نادية لطفي .."الصعيدية الأوروبية" ذات "النظارة السوداء"
نادية لطفي موهبة فنية فريدة ومناضلة سياسية معروفة بمواقفها الإنسانية الواضحة وحبها للحيوانات
عندما نذكر اسم نادية لطفي، لا نتحدث فقط عن موهبة فنية فريدة، وإحدى نجمات الصف الأول وشباك التذاكر في فترة الستينيات والسبعينيات، ولكن نتحدث أيضًا عن مناضلة سياسية معروفة بمواقفها الواضحة والإنسانية وحبها للحيوانات.
ولدت بولا محمد مصطفى شفيق، التي يعرفها الجميع بـ"الصعيدية الأوروبية" في 3 يناير/كانون الثاني 1937 بحي الوايلي في منطقة عابدين، حسب بطاقة شخصية لها أصدرتها عام 1964، لأب مصري صعيدي وأم اختلفت الأقوال حول جنسيتها؛ حيث قال البعض إنها تركية، وقال البعض الآخر إنها أوروبية بولندية.. الأمر الذي كذبه آخرون، مشيرين إلى أن سبب تلك الشائعة يعود إلى مزحة قالها مؤسس مهرجان القاهرة السينمائي كمال الملاخ عندما أثنى على طلاقة النجمة نادية لطفي في حديثها مع الوفد البولندي الحاضر للمهرجان.
اكتشفها المخرج المصري رمسيس نجيب، خلال حفل عيد الأسرة الذي حضرته بمنزل صديق العائلة المنتج جان خوري؛ حيث رأى فيها بطلة فيلمه الجديد أمام الراحل فريد شوقي عام 1958، واقترح المنتج الراحل عدة أسماء شهرة لبولا، لأن اسمها لم يكن مألوفا على آذان عشاق السينما في هذا الوقت، منها سميحة حمدي أو سميحة حسين، لكن بولا المثقفة التي شجعتها والدتها فاطمة على القراءة، اختارت اسم نادية لطفي بطلة رواية "لا أنام" للكاتب إحسان عبد القدوس.
وهناك روايتان عن رد فعل إحسان عبد القدوس لاستخدام بولا اسما لبطلة روايته؛ حيث قال البعض إنه أشعل غضب عبد القدوس، الذي اعتبر استعارة اسم إحدى بطلات رواياته من دون إذن منه غير مشروع، وكانت النتيجة دعوى قضائية في المحكمة يطالب فيها بحقه الأدبي.
وروى آخرون أنه في يوم العرض الخاص لفيلمها الأول، وجّه نجيب دعوة لكل من المخرج إحسان عبد القدوس والفنانة فاتن حمامة للحضور، وبالفعل حضرا وأعجبا كثيرًا بأداء الفنانة الشابة وشجعها إحسان بقوله: "أنتِ بالفعل نادية لطفي اللي ألهمتني فكرة القصة"، أما فاتن الذي قامت بدور بطلة الرواية في فيلم "لا أنام" فهنأتها على نجاحها، وقالت لها ضاحكة: "لا تنسي أنني نادية لطفي الحقيقية".
قدمت نادية لطفي 75 فيلمًا سينمائيًّا على مدار 30 عامًا، من أشهرها "النظارة السوداء" و"الخطايا" وأبرزهم "الناصر صلاح الدين" ودورها في "بين القصرين"، كما قدمت عملا تلفزيونيا واحدا وهو "ناس ولاد ناس"، وعملا مسرحيا واحدا هو "بمبة كشر"، وكان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الحيوان في بداية الثمانينيات، حيث ذكرت في إحدى المقابلات الصحفية أنها زعيمة جمعية "حماية الحمير"، التي تأسست عام 1930.
حصلت "لطفي" على دبلوم المدرسة الألمانية بمصر عام 1955، وتزوجت 3 مرات؛ أولها وهي لم تتجاوز 20 عامًا من الضابط البحري "عادل البشاري"، الذي أنجبت منه ابنها الوحيد أحمد، الذي حرصت على بقائه بعيدًا عن الإعلام والأضواء، وكان زواجها الثاني في أوائل السبعينيات من المهندس "إبراهيم صادق" شقيق زوج السيدة هدى ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وعلى الرغم من كونه أطول زيجاتها انتهى بالانفصال، لتتزوج للمرة الثالثة من محمد صبري شيخ مصوري مؤسسة "دار الهلال".
نالت الكثير من الجوائز خلال مشوارها الفني، حيث حصلت على جائزة المركز الكاثوليكي عن فيلم "السبع بنات"، وجائزة المؤسسة العامة للسينما عن فيلم "أيام الحب"، كما حصلت على جائزة مهرجان طنجة، والتقدير الذهبي من المغرب عام 1968م، إضافة إلى التقدير الذهبي من الجمعية المصرية لكتاب السينما عن دورها في فيلم "رحلة داخل امرأة".
تعد الفنانة نادية لطفي، أحد أكثر الفنانين وضوحًا من حيث الموقف السياسي، فهي الفنانة الوحيدة التي زارت الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أثناء فترة الحصار الصهيوني، ووقفت مع المقاومة الفلسطينية في لبنان 1982، وقامت بتسجيل ما حدث من مجازر ونقلته لمحطات تلفزيون عالمية مما دفع العديد من الصحف والقنوات للقول إن كاميرا نادية لطفي التي رصدت ما قام به السفاح الإسرائيلي في صبرا وشاتيلا، لم تكن كاميرا بل كانت مدفع رشاش في وجه القوات الإسرائيلية، كما قدمت دورا في حرب 6 أكتوبر بنقل مقر إقامتها إلى مستشفى قصر العيني للمساعدة في رعاية الجرحى، حيث قررت ألا يكون مقتصرا فقط على الأفلام السينمائية.
قررت الفنانة نادية لطفي عام 2003، إعداد كتاب وثائقي يسجل الحروب التي تعرض لها العالم العربي منذ عام 1956 وحتى 2003، خصوصًا أحداث الهجمات الأمريكية والبريطانية على العراق، وأيضًا ذكرت في وقت سابق أنها تعكف على كتابة قصة حياة الفنانة الراحلة أمينة رزق، منذ مولدها حتى رحيلها، وسرد واقع المجتمع المصري خلال هذه الفترة
aXA6IDMuMTQ1LjM5LjE3NiA= جزيرة ام اند امز