معركة الحسكة.. لماذا انكسر جدار الصمت بين الأكراد والنظام السوري؟
الأسد يحاول استرضاء تركيا بضرب الأكراد
أسئلة كثيرة يطرحها مراقبون تتعلق بالمعركة التي اندلعت فجأة بين الأكراد والنظام السوري شمال شرق البلاد.
دخلت معركة الحسكة بين الأكراد وقوات النظام السوري مرحلة جديدة من التعقيد السياسي، بعد أن اشتدت غارات الأسد على المنطقة ذات الغالبية الكردية، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات وفرار الآلاف، وكذلك بالتدخل الأمريكي لمصلحة الأكراد، فيما لا يزال مراقبون يطرحون أسئلة من قبيل: ما الذي كسر الصمت بين الأكراد والنظام؟ وما علاقة الحسكة بمعركة منبج؟ وهل افتعل النظام المعركة في محاولة لاسترضاء تركيا عبر ضرب الأكراد؟
بعد يوم واحد من سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مدينة منبج في ريف حلب، جهزوا العدة لمعركة الحسكة التي تتميز بفسيفساء كردية وعربية وآشورية وغيرها، حيث يسيطر الأكراد على حوالي ثلثي من مساحة الحسكة، والثلث الآخر بيد النظام.
يرى مراقبون أن ما أسموه "حلفاء الأمس"، في إشارة إلى القوات الكردية والنظام، قد أصابه نوع من التصدع، في وقت يحاول الرئيس السوري بشار الأسد أن يعيد علاقاته القديمة مع تركيا من خلال ضرب الأكراد، الذي يعتبرون القاسم المشترك بين نظامي تركيا وسوريا.
وفي بيان لوحدات حماية الشعب الكردية، حصلت بوابة العين الإخبارية على نسخة منه، يتوعد الأكراد النظام بالرد، موضحين "لقد استغل النظام انشغال وحدات حماية الشعب في جبهات منبج والشدادي بشكل خسيس ومنحط وكشف عن وجهه الحقيقي وغاياته في معادات أهل المنطقة ومكوناتها، إلا إننا لن نسمح بمرور هذا التصرف من قبل النظام دون محاسبة رادعة".
وسبق أن توترت العلاقات بين أنقرة ودمشق على خلفية دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمعارضة السورية، بينما تبدو الفرصة ملائمة الآن لعودة العلاقات بين الجارين، من خلال النظر إلى "العدو" المشترك بين الطرفين، أكراد سوريا وأكراد تركيا، الذين يحاولون العيش في دولة واحدة.
معطيات سياسية أخرى قد تكون لها علاقة بالمعركة، كالتصريحات التركية المتتالية والقاضية بتحسين علاقاتها مع دمشق وطهران، وكذلك بيان جيش الأسد في أن وحدات حماية الشعب الكردية ما هي إلا جزء من حزب العمال الكردستاني، وتوقعات بانفصال الأكراد بدعم التحالف الدولي.
ويعتقد المراقبون أن معركة الحسكة ما كانت لتقع لولا رغبة أطراف سياسية بتصفية صراعاتها ومآربها أقصى شمال شرق سوريا، التي بدت الآن مزيجًا من الجيوش المختلفة التي تقاتل لغايات غير معروفة، ومنها القوات الروسية والسورية والأمريكية ووحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، وغيرها من التكتلات العسكرية.
وبعد أن سلّمت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مدينة منبج لمجلس منبج العسكري، زادت التكهنات حول العلاقة التي تربط بين معركتي منبج والحسكة، حيث يسعى الأكراد إلى الاستفادة من منبج جغرافيًا بغية إيجاد حلقات وصل بين مقاطعاتهم الثلاث "الجزيرة، عفرين، كوباني" التي أعلنتها الإدارة الذاتية، وكذلك فتح باب معارك أخرى تقف في وجه مشروعهم الفيدرالي شمال سوريا، بينما يشكل وجود قوات نظام الأسد حجر عثرة أخرى قد تؤخر معركة مدينة "الباب" المرتقبة وصولاً إلى مدنية عفرين.
هذه المؤشرات وغيرها يعتبرها المراقبون أدلةً غير كافية بعد على اشتعال فتيل الأزمة السياسية والعسكرية في الحسكة "الوادعة"، والتي لم تشهد أي احتكاك بالمعنى العسكري منذ بدء الأزمة السورية في مارس 2011، إلا أنها تعطي لمحة أن المعركة قد لا تطول كونها غير مخطط لها وجاءت على عجل دون أهداف واضحة.
ولغاية الآن، الضحايا المدنيون هم الهدف الأساسي للغارات الجوية في الحسكة، ولا سيما في حي العزيزية، ويتحدث ناشطون عن عائلات بأكملها بقيت تحت الأنقاض، محذرين من كارثة إنسانية.
تنقسم مناطق السيطرة في الحسكة إلى "المربع الأمني" و"فوج كوكب" العسكري داخل المدينة وهما بيد النظام، بينما يسيطر الأكراد على ما تبقى من المدنية، فيما تدور معارك عنيفة في حي النشوة والعزيزية والكلاسة وغيرها.
aXA6IDE4LjIyMi45OC4yOSA= جزيرة ام اند امز