4 عوامل ومعارضة قوية أفشلت انقلاب تركيا
4 عوامل أسهمت في إفشال أحد أكبر الانقلابات العسكرية في تاريخ تركيا، حسب موقع التحليل الإستراتيجي والأمني الأمريكي ستراتفور
بعد استعادة الحكومة التركية السيطرة على زمام الأمور بعد فشل محاولة الانقلاب العسكري في الإطاحة بحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يبرز تساؤل حول الأسباب التي أدت إلى فشله، وقد قام عدد من مراكز الأبحاث مثل ستراتفور وكارنجي بمحاولة شرح الأسباب التي أدت إلى ذلك.
"4 عوامل أسهمت في إفشال الانقلاب العسكري في تركيا" هي عنوان أحدث تقارير موقع التحليل الأمني والإستراتيجي الأمريكي ستراتفور؛ حيث قام هذا التحليل بمقارنة وقائع الأحداث الحالية بالتقارير الإخبارية والمصادر المنشورة، وكيف أن النتيجة هي ذاتها في تقرير الشعب التركي لمصيره.
وأشار التقرير إلى أن العامل الأول هو عدم استغلال عامل المفاجئة الذي تمتعت به قوات الانقلاب؛ حيث إن السرعة التي انتشرت بها تلك القوات تنم عن مستوى عالٍ من التنظيم والاستعداد، لكن التقرير أشار أيضا إلى أن محاولة الانقلاب كانت فاشلة منذ البداية، نظرًا لتكرار سيناريو الفصائل المستقطبة التي قادت الانقلاب، على الرغم من تضاد مصالحها والتي أدت على حالة من التخبط داخل صفوف القوات المنقلبة.
وأوضح التقرير أن العامل الثاني تمثل في أن تأثير الجيش التركي لم يكن كاملًا؛ حيث تفاعلت وحدات قليلة فقط مع دعوات الانقلاب، وهي تتبع حركة متشددة داخل المؤسسة العسكرية التي أدت إلى عزل القوى العلمانية داخل الجيش التركي في خطوة تحدت أردوغان، لكن بقية الوحدات التركية سرعان ما عزلت تلك الوحدات المتمردة لإتاحة الفرصة لقوات الشرطة والجماهير التركية باستعادة السيطرة على الوضع، وفقًا لما نشره الإعلام التركي.
ويشير التقرير أيضًا إلى عنصر ثالث يتمثل في وجود أدلة قوية لتدخل قيادات رفيعة المستوى للتصدي للانقلاب داخل الجيش والشرطة التركية؛ حيث هم من نسقوا عمليات التمشيط الواسعة في كل من أنقرة وإسطنبول للسيطرة على المناطق الحيوية في المدينتين لمنع أي محاولة لشل البنية التحتية.
وقد نشر التقرير خريطة للمناطق الحيوية في أنقرة، العاصمة التركية، التي تم استهدافها من قبل القوات العسكرية المنقلبة، وأشار أيضًا إلى أن موجة الاشتباكات بين الشرطة قوات الانقلاب شملت مناطق حساسة مثل محيط السفارة الأمريكية، ومجلس الشعب، ومقر رئيس الوزراء في أنقرة.
وهنا يبرز العامل الثالث في اتساع تحرك القياديات العسكرية والشرطية في تأمين تلك المناطق الحيوية لمنع سقوطها في يد القوات المنقلبة، واستخدامها كورقة ضغط لإطالة أمد الصراع.
ويختم التقرير بأن العامل الرابع يتمثل في أن الهوية التركية الحالية متمسكة بالحلول الديمقراطية، التي ظهرت في خروج الشرطة والعديد من المدنيين لإثبات أن تركيا لن تعود إلى حكم عسكري مثلما حدث في الستينيات والسبعينيات، لكن الانقلاب في حد ذاته هو مؤشر لحالة من الاستقطاب في الداخل التركي، وربما سيشهد الداخل التركي حالة من تصفية الحسابات واسعة النطاق بعد محاولة الانقلاب تلك.
ونشر معهد كارنجي تصريحًا على لسان مدير معهد "إدام" البحثي والباحث الزائر لدى معهد "كارنيغي" الأوروبي سنان أولغن عن أسباب الفشل أيضًا، حيث قال "لم يشارك الجيش كله في الانقلاب مثلما حدث في الانقلابات السابقة وإنما نفذته مجموعة احتجزت بنفسها قائد الجيش رهينة".
وأضاف "قامت بذلك مجموعة لا تنتمي إلى المراتب القيادية، مجموعة صغيرة في الجيش نسبيا، حتى أنها خطفت قائد الجيش، فلم تكن عملية خطط لها الجيش وكان ذلك جليًّا، من دون الدعم التام للجيش لم تكن لديهم القدرة" على النجاح.
ويقول اردمير إنه قد ولى عهد الانقلابات الناجحة مثلما حدث في 1960 و1971 و1980 مع وجود معارضة قوية لها من الشارع؛ حيث أبدى الناس هذه المرة تضامنًا مع الحكومة، حتى أن الأحزاب الثلاثة المعارضة في البرلمان سارعت إلى إدانة محاولة الانقلاب، ويضيف أن "الأحزاب السياسية ليست لديها "ذكريات جيدة" عن الانقلابات السابقة، لمعاناتها تحت الحكم العسكري.
ويقول أولغن أيضًا إنه عندما لاحظ الناس أن الانقلابيين لا يحظون بدعم الجيش، كان من السهل الوقوف في وجه الانقلاب؛ حيث كانت كل الظروف ضد الانقلابيين وقد ظهر على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وسم: "ليس انقلابا وإنما مسرحية".
وتقول المحاضرة في السياسة والعلاقات الدولية في جامعة "نوتنغهام ترنت" في بريطانيا ناتالي مارتن، إن الانقلاب بدا كأنه كان محكومًا عليه بالفشل من البداية، وهو أمر أشاع الشكوك بأنه من الممكن تمامًا أن يكون انقلابًا كاذبًا.
aXA6IDMuMTI5LjIxNi4xNSA= جزيرة ام اند امز