«3000 ليلة» فيلم روائي مخلص للذاكرة الفلسطينية
بعد غياب قارب السنوات الخمس تعود المخرجة الفلسطينية مي مصري إلى السينما بفيلم يعرض للمرة الأولى في مهرجان دبي السينمائي في دورته الـ12.
مخلصة مي مصري للذاكرة الفلسطينية، حتى في فيلمها الروائي الأول «3000 ليلة» كانت مخلصة للثيمة الرئيسية لأفلامها وهي فلسطين، بعد غياب قارب السنوات الخمس تعود المخرجة الفلسطينية مي مصري إلى السينما بفيلم يعرض للمرة الأولى في مهرجان دبي السينمائي في دورته الثانية عشر(سبق له أن حاز على دعم «سوق دبي السينمائي»)، على أن يعرض بعدها في دور السينما في العالم العربي اعتبارًا من الربع الأول من العام القادم 2016.
على مدى 103 دقائق حكت مي مصري واحدة من الحكايات التي حصلت في العام 1983، عندما قامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعملية نوعية وأسرت 6 جنود إسرائيليين وبادلتهم مقابل عدد كبير من الأسرى العرب المعتقلين في السجون الإسرائيلية، في واحدة من أبرز عمليات التبادل، متناولة المدرسة "ليال" التي حكم عليها بالسجن ثمان سنوات، بعد تلفيق تهمة لها، وتكتشف أنها حامل وتقرر الحفاظ على مولودها داخل السجن، رغم كل الضغوط من مديرة السجن لدفعها للتعاون معها.
في الفيلم تناولت مي قصة «ليال» التي غاصت تحت جلدها الممثلة ميساء عبدالهادي في دور لافت، إلى جانب مجموعة من الممثلات الفلسطينيات مثل رائدة أدون، كريم صالح، عبير حداد، هيفاء الآغا، أناهيد فياض، ركين سعد، هنا شمعون، وهنا يسجل حضور لافت لـ "نادرة عمران" التي لعبت دور الفدائية اللبنانية «سناء» التي فقدت واحدة من يديها خلال عملية ضد الاحتلال، ولعبت دورًا قويًّا حتى أطلقت عليها إحدى الحاضرات في جلسة الأسئلة والأجوبة بعد عرض الفيلم في مسرح سوق مدينة جميرا لقب "الممثلة البشعة" لما لدورها من قسوة وتأثير مباشر على زميلاتها في المهجع حيث يعشن، وأشارت عمران إلى أنها استمدت الكثير مما جسدته في الفيلم من لقاءها بالأسيرة الأردنية في سجون الاحتلال تيريز هلسا التي خرجت ذات ليلة لتقوم بعملية فدائية تحت جنح الليل لا لتتسلل إلى حبيبها في الظلام، إلا أنها اعترفت أن هلسًا أكثر لطفًا منها في الشخصية التي قدمتها، وأن ما قدمته هو عبارة عن اجتهاد تتمنى أن تكون قد وفقت فيه.
مي المصري استندت في السيناريو الذي كتبته على مقابلات شخصية مع أسيرات محررات من فترة الثمانينيات التي تعتبرها مي فترة مظلومة، ولم يكتب عنها سوى كتب بسيطة، ولم يسبق لأحد أن تناول أحداثها إلا بشكل طفيف، وهو ما تنطحت له المخرجة الفلسطينية صاحبة التاريخ الحافل بالأفلام الوثائقية الفلسطينية مثل «أحلام المنفى»، و«زهرة القندول»، و«أطفال جبل النار» وغيرها من الأفلام.
إلا أنها ابتعدت هذه المرة عن الوثائقي لترصد في روائي طويل أول لها، ما هو أقل وطأة من الواقع الوثائقي التي اعتادت رصده حكايات أسيرات فلسطينيات وعربيات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، واللقطات الإنسانية التي تمر بها الأسيرات، ورصد تفاصيل الحياة اليومية، تعترف المصري في حديثها أنها خففت الكثير من وطأة الواقع؛ لأن الواقع أشد إيلامًا، لكن سقط بعض الزلات بالوقوع في فخ المباشرة والرسائل النمطية في بعض المشاهد، وعدم الإقناع في مشاهد أخرى، إلا أن هذا لم يخل بالسياق العام أو يتسبب بالخروج عن الحكاية، وهذا ما يعود إلى الروح العالية التي تشعر بها في الفيلم من خلال استخدام سجن حقيقي استخدم للتصوير قبل هدمه في الأردن، وهو ما قدم روحًا شديدة الواقعية على مسار الأحداث.
إلا أن من المستغرب حتى وقتنا الحاضر أن يكون فيجلسة النقاش التي تلت الفيلم في عرضه العالمي الأول أسئلة من قبيل، هل يقوم الإسرائيليون حقًّا بتقيد السيدة التي توشك على الوضع خلال عملية الولادة؟ وهل حقًّا يتحلق الجنود حولها هكذا في انتهاك كامل لجسدها في واحدة من أبرز الحالات الإنسانية؟ وهل حملت بعض المشاهد التي قمت بتصويرها بعض المبالغة لغرض شيطنة العدو؟ يبدو أن غياب السينما الإنسانية وقلة متابعة بعض الجمهور لما يحدث في أرض فلسطين المحتلة، واهتمامهم الذي شدته دول الممانعة المزعومة قد شتت انتباه بعض الجمهور العربي عن الهدف الرئيسي والعدو الحقيقي "إسرائيل".
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zMCA= جزيرة ام اند امز