إعلان موسكو.. الفرقاء يجتمعون لتقسيم "الغنيمة السورية"
بعد السيطرة على حلب، يسعى إعلان موسكو الذي جمع وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، إلى تقسيم الغنيمة السورية على الفرقاء.
في كثير من الأزمات المتعلقة بسوريا، والتي استدعت اللجوء إلى مجلس الأمن، كانت روسيا تستخدم حق "الفيتو" لعرقلة صدور أي قرار، ولكن اللافت للانتباه، أنها سمحت -مؤخرا- بتمرير قرار أممي بإرسال مراقبين دوليين إلى حلب.
ورغم أن الموقف الإيراني في سوريا يأتي دائما متناغما مع الموقف الروسي، حتى إن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قال، الثلاثاء، إن للبلدين مقرا عسكريا مشتركا في سوريا، لتنسيق العمليات العسكرية بينهما، إلا أن الحليفين، افترقا في قرار إرسال المراقبين لحلب.
وانتقد شمخاني نفسه هذا القرار الأممي، قائلا: إنه "خطوة في مواصلة الأعمال المخربة السابقة ويمهد لدخول العناصر الاستخباراتية والعسكرية الداعمة للإرهاب إلى حلب في إطار قوات مراقبة دولية".
هذا الخلاف الروسي الإيراني، لم يكن الأول في معركة حلب؛ إذ سبقه خلاف آخر؛ عندما اتفقت روسيا مع الولايات المتحدة على إجلاء المعارضة من شرق حلب، وعرقلت إيران الاتفاقية، بدعوى أن الاتفاق يجب أن يشمل إجلاء سكان قريتين شيعيتين من إدلب، اللتين تسيطر عليهما المعارضة.
وقتها وصف مراقبون هذا التدخل الإيراني بأنه محاولة لعرقلة اتفاق تعلم أنه سيعقبه محاولات لحل الأزمة السورية سياسيا، وهو ما لا تريده إيران.
وينظر المراقبون إلى الاجتماع الثلاثي الذي جمع روسيا وإيران وتركيا في موسكو، اليوم الثلاثاء، على أنه محاولة من روسيا لتذليل المقاومة الإيرانية والتركية، لأي مسعى روسي للحل السياسي، وفق الضمانات والشروط التي تريدها موسكو.
وتسعى موسكو للاستفادة من فرصة السيطرة على حلب لفتح الباب أمام احتمال إعادة إطلاق مفاوضات سورية سياسية، يشكل وقف شامل لإطلاق النار محفزا كبيرا لها، وذلك للوصول لحل سياسي.
وظاهريا تبدو الشروط الروسية والإيرانية للحل السياسي واحدة، وهي ضمان بقاء بشار الأسد ضمن هذا الحل، غير أن إيران التي تريد أن تحتكر النفوذ والسيطرة الكاملة في سوريا، ستقاوم أي حل، وهو ما أظهرته عندما حاولت تعطيل اتفاق حلب، وما أعقب ذلك من رد فعل على القرار الأممي بإرسال مراقبين دوليين إلى هناك.
وتبدو الحال مختلفة مع تركيا، التي تختلف عن روسيا وإيران بمعارضتها لبشار الأسد، لذلك هي تعلن دوما تأييد الحل السياسي، لكنها تمانع في وجود بشار الأسد ضمن هذا الحل.
ويأتي اجتماع موسكو في محاولة من روسيا لجمع الفرقاء على اتجاه واحد وهو استغلال اتفاق شرق حلب، لإحياء المفاوضات وصولا لحل سياسي، وفق شروط روسية تحقق مصالحها، وتتمثل في بقاء الأسد مع تشكيل حكومة تشارك فيها المعارضة.
وفي مقابل ذلك، حرصت روسيا على تطمين كل طرف على مصالحه في سوريا، وعكس إعلان موسكو الختامي الذي تم إصداره في نهاية اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث نجاح روسيا إلى حد كبير في هذا التوجه.
وعبر وزراء خارجية الدول الثلاث في الإعلان الختامي للاجتماع عن قناعتهم العميقة بأن اتفاق شرق حلب سيسهم في إعطاء دافع ضروري لاستئناف العملية السياسية في سوريا بناء على قرار مجلس الأمن الدولي 2254"، آخذين بعين الاعتبار دعوة رئيس كازاخستان لإجراء لقاءات بهذا الشأن في العاصمة أستانا.
وشدد الوزراء الثلاثة على أهمية توسيع نظام وقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وحرية تنقل السكان المدنيين في أراضي سوريا.
وفي مقابل ذلك، حرص وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، على التأكيد أن مصالح تركيا لن تتضرر، وقال: "إن العملية العسكرية التركية في الشمال السوري لن تتوقف".
وتقول تركيا إن هذه العمليات هدفها طرد تنظيم داعش، بينما يكشف سير العمليات العسكرية التركية أنها لا تستهدف داعش وحدها، لكن تستهدف الأكراد أيضا، لقتل الطموح الكردي على الحدود السورية التركية.
وتضمن الإعلان -أيضا- ما يبدو أنه استجابة للمطلب الإيراني الذي وضعته لعرقلة اتفاق حلب؛ حيث ذكر الوزراء الثلاثة ترحيبهم بإجلاء المدنيين الجزئي من قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين بإدلب، إضافة إلى الزبداني ومضايا.
وتبدو المصالح التركية في سوريا واضحة، وهي وأد أي نشاط كردي يمثل خطرا عليها، ويمكن لروسيا ضمان ذلك، ولكن إيران لا تجاهر برغبتها في أن تكون الرابح الأول أو الأكبر في سوريا، بجعلها مقاطعة إيرانية لا يشاركها أحد في إدارتها والتحكم بمصيرها.
فهل تكون تركيا التي تختلف في الموقف من بشار الأسد مع روسيا، أسهل في استيعابها من إيران التي تتفق معها في الموقف من الأسد؟.. الأيام القادمة ستكشف إلى مدى نجحت موسكو في استيعاب الفرقاء، ومدى رضاء كل طرف عن نصيبه من الغنيمة السورية.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE0NSA= جزيرة ام اند امز