ما الإجراءات والتشريعات التي اتخذت لتحقيق الاستدامة المالية وتبسيط البيروقراطية؟ وما نتيجة المساعدات المالية من الدول الشقيقة والصديقة
بعد عامين من انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيسًا لجمهورية مصر العربية كيف يبدو وضع وعوده الانتخابية ووضع اللبنات الأساسية لبناء مصر المستقبل؟ وما مدى ازدهار المجتمع المدني والحركة النقابية المستقلة التي ساعدت على إسقاط النظام القديم؟ وعلاوة على ذلك هل قضى على جذور الإرهاب؟ هل هناك استقرار في الوضع الأمني في البلد وانتعشت السياحة في مصر مجددًا وتمت المبادرة في المشاريع الاقتصادية الضخمة بأساليب مستدامة، وتلاشى على أثر الجهود الحكومية المترامية في كل الاتجاهات الشعور الكبير بالإحباط وخيبة الأمل لدى العديد من السكان؟ وهل مهّد الطريق إلى الدخول في حوار سياسي شامل وكفلت حرية التعبير ورفع الحظر عن المعارضة السلمية وفق القنوات الدستورية.. والأسئلة كثيرة، فمن يملك الخبر اليقين؟
فما الإجراءات والتشريعات التي اتُّخذت في مصر بهدف تحقيق الاستدامة المالية وتبسيط البيروقراطية لإعادة المستثمرين إلى البلاد؟ وما نتيجة كل المساعدات المالية من الدول الشقيقة والصديقة وانعكاسها على العجز المالي المتضخم؟ وإلى متى سيستمر دعم قيمة العملة المصرية لتغطية بعض الاحتياجات التشغيلية الأساسية في القطاع العام؟
من جانبه يبقى الجيش هو الفاعل القوي في مصر، ويرغب في الحفاظ على امتيازاته في كل المجالات، وانتخابات الرئاسة القادمة في عام 2018، سيكون للجيش فيها دور محوري في ترجيح كفة مرشح على الآخر وفق ما يخدم الأمن القومي المصري وسيادة ووحدة مصر.
وتعكس الجمعيات المهنية جانبًا مهمًا من الإرادة الشعبية أكثر من أي شيء آخر في الحياة السياسية المصرية ودعمها للرئيس من عدمه مؤشر مهم على شعبية الرئيس السيسي، وعلى عكس حسني مبارك، لا يوجد خلف السيسي الحزب السياسي المهيمن القادر على تعبئة نيابية بالنيابة عنه، وبالكاد يمكن الاعتماد على هذا البرلمان في التأثير على الرأي العام لصالحه، وفي كل الظروف لا أعتقد أن مصر ستشهد ثورة أخرى في وقت قريب، ولكن الوضع الحالي قابلٌ لهزات متفرقة، وستشهد مصر مظاهرات ليس لها بُعد شعبي مؤثر بين الحين والآخر.
وفي ظل الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع معدل التضخم هل بُددت المساعدات على مشروعات عملاقة وتركة أموال قليلة للإنفاق على البنية التحتية الأساسية الحيوية؟ وهل من الخطأ إطلاق العديد من الوعود بشأن الإصلاح الاقتصادي، بينما صندوق النقد الدولي يطلب بين الحين والآخر حوكمة المشاريع وفق إجراءات صندوق النقد الدولي، وخفض قيمة الجنيه المصري، وفرض ضريبة القيمة المضافة، ناهيك ببُعد فترة الحصول على مردود تنموي من المشاريع الضخمة، بينما الشعب يعاني ربعه من الفقر ونحو نفس النسبة من البالغين أميّون ويكفي أن الرئيس السيسي اعترف في عام 2014 أن مصر بحاجة إلى 30000 معلم ومعلمة جدد، ولكن هل خصصت الأموال لتغطية تلك الحاجة خصوصًا أن 40% من السكان ما بين 10 و20 سنة والخيار الوحيد للرئيس السيسي هو التحالفات القوية مع الصين وروسيا وتركيا لتدفع الفواتير المتبقية، وهي ضخمة للغاية ولن يتحملها الأشقاء العرب في ظل أوضاع المنطقة والأوضاع الاقتصادية العالمية، وذلك هو الفخ الذي كان يراهن عليه بامتياز مَن وضع الخطة الرئيسية للسيطرة على محاور الحياة في الشرق الأوسط، والذي ستلجأ إليه مصر في نهاية المطاف، وهناك مَن يعلم تمامًا وعمل وسيعمل كذلك على أن تكون معظم الحِزَم التي تعُطى لمصر لإصلاح الوضع الاقتصادي في معظمها عمليات تجميل لا تعالج جذور المشكلة.
من جانب آخر هناك معضلة الإصلاح الحقيقي، والذي قد يضعف شعبية الرئيس ويثير الشعب، ولذلك يرى العديد من كبار الاقتصاديين المصريين، أنه لا بد من كسر الاحتكارات الصناعية في بعض المجالات ودعم المشاريع الصغيرة والتنوع الاقتصادي والصرف على البنى التحتية وإعادة بناء منظومة التعليم والمعرفة، وهو أمر صعب التحقيق بالطبع في ظل الحسبة السياسية وموازين القوى والاقتصاد على الساحة المصرية، ولذلك يجب أن يدرك العرب أن مصر سيضيق عليها الخناق لتقول «وداعًا للقومية العربية» ولتردد «تحيا مصر الفرعونية الشعبية صديقة الجميع وفق المصالح المصرية»، فلتربط الأمة العربية الأحزمة، فالنسر المصري سيضطر إلى التحليق بعيدًا بأجنحة مستوردة.
* نقلا عن صحيفة الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة