كانت الآمال العربية مُعلقة على نجاح طاولة الحوار اليمنية في الكويت، والتي ضمَّت ممثلين عن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي الشرعية
كانت الآمال العربية مُعلقة على نجاح طاولة الحوار اليمنية في الكويت، والتي ضمَّت ممثلين عن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي الشرعية، ومندوبين عن الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. أكثر من شهرين استمرَّت المفاوضات المباشرة وغير المُباشرة بواسطة المبعوث الأُممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لكن النتائج كانت مُخيبة للآمال، وفجأة أعلن مندوبو التمرّد انسحابهم من الحوار، والعودة إلى اليمن في 18 يونيو/حزيران المُنصرِم.
في 29 أغسطس/آب 2016 ظهر وفد كبير من الحوثيين في بغداد، وتمَّ استقبالهم من قبل الحكومة العراقية. واجتمع الوفد إلى كبار المسؤولين العراقيين، ومن بينهم وزير الخارجية إبراهيم الجعفري ورئيس الوزراء السابق نور المالكي.
لقاءات وفد الحوثيين لم تقتصر على مسؤولين وأشخاص عراقيين فقط، بل لعلَّ الأهم فيها كان لقاء الوفد مع السفير الإيراني في بغداد، ومع هادي العامري قائد فيلق القدس.
ترابط توقيت زيارة الحوثيين إلى بغداد مع عدد من الأحداث المُرافقة، ليست مصادفة بالتأكيد. فالمراقبون يرون إن إعلان الانسحاب من الحوار في الكويت، بدا كأنه جاء بأوامر خارجية، كون المواضيع التي كانت تُناقش فيه، ليست جديدة، ومطالب الحكومة الشرعية في اليمن تتطابق مع مُندرجات قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والتي تنص على تسليم المدن اليمنية التي تمَّ اجتياحها من قبل الحوثيين وقوات «المخلوع صالح» في الربع الأخير من العام 2014، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وهذه المطالب طرحها مندوب الأُمم المتحدة التي رعت الحوار، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووافقت عليها حكومة منصور هادي، بينما أصر الطرف الآخر على تشكيل مجلس رئاسي في اليمن، وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى تعديل دستوري، وقد يؤدي إلى تقسيم البلاد، وهو مرفوض من اليمنيين، ويتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2216.
إن اعتبار الحوثيين كحالة يمنية معارضة، ضربٌ من الجنون، فواقع الحال يُشير إلى أن هؤلاء، جزء من منظومة إقليمية مهمتها خلق الفوضى والاضطرابات في أكثر من دولة عربية.
وزير الخارجية السعودي عادل الجُبير أعلن من الصين التي يزورها مع وفد كبير يرأسه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للمشاركة في قمة «العشرين»: إن بلاده لن تسمح للحوثيين بالسيطرة على اليمن، مُتهماً إيران بنشر الفوضى في المنطقة.
يبدو واضحاً إن حسابات المتمردين على الشرعية في اليمن ليست محلية فحسب، بل هي حسابات تتعلق بمشروع هيمنة إقليمية ترأسه طهران، يهدف للتحكّم بالمقدرات العربية، وتعميم الفوضى والاضطرابات في الدول المجاورة، بينما تعمل هي على صنع استقرار داخلي في إيران من خلال طمس حركة المعارضين لسياستها، وبتصدير المشكلات إلى خارج أراضيها، لاسيما بعد أن تمكنت من إرساء اتفاق مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن حول ملفها النووي العسكري، ما سيؤدي إلى إعادة مبالغ مالية طائلة إلى خزينتها كانت مُجمَّدة في مصارف الدول الغربية.
إن السماح لمشروع الحوثيين بالنفاذ في اليمن، يعني التسليم بالسيطرة الإيرانية على المنطقة برمتها، خصوصاً إن الجيوبوليتيك اليمني يحتلّ موقعاً مهماً في الخريطة العربية، فهو مجاور للبحر الأحمر كأهم ممر مائي في العالم، ويتواصُل مع الجزيرة العربية برُمتها.
إن التصعيد الحوثي من خلال إنهاء حوار الكويت، وتشكيل «مجلس سياسي» من عشرة أفراد بالتعاون مع الرئيس المخلوع صالح، إضافة إلى زيارة الوفد الحوثي إلى بغداد، وتوجيه صواريخ إلى بعض المناطق السعودية. كل ذلك، ينمّ عن خطة مُدبرة للإيقاع بالنوايا الحسنة التي أعلنتها حكومة هادي الشرعية، ووافقت عليها دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية. إن الحل الوحيد في اليمن هو خضوع المتمردين للشرعيتين الدولية والمحلية.
نقلا عن / الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة