العلاقات المغربية الجزائرية.. عودة الدفء؟
وفد مغربي رفيع حلّ بالجزائر في زيارة هي الأولى من نوعها على هذا المستوى، حاملا رسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس بوتفليقة.
بعد شبه قطيعة دامت سنوات، أدى وفد مغربي رفيع المستوى زيارة إلى الجزائر، حاملا رسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، لم يكشف عن فحواها. وتتزامن الزيارة مع رغبة باتت تبديها المغرب في العودة إلى أحضان الاتحاد الإفريقي.
أعلنت الحكومة الجزائرية أمس، عن استقبال الوزير الأول عبدالمالك سلال بالجزائر العاصمة، للوزير المنتدب للشؤون الخارجية في المغرب ناصر بوريطة، بصفته مبعوثًا خاصًّا لملك المغرب محمد السادس، في أول زيارة ثنائية لمسؤول بهذا المستوى إلى الجزائر العاصمة منذ سنوات.
وجاء في البيان الذي أعقب اللقاء، أن المباحثات شملت مواضيع الأمن الإقليمي لا سيما مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية المنظمة والمسائل المتعلقة بالهجرة وإشكالية التنمية، كما تناولت "العلاقات الثنائية"، وسمحت "بتبادل وجهات النظر حول التحديات التي تواجهها إفريقيا والعالم العربي".
واللافت في اللقاء الذي ركز على المسائل الأمنية، أنه تم بحضور المسؤول الأول في جهاز المخابرات لكلا البلدين، وهما المستشار لدى رئيس الجمهورية الجزائرية المكلف بالتنسيق بين أجهزة الأمن عثمان طرطاق، وعن الجانب المغربي مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات ياسين المنصوري.
كما حضر اللقاء أيضًا عن الجانب الجزائري وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية عبدالقادر مساهل إلى جانب سفير المغرب بالجزائر عبدالله بلقزيز.
ويعتبر الوزير مساهل عميد الوزراء الجزائريين وأكثرهم إلمامًا بملف الصحراء الغربية والعلاقات مع المغرب.
وتأتي هذه الزيارة في خضم لقاءات مكثفة تجريها الخارجية المغربية مع الدول الإفريقية الكبرى، لاستشارتهم في أمر عودتها إلى الاتحاد الإفريقي، وفق ما تذكر المصادر الإعلامية المغربية، حيث استبق الوزير ناصر بوريطة زيارته إلى الجزائر بأخرى إلى نيجيريا التي التقى فيها كبار المسؤولين، كما أدى أيضًا زيارة لموريتانيا.
ويعتبر المغرب من أهم الدول التي أسهمت في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963، لكنه انسحب سنة 1984 من هذه المنظمة التي أصبحت لاحقًا تسمى منظمة الاتحاد الإفريقي، إثر قبول المنظمة عضوية البوليساريو التي تطالب بإقامة دولة مستقلة على أراضي الصحراء الغربية.
ويتهم المغرب جاره الجزائري تحديدًا بافتعال الصراع على الصحراء الغربية التي تعدها أراضي مغربية، وترد الجزائر بأن لا علاقة لها بهذا الصراع الموجود على طاولة الأمم المتحدة منذ سنوات طويلة، لكنها لا تخفي مساندتها لجبهة البوليساريو في مطلب تقرير المصير.
كما يتزامن هذا التطور مع انتخاب قيادة جديدة لجبهة البوليساريو بعد وفاة زعيمها محمد عبدالعزيز، وانتخاب قائد آخر قبل أسبوعين هو إبراهيم غالي المقرب من الجزائر بعد أن مكث فيها سفيرًا لـ8 سنوات، ولديه فيها شبكة علاقات قوية مع كبار المسؤولين في الدولة.
ويرى حليم بن عطاء الله الوزير والسفير الجزائري السابق في بروكسل، أن الجزائر لا تعارض عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي من حيث المبدأ، لكنها لن ترضى بخروج الجمهورية الصحراوية التي يعترف بها مع عدد واسع من الدول الإفريقية كشرط لهذه العودة.
وأضاف بن عطاء الله، في حديثه مع بوابة "العين" الإخبارية أن الكرة في مرمى المغرب إذا كانت جادة في العودة ولا تستعملها فقط لحسابات تكتيكية مرحلية، بتقديم تنازلات تقضي بقبول الجمهورية الصحراوية طرفًا في هذا الكيان أيضًا، مشيرًا إلى أن ذلك سيكون عائقًا كبيرًا أمام المملكة، ومن المستبعد أن تقبل.
وعلى الرغم من جمود العلاقات بين الجزائر والمغرب، إلا أن التنسيق الأمني بينهما جار، خاصة في مكافحة الإرهاب، وسبق للخارجية الجزائرية في بداية السنة أن استدعت السفير المغربي لديها لإبلاغه أن ثمة تدفقًا مكثفًا وغير عادي لرعايا مغربيين قادمين من الدار البيضاء باتجاه ليبيا عبر الجزائر".
وقد عمدت الجزائر لاعتقال نحو 270 مغربيا قدموا إلى مطاراتها للاشتباه في إمكانية تسللهم إلى ليبيا من أجل الانضمام إلى تنظيم داعش.
وتشتكي الجزائر أيضًا من تدفق أطنان المخدرات إليها عبر حدودها مع جارتها الغربية، علمًا أن الحدود بين البلدين مغلقة منذ أغسطس 1994 بقرار من الجزائر على خلفية اتهام لها بالوقوف وراء عمل إرهابي على أراضيها.
واستبعد حليم بن عطاء الله، أن تكون هذه الزيارة مقدمة لفتح الحدود بين الجزائر والمغرب؛ لأن المشوار لا يزال طويلاً أمام ذلك، لكنها تعتبر مهمة -حسبه- في إعادة فتح قنوات التواصل بين البلدين، بعد فترة تشنج طويلة تخللتها حرب تصريحات كادت تؤدي إلى القطيعة الدبلوماسية.
aXA6IDE4LjExNy4xMDcuNzgg جزيرة ام اند امز