الفيلم اللبناني "كتير كبير" يفوز بـ"مهرجان مراكش للسينما"
تسعة أيام من الفرح وعروض الأفلام وحفلات البساط الأحمر اختتمت أمس مع إسدال الستار على المهرجان السينمائي للمدينة الحمراء المغربية.
تسعة أيام من الفرح وعروض الأفلام وحفلات البساط الأحمر التي استضافت نجوم العالم والعرب الذين ابتسموا لعشرات العدسات والكاميرات، اختتمت السبت مع إسدال الستار على المهرجان السينمائي للمدينة الحمراء المغربية.. مراكش. تسعة أيام من العروض، والتكريمات اختتمت مساء السبت بفوز الفيلم اللبناني "كثير كبير" لمخرجه ميرجان بوشعيا بالنجمة الذهبية للدورة 15، بعد أن تنافس خلالها 15 فيلمًا روائيَّا طويلًا من دول مختلفة.
هنا في قصر المؤتمرات في منطقة جيليز في مدينة مراكش أقيم الحفل الختامي الذي فاز فيه أيضًا المخرج جابرييل ماسكارو بجائزة أحسن إخراج عن فيلمه " ثور النيون"، بينما قررت لجنة تحكيم المسابقة في سابقة مميزة، منح جائزتها الخاصة لجميع الأفلام المشاركة في هذه الدورة تكريما للسينما، وهي: "باباي" للمخرج فيزار مورينا، "المتمردة" للمخرج المغربي جواد غالب، "خزانة الوحش" لستيفن دان، و"سيارة الشرطة" لجون واتس، و"الصحراء" لخوناس كارول، و"كيبر" لكيوم سينز"، و"مفتاح بيت المرآة" للمخرج مايكل نوير.
ومُنحت جائزة أحسن ممثل لكونار جونسن عن دوره في فيلم "الجبل البكر" لمخرجه داكور كاري في حين حصلت كالاتيا بيلوجي على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "كيبر" للمخرج كيوم سينيز.
وشهدت هذه الدورة التي بدأت في الرابع من ديسمبر الحالي تكريم السينما الكندية كضيف شرف، حيث حضر ما يزيد على 25 ممثلًا ومخرجًا ومنتجًا كنديين على رأسهم اتوم اجويان الذي عُرض فيلمه "تذكر" خلال حفل التكريم، كما كرمت هذه الدورة الممثل والمخرج السينمائي الأمريكي بيل موراي الذي سلمته درع التكريم الممثلة وكاتبة السيناريو الأمريكية صوفيا كوبولا.
وكرمت أيضا المخرج المغربي كمال الدرقاوي والمخرج الكوري بارك شان وو والراقصة الهندية "مادوري ديسكيت" التي رقصت لجمهورها في ليلة تكريمها.
وبالعودة إلى الفيلم الفائزة بالنجمة الذهبية "كتير كبير"، الذي شارك أيضًا في مهرجان تورنتو العالمي للأفلام السينمائية، فهو أول أعمال المخرج بوشعيا، الذي قال إن "الفوز شكل لها مفاجئة غير متوقعة"، مضيفًا أنه "في الواقع من المتأثرين بأعمال رئيس لجنة التحكيم فرنسيس كوبولا".
ويتحدث الفيلم عن المخدرات وفساد أجهزة الأمن، إضافة إلى الطائفية المتجذرة في المجتمع اللبنانية والأزمات الناتجة عنها وأبرزها الزواج المختلط بين الطوائف وحتى بين المذاهب، وكان بوشعيا قد ذكر في مقابلة مع موقع لبناني في وقت سابق أن "الفيلم يمكن أن يندرج تحت إطار سينما الواقع، فهو ينطلق من الواقع ويعكسه جميلاً كان أو بشعًا، أما المفهوم الأساسي الذي انطلق منه الفيلم هو "قوة الصورة" ومدى تأثيرها على حياتنا اليومية، هذا المفهوم تتطوّر ليصبح فكرة ومنها انطلقت القصة والسيناريو، لافتًا إلى أن "الفيلم يروي قصة ثلاثة إخوة يعيشون في منطقة شعبيّة ويعملون في أحيائها المتواضعة، يملكون فرن بيتزا ومناقيش يستعملونه كواجهة لتجارة المخدّرات".
وكان المهرجان قد انطلق برسالة افتتاحية من رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش صاحب السمو الملكي الأمير رشيد، اعتبر فيها أن "إن تجديد هذا الحوار كل سنة بين المواهب والكفاءات في مدينة عتيقة كمراكش، والتقاء مختلف المبدعين في مجال الفن السابع، ليجعلنا نسجل بكل فخر واعتزاز دور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي أضحى في الواقع، قبلة لصناع السينما وطنيًا ودوليًّا، من أجل رسم معالم سينما الغد، علاوة على أن المملكة المغربية باتت تشكل الوجهة المفضلة لاستضافة الإنتاجات السينمائية الكبرى عبر العالم".
وترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية المخرج والسيناريست الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا، وضمت ثمانية أعضاء لكل منهم باع طويل وخبرات لامعة في مجالهم، وهم الممثل وكاتب السيناريو والمنتج الإيطالي سيرجيو كاستيليتو والممثلة المغربية أمل عيوش، ومدير التصوير والمخرج الهولندي أنطون كوربيين والممثلة الهندية ريشا شادا، والمخرجة وكاتبة السيناريو اليابانية ناوومي كاوازي والمخرج وكاتب السيناريو الفرنسي جان بييرجوني، والممثلة والمنتجة الأوكرانية أولغا كوريلينكو، والمخرج وكاتب السيناريو الدنماركي توماس فينتربرك.
وشاركت أفلام من تركيا ولبنان والدنمارك وأيسلندا واليابان والبرازيل وكوريا الجنوبية والهند والمغرب وقازاخستان وإيران وبلجيكا وكندا والولايات المتحدة والمكسيك في المسابقة الرسمية.
وتميز المهرجان، كما الأعوام السابقة، بتكريس البعد الاجتماعي في نشاط التظاهرة من خلال فعاليات فقرة السينما بالوصف السمعي لفائدة المكفوفين. وأتاحت الدورة لأكثر من مئة شخص من المكفوفين وضعاف البصر إمكانية الاستمتاع بعالم السينما الساحر عبر برمجة فيلم "جوق العميين" للمخرج محمد مفتكر، لفائدة هذه الشريحة التي بدت سعيدة باكتشاف جماليات الفن السابع، من خلال تقنية الوصف السمعي.
ولفت الإعلامي رشيد الصباحي أن هذه الخدمة تتم عبر القيام بميكساج جديد للفيلم يعتمد الرواية الوصفية للمشاهد التي يغيب أو يقل فيها الحوار، وأضاف أن التجربة نوع جديد من المشاهدة، يكرس الولوج الى المعرفة عن طريق الفن السابع، كما قال لـ"وكالة المغرب العربي للأنباء".
وفي المهرجان أيضًا، عرض سبعة أفلام قصيرة تتنافس على جائزة سينما المدارس في إطار الدورة 15 للمهرجان الدولي، بينها أفلام "لا تناغم" من إخراج يوسف شيكي، من المدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش، "خروج" لسارة الرخى ولوكاس جاكيي من المدرسة العليا للفنون البصرية مراكش، "الفتاة المجهولة" لرضا جاي من استوديو (م) بالدار البيضاء و" ليلى" لمصطفى عناق من مدرسة الفن والإعلام بالدار البيضاء، كما يشارك فيلم "غير بالفن" لنبيل كرجيج من المعهد المتخصص للسينما والسمعي البصري بالرباط، "مرآة الزمن" لكريم تاجواوت من المعهد المتخصص في مهن السينما بورزازات ثم "منصة" من إخراج المهدي الخطابي، أمين مغيلف وجون شاردون كواديو من استوديو(م) بالدار البيضاء، وكان الفائز رضا جاي الذي يحظى فيلمه بدعم من مؤسسة المهرجان لإنتاجه وقدرها 300 ألف درهم مغربي.
وتنافست مواهب المدارس المغربية المتخصصة على هذه الجائزة أمام لجنة تحكيم رأسها المخرج وكاتب السيناريو البلجيكي جواكيم لافوس، وضمت الممثلة الفرنسية آناييس دومستيي والممثلة والمخرجة فاليريا بروني طاديتشي) والممثلة الإيطالية فاليريا كولينو والممثل نيلز شنايدر (فرنسا- كندا)، بينما حضرت السينما المغربية في اللجنة من خلال المخرج سعد الشرايبي، وتخللت أيام المهرجان أيضًا الفقرات الأكاديمية "ماستر كلاس"، شارك فيها كل من المخرج الإيراني عباس كيروستامي والكوري الجنوبي بارك شان ووك والألماني من أصل تركي فاتح أكين دروسًا سينمائية لطلاب مدارس السينما.
اختتمت هذه الفعالية العربية العالمية إذًا، بعد أيام جميلة جمعت أهم الممثلين والمخرجين والمنتجين، وأعطت الفرصة لعشاق السينما من كل الأعمار بارتياد المهرجان، الذي أقيم وسط إجراءات أمنية صارمة فرضتها الأوضاع الأمنية المهتزة في المنطقة والعالم، أو بحضوره على الشاشة الفضية التي رُفعت في ساحة جامع الفنا الشهيرة وسط المدينة بفنون "الحلقة".