"العين" ترصد قوائم ضريبة القيمة المضافة التي يترقبها المصريون
حالة من التخوف تسود الشارع المصري؛ مع اقتراب إقرار مشروع قانون "ضريبة القيمة المضافة"، وما يتبعه من تأثيرات مباشرة على المستهلكين.
حالة من التقرب والتخوف تسود الشارع المصري؛ مع اقتراب إقرار مجلس النواب مشروع قانون "ضريبة القيمة المضافة" والتي ستحل محل "ضريبة المبيعات"، وما يتبعه من تأثيرات مباشرة على المستهلكين جراء فرض الضريبة على أسعار السلع والخدمات التي تمس حياة الناس اليومية.
حكومة المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء المصري، وعلى لسان وزير المالية، دكتور عمرو الجارحي، ومسؤولين بالوزارة حاولوا مرارًا طمأنة المواطنين، بأن تأثير ضريبة القيمة المضافة محدود، ولن تمس السلع الأساسية، واحتياجات المواطن البسيط، ومحدودي الدخل؛ حيث أكد أنها خطوة نحو ما يسمى بـ"الانضباط المالي" والذي من شأنه أن يقلل من تأثيرات التضخم، والذي يمثل الضريبة الحقيقية على المواطنين، منوهًا إلى أن الضريبة الجديدة لن يتم تطبيقها على سلع غذائية عديدة، وأخرى مثل "البنزين".
المؤكد أن "ضريبة القيمة المضافة" ستدخل حيز التنفيذ في غضون شهر واحد من إقرارها من مجلس النواب، وهو ما يعني إمكانية التطبيق بحلول شهر سبتمبر/ أيلول المقبل على الأرجح، كما أنها ضريبة تربط بحجم الاستهلاك؛ حيث تزيد قيمتها وفقًا لاستهلاك الشخص.
وتأتي "ضريبة القيمة المضافة" ضمن مجموعة من الإصلاحات المالية التي تنفذها الحكومة المصرية، تنفيذًا لاتفاقيات مع مؤسسات مالية دولية، بينها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي؛ حيث من المقرر أن يتم الإفراج عن الشرائح الأولى من قروض دولية تصل إلى ما بين 1.5 إلى 2 مليار دولار، بمجرد إقرار الضريبة، وهو ما أكده من قبل وزير المالية، والذي قال: "استلام مصر للشريحة الأولى من قرض البنك الدولي مرتبط بقدرة الحكومة على تمرير قانون ضريبة القيمة المضافة".
المبرر الرئيسي للحكومة المصرية من مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة هو زيادة إيرادات الدولة، لمواجهة العجز المزمن؛ حيث تشير توقعات وزير المالية إلى أن إيرادات هذه الضريبة سترتفع بنحو 30 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي مقارنة بالعام المالي الماضي في ظل ضريبة المبيعات.
الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، يشير إلى أن ضريبة القيمة المضافة لا تتفرّد بها مصر؛ فهي مطبقة في دول كثيرة، وهي إحدى أدوات تحسين موارد الدولة المالية، بل إن دول غنية، ووضعها المالي أفضل من مصر كثيرًا، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، اتفقت على تطبيق ضريبة القيمة المضافة، خلال فترة قريبة بنسبة تصل إلى 5%.
والاتفاق العام بين المختصين هو أن الضريبة الجديدة التي ستحل محل الضريبة القديمة، سينتج عنها ارتفاعات أسعار مباشرة، بخلاف الأثر النفسي للضريبة، واستغلال البعض للضريبة في رفع الأسعار، وهو ما يعني وجود آثار تضخمية في الأسواق، تتطلب دورًا للدولة.
هنا يقول مختار الشريف: "ضريبة القيمة المضافة أداة مالية مهمة لضخ موارد جديدة، ومن المهم أنها تعكس روح العدالة الضريبية في التطبيق، بحيث لا يتحملها الفقراء، بل يجب أن يتحملها الأغنياء والأكثر غنى، والتطبيق على السلع والخدمات غير الأساسية، إلا أن تأثير الضريبة وارد في كل الأحوال، ومن المهم الحد من أي تأثير لها من جانب التجار والمحتكرين، عبر الأجهزة الرقابية المختلفة للدولة".
الدكتور أحمد الزيني، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة في جامعة عين شمس، يوضح أن ضريبة القيمة المضافة ستدعم توجه الحكومة في زيادة إخضاع كل السلع والخدمات للضريبة، والإعفاء يكون بنص قانوني لأي سلعة، لافتًا إلى أن هذه الضريبة من أنواع الضرائب المركبة والتي يتم فرضها على أساس الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع للسلع بغض النظر عن كونها صناعة محلية أو مستوردة.
ويتوقع "الزيني" أن يتم إقرار الضريبة بنسبة في حدود 14%، مقابل النسبة المعمول بها حاليًا في ضريبة المبيعات، والمحددة بـ10%، وهو ما يمكن أن يترك أثرًا تضخميًا بنسبة أقل من فارق الضريبة الحالية، والنسبة المقترحة.
ووفقًا لمشروع القانون فإن زيوت الطعام النباتية سيتم إدراجها ضمن جدول الضرائب بنسبة 1% من قيمتها، بعدما كانت معفاة في ظل ضريبة المبيعات، والشيء نفسه بالنسبة للزيوت الأخرى التي كانت تخضع لضريبة القيمة المقطوعة، بواقع 37.40 جنيه على الطن الصافي.
ويتوقع المتابعون أن تطبيق الضريبة على الزيوت النباتية يعني إلغاء بند الإعفاء كليًا من مختلف منتجات هذه الزيوت، وهو ما سيترك تأثيرًا مباشرًا على تكاليف إنتاجها، وأسعار بيعها للمستهلك.
وسيرتفع البند الضريبي على سلع أخرى بنسب أعلى من المعدلات المطبقة حتى الآن، مثل خدمات الاتصالات عبر المحمول؛ حيث من المقرر أن فرض ضريبة بنسبة 8% على الاتصالات، مع نسبة العامة للضريبة، لتصل نسبة الضرائب إلى نحو 22%، مقابل 15% حاليًا.
وترتفع الضريبة على البيرة الكحولية من 200% بحد أدنى 400 جنيه لكل مائة لتر، إلى 250% بحد أدنى 500 جنيه لكل مائة لتر.
وبالنسبة لمنتجات الأسمدة، فالقانون أبقى نسبتها عند حدود العمل بها حاليًا، وبواقع 5%، ورفضت الحكومة المطالبات بإدراجها ضمن السلع المعفاة، والشيء نفسه فإن ضريبة القيمة المضافة على الأدوية المحلية ستبقى عند حدودها الحالية، وبنسبة 5%، وعند 1.6% للأدوية المستوردة، وهو ما يعني استمرارها دون تغيير، بخلاف الشيء نفسه على سيارات الركوب وعلى البنزين والسولار، لتستمر بمعدل ضريبة المبيعات نفسه، مع تطبيق سعر ضريبة جديدة على السجائر، لن يتم الإعلان عنها إلا في حينها.
عمرو المنير، نائب وزير المالية المصري للسياسات الضريبية، أكد أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة، سيراعي أي تأثير على الشارع المصري، مع الأخذ في الاعتبار المتربصين، من التجار، لاحتكار أي سلعة، تحت دعوى فرض ضريبة عليها، والقيام بتخزينها.
وينص مشروع القانون على قيام الحكومة بإخضاع بنود جديدة كانت معفاة في ظل "ضريبة المبيعات" مثل المدارس والجامعات الدولية، أو ما يعرف بالأقسام والمدارس والمعاهد والكليات والجامعات التي تقوم بتدريس مناهج ذات طبيعة خاصة، ومن المقرر فرض ضريبة عليها بنسبة 5%، وسيتحملها أولياء أمور الطلاب.
وأدرج مشروع القانون سلعًا جديدة ضمن القوائم المعفاة، وألغى ضريبة المبيعات عليها، مثل الشاي والسكر، لتنضم إلى سلع أخرى بينها ألبان الأطفال ومنتجات صناعة الألبان، والخبز ومنتجات المطاحن، والمكرونة، والحيوانات والطيور الحية أو المذبوحة الطازجة أو المبردة أو المجمدة، والأسماك، والحلاوة الطحينية، والطحينة والعسل الأسود وعسل النحل والمنتجات الزراعية بما في ذلك البذور والشتلات.
وتضم قوائم السلع والخدمات المعفاة الخضر والفاكهة المصنعة ما عدا البطاطس والعصائر ومركزاتها، والبقول والحبوب وملح الطعام والتوابل المصنعة، والمأكولات التي تصنع أو تباع للمستهلك النهائي مباشرة من خلال المطاعم والمحال غير السياحية، والطائرات المدنية، والأجهزة التعويضية وأجهزة الغسيل الكلوي، وحضانات الأطفال.
ومن الخدمات المعفاة من ضريبة القيمة المضافة، العمليات المصرفية الخاضعة لقانون البنوك، وبيع وشراء العملة بشركات الصرافة والبنوك، وخدمات صندوق توفير البريد المصرفية، والخدمات المالية غير المصرفية، وخدمات التأمين وإعادة التأمين، وخدمات التعليم والتدريب والبحث العلمي، ما عدا التعليم الدولي، والخدمات الصحية، وخدمات النقل البري للأشخاص، ما عدا خدمات النقل السياحي والنقل المكيف بين المحافظات وتأجير السيارات الملاكي.
وتشمل القوائم المعفاة النقل المائي الداخلي غير السياحي للأشخاص، والنقل الجوي للأفراد، والخدمات المجانية التي يتم بثها من خلال الإذاعة والتلفزيون، والخدمات المجانية لدور العبادة، وإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء.
ومن السلع ضمن بنود الإعفاء، ورق الصحف وورق الطباعة والكتابة، والكراسات والكشاكيل والمذكرات التعليمية والصحف والمجلات، والطوابع البريدية والمالية، والمواد الطبيعية، والبترول الخام والغاز الطبيعي والبوتاجاز، والذهب والفضة الخام.
وأعفى مشروع القانون خدمات الإنترنت الأرضي من ضريبة القيمة المضافة لمدة عام واحد فقط.