فورين بوليسي: دولة عربية "الفائز غير المتوقع" من مذبحة النفط
يشهد الطلب على البنزين ووقود الطائرات وغيرهما من المنتجات البترولية حالة تراجع مستمر
شبهت مجلة "فورين بوليسي" 2020 بعام المذبحة بالنسبة للدول النفطية، لكنها قالت إن واحدة على الأقل ستخرج من جائحة فيروس كورونا وهي أقوى اقتصاديًا وجيوسياسيًا.
وقالت المجلة خلال تقرير أعده جيسون بوردوف، المستشار السابق لشؤون الطاقة في إدارة باراك أوباما ورئيس مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، إن سعر برميل النفط كان منخفضًا جدًا في الولايات المتحدة لدرجة أن الباعة مؤخرًا اضطروا لدفع أموال للتخلص منه، ونتيجة لذلك، تعيش الاقتصاديات التي تعتمد على النفط حالة ترنح.
وفي الوقت الذي يعيش فيه 4 مليارات نسمة حول العالم قيد الإغلاق مع تنامي تفشي فيروس كورونا المستجد، يشهد الطلب على البنزين ووقود الطائرات وغيرهما من المنتجات البترولية حالة تراجع مستمر، وكذلك أسعار النفط.
وبالرغم من أن 2020 سيتذكر على أنه عام مذبحة الدول النفطية، لكن دولة واحدة على الأقل على الأرجح ستخرج من الجائحة أكثر قوة، على الصعيدين: الاقتصادي والجيوسياسي، وهي المملكة العربية السعودية.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن السعودية تثبت أن مواردها المالية يمكنها تهدئة عاصفة مثل هذه، بالرغم من أن أسعار النفط المنخفضة مؤلمة بالطبع لدولة تحتاج سعر برميل بـ80 دولارًا من أجل توازن ميزانيتها العامة، وهذا هو سبب تخفيض مؤشر مودي التوقعات المالية للسعودية الجمعة الماضية.
سجلت السعودية عجزًا قدره 9 مليارات دولار في الربع الأول لعام 2020، ومثل غيرها من الدول، فرضت قيودًا اقتصادية لكبح انتشر فيروس كورونا. وقال وزير المالية الأسبوع الماضي إن الحكومة ستحتاج إلى تخفيض شديد في الإنفاق، فضلًا عن تأجيل بعض أجزاء من خطة "رؤية 2030" الاقتصادية.
لكن على عكس معظم الدول الأخرى من منتجي النفط، فإن السعودية ليس لديها احتياطيات مالية فقط بل أيضًا لديها القدرة على الاقتراض؛ ففي 22 أبريل/نيسان الماضي، قال وزير المالية إن المملكة يمكنها اقتراض ما يصل لـ58 مليار دولار في 2020.
وبالمقارنة مع معظم الاقتصاديت الأخرى، فإن نسبة الدين مقابل إجمالي الناتج المحلي منخفضة نسبيًا: 24% اعتبارا من نهاية 2019، بالرغم من أن هذا الرقم كان يزداد مؤخرًا. وقال وزير المالية إن السعودية ستسحب ما يصل لـ32 مليار دولار من احتياطياتها المالية.
ومع وجود 474 مليار دولار يحتفظ بها البنك المر كزي في احتياطيات النقد الأجنبي، تظل السعودية بشكل مريح فوق مستوى نحو 300 مليار دولار، الذي يعتبره كثيرون الحد الادنى للدفاع عن عملتها، الريال، المرتبط بالدولار.
كما سينتهي الحال بالسعودية مع عائدات نفطية أعلى، وحصة أكبر من سوق النفط بمجرد استقرار الأسواق، بفضل تخفيض الإنتاج، والإغلاق.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن الوضع النفطي الحالي يرسي الأساس لطفرة في الأسعار خلال الأعوام المقبلة، إلى جانب ازدهار العائدات بالنسبة للملكة السعودية، موضحة أنه رغم أن توقعات مستقبل طلبات النفط غير مؤكد إلى حد بعيد، ما أن تنظر لما وراء الأزمة الحالية، فعلى الأرجح سيزداد الطلب بشكل أسرع من العرض.
وأشارت المجلة إلى توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الخاصة بعودة الطلب على النفط إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا المستجد بنهاية العام الجاري، لافتة إلى تفاؤل الإدارة التي تتوقع أن يكون الطلب أقل بنسبة 2 لـ3 بالمائة فقط عن متوسط عام 2019 بـ100 مليون برميل في اليوم بنهاية العام.
وحال دامت تدابير احتواء فيروس كورونا لفترة أطول من المتوقع، أو كان هناك موجة ثانية، فإن التعافي سيستغرق وقتًا أطول، لكن لازالت معظم السيناريوهات تتوقع تعافي الطلب في النهاية.
ويمكن أن يؤدي التغيير في نمط الحياة إلى تقليل الطلب على النفط في المستقبل، لكن ترجح البيانات أنه يجب أن يكون المرء متشككًا في التوقعات بشأن التحولات الدائمة.
وأشارت المجلة إلى أن الطلب على النفط قد يشهد زيادة حال قرر مزيد من الناس الحصول على سيارات خاصة لتجعلهم يشعرون بالآمان بعيدًا عن وسائل المواصلات المزدحمة، كما من المرجح أن تخيب التوقعات بشأن أن الطلب على النفط سيختنق بسبب سياسة المناخ.