العلاقات الروسية -التركية تأزمت بعد حادث إسقاط المقاتلة الروسية في العام الماضي
العلاقات الروسية -التركية تأزمت بعد حادث إسقاط المقاتلة الروسية في العام الماضي، وتجاوزت تداعياتها العلاقات بين البلدين إلى مجمل أوضاع المنطقة وخصوصا على الساحة السورية.
معروف أن روسيا (الاتحاد السوفييتي) دعمت النظام في سوريا طوال فترة الحرب الباردة، وبعد انهيار النظام الشيوعي، بدأت روسيا الاتحادية بالانكفاء على نفسها. وبعد وصول الرئيس فلاديمير بوتين للحكم في روسيا، بدأ وكأنه يريد إعادة مكانة الاتحاد السوفييتي الدولية، ويستعيد الدور نفسه في المنطقة، التي خسرها لحساب الدور الأمريكي خصوصاً والغربي عموماً، وكانت علاقات روسيا وتركيا جيدة من الناحية الاقتصادية، بحكم الجوار الجغرافي، لكن تركيا ترتبط مع المعسكر الغربي منذ قيام الدولة العلمانية، من خلال حلف الناتو. لكن الأزمة السورية، ساهمت في توتر العلاقات بينهما، فتركيا ليست راضية عن النظام في دمشق، وقد فتحت حدودها لمختلف الجماعات المسلحة بكل أطيافها للعمل في سوريا، إلى جانب أن بعض أركان المعارضة السورية، يعيشون ويتحركون في تركيا، إضافة إلى وجود ملايين السوريين اللاجئين على الحدود التركية السورية. لكن روسيا، ترى أن دعم النظام السوري يوفر إمكانية لهزيمة المنظمات الإرهابية، ويرى في الموقف التركي أداة لدعم وتقوية التطرف، ويسهل قيام نظام سوري جديد يكون موالياً لأمريكا والغرب.. لكن رغم ذلك فإن العلاقة التجارية والسياسية بقيت مستمرة، إلى حين وقوع حادث إسقاط الطائرة الروسية المقاتلة . وهذا ما جعل روسيا تشتاط غضباً من تركيا، وتوعدت حتى بالانتقام، لكن الأمر الأكثر مفاجأة للجميع، كما جاء في بعض التقارير، أن إسقاط الطائرة الروسية تم بإيعاز من جماعة فتح الله غولن في وزارة الدفاع، التي قامت بالانقلاب الفاشل في تركيا في 15 يوليو الماضي، والسبب كما تقول بعض التحليلات، إيجاد ذرائع لتوتر العلاقات مع روسيا، لإثارة الرأي العام ضدها، وإظهارها بأنها تثير التوترات مع الدول الأخرى، ويكون مدعاة لنجاح الانقلاب، وهذا ما ظهر بعد فشل الانقلاب، وظهور بعض التحقيقات التي تؤيد نظرية المؤامرة في إسقاط الطائرة الروسية، الأمر الذي دعا الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تقديم اعتذار رسمي للحكومة الروسية بعد ذلك.
لا شك في أن العلاقات الروسية- التركية بدأت بالتحسن بعد زيارة الرئيس أردوغان لموسكو مؤخراً، وهذا سيكون في صالح الدولتين اقتصادياً وسياسياً، ويتوقع البعض أن الخلاف حول سوريا، قد يتقلص بينهما، بما يسهم في الحل السلمي مستقبلاً. ويرى بعض المحللين، أن هناك مصلحة مشتركة في تقارب الدولتين، لكن هناك بعض المواقف المتباعدة في الأزمة السورية ، وتتعلق بالمطالب الروسية بضرورة إغلاق الحدود التركية -السورية، ومنع أي أسلحة إلى الفصائل السورية المسلحة المعارضة التي تعتبرها روسيا مجموعات إرهابية، بعكس تركيا التي لها موقف آخر تجاه هذه المجموعات، وهو نفس الموقف الأمريكي والغربي عموماً. وفي المقابل يركز الجانب التركي على ضرورة التعامل مع ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي باعتبارها فرعاً من حزب العمال الكردستاني الذي تعده تركيا إرهابياً. لكن الجانب التركي مؤيد للتعاون مع روسيا، من أجل محاربة تنظيم داعش، لمنعه من تنفيذ هجمات إرهابية في الداخل التركي، وهو ما جعل تركيا تقوم بحملة عسكرية داخل الحدود السورية ومقاتلة التنظيمات الإرهابية في منطقة جرابلس، وغيرها من القرى السورية لمنعها من شن هجمات في الداخل التركي.
العلاقات الروسية - التركية، تسير على ما يبدو في الاتجاه الصحيح، لتحقيق المصالح المتبادلة إذا أبدى الطرفان شيئاً من المرونة والعقلانية للتوصل إلى أرضية مشتركة على الساحة السورية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة