دعم سوريا" بيانات صادرة وقرارات لم تنفذ
احتضنت العاصمة النمساوية فيينا في السابع عشر من شهر مايو/أيار الماضي، اجتماعات المجموعة الدولية لدعم سوريا، لتتفق الأطراف المشاركة على أهمية الوقف الكامل للأعمال العدائية لتقليص العنف وإنقاذ حياة البشر، بما في ذلك وقف العمليات الهجومية وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، والدفع بعملية الانتقال السياسي التي يجب أن تكون ملكا للسوريين ويقودها السوريون، وأعربت عن التزامها القاطع والموحد إزاء تسهيل بدء الانتقال السياسي في سوريا على نحو يتسق مع القرار 2254 لسنة 2015.
"الرقة".. ليست المذبحة الأخيرة
شنت طائرات النظام السوري 10 غارات استهدفت وسط مدينة الرقة وأطرافها بالصواريخ الفراغية، أسفرت عن مقتل 170 سوريا معظمهم من السوريين، وإصابة العشرات وصفت حالتهم بـ"الحرجة" حينها، ما أدى إلى حالة من الذعر في المدينة، وامتلاء المستشفيات بالقتلى والجرحى، واستهدفت الغارات المستودع الأصفر شمال الرقة، والمنطقة الصناعية ، ومنطقة جامع الحني وسط المدينة المكتظ بالمدنيين، وحي اﻟﻤﺸلب، ومنطقة نزلة المتحف وسط المدينة.
- الأكراد يضيقون الخناق على "داعش" بالرقة .. انتزاع عدة قرى
- سوريا الديموقراطية تبدأ المرحلة الثانية من معركة الرقة
تركيا تعلن "درع الفرات" لمحاربة داعش وتستهدف الأكراد
أطلقت تركيا عملية "درع الفرات" في الرابع والعشرين من أغسطس/آب الماضي، بهدف استعادة مدينة جرابلس الحدودية، حيث زعمت أن قواتها توغلت داخل الأراضي السورية لتحرير المدينة من براثن تنظيم "داعش" الإرهابي.
ولكن الهدف اغير معلن حينها كان منع قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، وشاركت مقاتلات أمريكية في توجيه عشرات الغارات الجوية على الأراضي السورية إلى جانب الطائرات الحربية التركية، تمهيدا للتوغل البري.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن أن العملية العسكرية التي انطلقت في الساعة الرابعة فجرا، أكد الدعم العسكري التركي لعناصر المعارضة المعتدلة في عملية تحرير مدينة جرابلس، على حد وصفه.
وأوضحت وسائل الإعلام التركية أن ما بين 10 و15 دبابة دخلت الأراضي السورية واتجهت نحو مدينة جرابلس، بعد غارات مكثفة شنتها طائرات حربية تركية على المنطقة الحدودية.
حلم الدولة يقترب من الأكراد
بعد تصاعد نفوذ أكراد سوريا بالتزامن مع اتساع رقعة الصراع في سوريا عام 2012 مقابل تقلص سلطة نظام الأسد في المناطق ذات الغالبية الكردية، ونجاح قواتهم من خلال الدعم العسكري والتدريبات التي تُقدم لهم كمساعدات من بعض الدول.
وأعلن أكراد سوريا النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا في السابع عشر من مارس/آذار الماضي خلال اجتماع عقد في الحسكة.
والمناطق المعنية في النظام الفيدرالي هي المقاطعات الكردية الثلاثة، كوباني والمتمثلة في ريف حلب الشمالي، وعفرين التي تضم ريف حلب الغربي، والجزيرة أو محافظة الحسكة، إضافة إلى المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية.
العروض العسكرية مهمة إضافية لـ"حزب الله" في سوريا
لم تعد سوريا مجرد ساحة قتال يشارك فيها حزب الله اللبناني من أجل مساندة قوات الجيش السوري، لكنها تحولت إلى منطقة نفوذ يوجه من خلالها رسائله، وظهر هذا عبر العرض العسكري الذي نظمه في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بمنطقة القصير الواقعة جنوب غرب محافظة حمص، ونفذته ألوية تتبع لفوج المدرعات وقادة التدخل والتي تعتبر الحصان الرابح للحزب في سوريا، حيث ضم العرض العسكري آليات ثقيلة ومدرعات ومدافع ميدانية انتشرت في المدينة التي استولى عليها الحزب عام 2013 وقام بتهجير أهلها.
جهود دبلوماسية مهدرة لحل الأزمة السورية
عقب فشل جميع التحركات الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي لحل الأزمة السورية، لاسيما التي شهدت اجتماعات بين وزيري خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري وروسيا سيرجي لافروف، أو اجتماعات باريس وبرلين وجنيف، لجأت روسيا لاستخدام حق الفيتو بمجلس الأمن في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد مشروع قرار وقف القتال في حلب والتوصل لهدنة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا خاصة في المناطق المحاصرة.
وفي التاسع من ديسمبر/كانون الأول الجاري تبنت الأمم المتحدة قرارا يطالب بهدنة فورية داخل الأطراف المتنازعة في سوريا والسماح بوصول المساعدات للمناطق المحاصرة، لتقوم روسيا بالموافقة على قرار يسمح للأمم المتحدة بمراقبة عمليات إجلاء المواطنين من شرق حلب.
وفي الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي حث وزراء خارجية خمس دول غربية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، الحكومة الروسية على اتخاذ خطوات استثنائية لإنقاذ الجهود الدبلوماسية واستئناف الهدنة في سوريا.
"بشار الأسد".. السلطة فوق الجميع
مما لا شك فيه أن الرئيس السوري بشار الأسد يعتبر عام 2016 هو الأفضل منذ اندلاع الثورة السورية، حيث إن حلفاءه لم يتخلوا عنه حتى اللحظة، فروسيا تدعمه عسكريا ودبلوماسيا، وحزب الله والحرس الثوري الإيراني يقومان بمساندة الجيش السوري في عملياته الميدانية أو في محاولاته للحفاظ على المناطق التي استعادها في الآونة الأخيرة.
الأسد الذي أجرى عدة حوارات صحفية وتليفزيونية خلال العام الحالي، تميزت إجاباته بثقة عن تلك التي كانت في السنوات السابقة، حيث أكد في آخر حوار صحفي أجري معه في الثامن من ديسمبر مع جريدة "الوطن" السورية، أن قرار تحرير كل سوريا بما فيها حلب متخذ منذ البداية، وأن عملية تحرير المنطقة الشرقية من مدينة حلب مؤخراً لا تأتي في إطار سياسي وإنما في سياق الأعمال العسكرية الطبيعية.
وأشار إلى أن الرابح من الناحية العسكرية في دمشق أو حلب يحقّق إنجازاً سياسياً وعسكرياً كبيرا، لكونها مدناً مهمة سياسياً واقتصادياً، لكن بالنسبة إلى حلب، ولأن المشروع التركي مبني عليها، فإن ذلك يعطيها أهمية خاصة.
معركة حلب
تتميز حلب بموقع استراتيجي هام للغاية خاصة وأنها يربطها طريق سريع مع العاصمة السورية دمشق، وخلال السنوات السابقة وتحديدا في يوليو/تموز من العام 2012 سيطرت فصائل المعارضة المسلحة على الأحياء الشرقية لحلب.
وفي السابع والعشرين من فبراير/شباط 2016 أبرم اتفاق ينص على وقف الأعمال القتالية استثنى "داعش" وجبهة النصرة، وفي مارس/آذار الماضي قصف الطيران السوري أحياء تسيطر عليها المعارضة وفي الثاني والعشرين من أبريل/نيسان انهارت الهدنة في المدينة بسبب قصف الأحياء الشرقية ما خلف المئات من المدنيين، وساعدت القاذفات الروسية وقوات حزب الله والميلشيات الإيرانية الجيش السوري في السيطرة على المدينة.
وفي الثالث والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الجاري أعلن الجيش السوري السيطرة على حلب بالكامل، وتم نقل المدنيين والمسلحين الذين غادروا حلب إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة في ريف غرب حلب وإدلب.
- روحاني لبوتين: انتصرنا في حلب وندعو روسيا لزيادة قواعدها بسوريا
- تركيا: لم نبِع حلب ولن نتفاوض على سوريا
"داعش" يستعيد تدمر
سيطر تنظيم "داعش" الإرهابي على مدينة تدمر الأثرية، على الرغم من القصف الجوي للمقاتلات الروسية عقب انسحاب الجيش السوري منها، عقب انسحاب القوات السورية باتجاه مطار التيفور العسكري، حيث دخلت عناصر التنظيم من الجهة الشمالية الغربية للمدينة والجهة الشرقية لتسيطر على مساكن الضباط شرق المدينة الأثرية.
"إيران".. مكاسب على الأرض وخسائر في الأرواح
رغم التكتم الإيراني على الخسائر البشرية في سوريا على مدار خمسة أعوام منذ التدخل لمساندة الأسد، إلا أن مسئول إيراني أدلى بتصريح في الحادي عشر من ديسمبر يفيد أن أكثر من 1000 جندي أرسلتهم إيران إلى سوريا لدعم النظام السوري قتلوا ، لتمثل هذه زيادة كبيرة في أعداد القتلى عما أعلن قبل أربعة أشهر حين قالت ايران إن 400 من جنودها قتلوا في ساحات القتال في سوريا.
وفي السادس عشر من أغسطس/آب استهدفت قاذفات تابعة لسلاح الجو الروسي، مواقع لـ "داعش" وجبهة النصرة، حيث أقلعت قاذفة بعيدة المدى من طراز "تو-22 إم3"، وقاذفات من طراز "سو - 34" من مطار همدان الإيراني ووجهت ضربات في محافظات حلب ودير الزور وإدلب في سوريا".
"التهجير القسري" سلاح للنظام ومعاناة للمواطنين
اتبع النظام السوري خلال عام 2016، سياسية تهجير أهالي المدن والبلدات الخارجة عن سيطرته في ريف دمشق، حيث تم إفراغ مدينة داريا في الغوطة الغربية يوم 26 أغسطس/آب ، وبعده اتفاق في مدينة معضمية الشام بريف دمشق بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى جانب اتفاق قدسيا والهامة ومؤخراً خان الشيح والتل، وخرجت آخر قافلة مكونة من 40 حافلة تقل أهالي شرق حلب المحاصرين إلى الريف الغربي للمدينة بموجب الاتفاق القاضي بإخراجهم من المدينة والذي تعطل كثيرا ما جعل مجلس الأمن الدولي يصدر قرارا يسمح للأمم المتحدة بمراقبة عمليات الإجلاء.