آلام السوريين تنتظر "مسكنات" أمريكية وروسية قبل الأضحى
اجتماعات وزيري الخارجية الروسي والأمريكي، حول سوريا، لا تسفر عادة عن حلول جذرية، ويكون أقصى ما يتم التوصل إليه هو "مسكنات"
عشرات الاجتماعات جمعت وزيري الخارجية الروسي سيرجي لافروف بنظيره الأمريكي جون كيري، حول الأزمة السورية، غير أنها لا تُسفر عادة عن حلول جذرية، ويكون أقصى ما يتم التوصل إليه هو "مسكنات" للأزمة.
وبينما قال المتحدث باسم الكرميلين، اليوم الخميس، إن الولايات المتحدة وروسيا لم يتوصلا إلى اتفاق بشأن سوريا، خرج تصريح في اليوم نفسه عن الخارجية الروسية يؤكد أن اجتماعًا سيعقد اليوم وغدًا بين وزيري خارجية الدولتين بشأن سوريا.
ويأتي هذا الاجتماع قبيل 3 أيام من عيد الأضحى، وهو ما يجعل سقف التوقعات منه، لا تتعدى إقرار مسكنات جديدة، ستكون عباره عن اتفاق هدنة آخر.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد طلب خلال اجتماع عقده مع نظيريه الأمريكي والروسي خلال حضورهم قمة العشرين، إقرار هدنة في مدينة حلب شمالي سوريا، وذلك قبل حلول عيد الأضحى.
وقبل يومين، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن أردوغان شدد في اجتماعين منفصلين عقدهما في اللحظة الأخيرة قبل مغادرته الصين عائدًا إلى تركيا، مع رئيسي الولايات المتحدة باراك أوباما وروسيا فلاديمير بوتين على ضرورة الإسراع في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حلب، قبل حلول عيد الأضحى، وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى المحتاجين.
وأضاف: "ننتظر الاتفاق النهائي. تلقينا خطوطًا عامة، لكننا نتوقع اتفاقًا على ورق يمكن تطبيقه".
ولفت كالين إلى أنه في حال التوصل إلى اتفاق تهدئة خلال فترة عيد الأضحى، فإن الطائرات الروسية وتلك التابعة للنظام السوري، لن تحلق في أجواء حلب، ولن تقوم بقصف أحياء المدينة، كما أن المعارضة لن تشتبك مع الأطراف الأخرى، وحينئذٍ يكون من الممكن فتح ممر إنساني من جنوب وشمال سوريا باتجاه العاصمة دمشق وحلب.
حلول وسط:
ومهدت روسيا إلى أن الاجتماع بين وزيري الخارجية الروسي والأمريكي في حال عقده، لن تتجاوز نتائجه هذا المكسب الإنساني.
وقال متحدث باسم الكرملين، الخميس، إن روسيا والولايات المتحدة لم ينتهيا بعد من وضع اللمسات الأخيرة على مسودة تحظى بقبول الجانبين لحل الأزمة السورية وإن الأمر يتطلب حلولًا وسطًا بشأن بضع قضايا.
وقال المتحدث ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي "يجري الحديث بالفعل عن نوع ما من الاتفاق.. وثيقة ما ذكرها الرئيس (الروسي) ولم يتم الانتهاء منها بعد لأن بعض القضايا ما زالت بحاجة للاتفاق بشأنها".
وأضاف أن الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي باراك أوباما عقدا اجتماعًا مفصلًا بشأن سوريا خلال قمة العشرين في الصين هذا الأسبوع.
وتابع: "لم يتم بعد التوصل لحل وسط بشأن بضع مسائل عالقة" دون أن يقدم تفاصيل.
سقف منخفض:
وشددت روسيا على سقف التطلعات المنخفض، من خلال التصريح الذي أعلنت فيه الخارجية الروسية عن الاجتماع الذي سيضم وزيري الخارجية الروسي والأمريكي في جنيف اليوم وغدًا.
فرغم أن الاجتماع سيبدأ اليوم، إلا أن ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية قالت في إفادة صحفية أنه لم يتم الاستقرار بعد على تفاصيل وشكل الاجتماع، وقالت "يجري الآن التأكيد على هذه الأمور".
مضيفة: "نحن نعمل من منطلق أن هناك اتفاقًا على إجراء المحادثات بين الجانبين".
ولم تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية عقد الاجتماع اليوم بين كيري ولافروف لمحاولة التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، وأشارت إلى أن الجانبين لم يسويا خلافات تتعلق بإنهاء العنف هناك.
تصريح جونسون:
ويبدو أن النظام السوري وجد في تصريح لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بخصوص الأوضاع في سوريا، فرصة للتأكيد على سقف التطلعات المنخفض لأي جهود دولية بشأن الحل.
وكان جونسون قد قال، الأربعاء، إن خطة للتحول السياسي عرضتها المعارضة السورية في لندن وتتطلب تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة قد تساعد في استئناف محادثات السلام المتوقفة.
وردت الخارجية السورية على التصريح، الخميس، بقولها إن تصريحات جونسون تؤكد دور لندن في "العدوان" على سوريا وتظهر عدم إدراكه للوضع في البلاد.
ونقلت وسائل إعلام رسمية بيانًا لوزارة الخارجية جاء به "تصريحات وزير الخارجية البريطاني بخصوص الأوضاع في سوريا تؤكد استمرار الحكومة البريطانية في تماديها وانخراطها بالعدوان".
وأضاف البيان أن تصريحات جونسون "تظهر انفصاله التام عن الواقع وعدم إدراكه بأن زمن الانتداب والوصاية قد ولَّى إلى غير رجعة".
غاز الكلور:
وبينما يبدو سقف التطلعات المنخفض غير مُرضٍ بعد 5 سنوات من الأزمة، التي قتل خلالها مئات الألوف من السوريين ونزح بسببها 11 مليونًا عن ديارهم وهو نصف عدد سكان سوريا، فإنها قد تكون أقصى ما يتمناه السوريون للاستراحة ولو لفترة من خطر الموت إمام بقصف صاروخي أو غاز كيميائي.
ولا تزال شبهة استخدام النظام السوري لغاز الكلور السام محل تحقيق دولي، لم تحسم نتائجه من قبل، ولكن ذلك لا يمنع من صدور تصريح من حين لآخر عن رئيس منظمة الأسلحة الكيميائية بشأن استخدام هذا النوع من الأسلحة.
وقال أحمد أوزومجو رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الخميس، إن المنظمة ستجري تحقيقًا حول ما يشتبه بأنه هجوم بغاز الكلور في منطقة تسيطر عليها المعارضة المسلحة بمدينة حلب السورية، واصفًا الأنباء التي أفادت بوقوع الهجوم بأنها تبعث على الانزعاج.
ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تقريرًا للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تلقي بالمسؤولية على قوات الحكومة السورية في هجمات سابقة بالغاز السام.
وقال الدفاع المدني السوري الذي يعمل في مناطق تسيطر عليها المعارضة إن طائرات هليكوبتر تابعة للحكومة أسقطت براميل متفجرة تحتوي على غاز الكلور، يوم الثلاثاء، في حلب مما تسبب في إصابة 80 شخصًا بالاختناق.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأربعاء، أن شخصًا توفي نتيجة الهجوم.
وقال أوزومجو للصحفيين في سول حيث يشارك في منتدى أمني: "التقارير الأخيرة عن استخدام الكلور مزعجة" في إشارة إلى الهجوم في حلب.
وأضاف أن المنظمة ستستخدم كل السبل المتاحة للتحقيق في المزاعم عن استخدام الغاز السام في الهجوم وتقديم النتائج إلى الدول الأعضاء باتفاقية الأسلحة الكيميائية.
نفي سوري:
ونفى مصدر عسكري سوري، الأربعاء، اتهامات بأن الجيش شنَّ هجومًا بغاز الكلور في حلب، واصفًا الاتهامات بأنها محاولة من المعارضة لصرف الانتباه عن الهزائم التي منيت بها.
وركز تحقيق أجرته الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية على مدى عام وأجازه مجلس الأمن بالإجماع على 9 هجمات بالغاز في 7 مناطق وخلص إلى أن قوات الحكومة السورية مسؤولة عن 2 منهم في 2014 و2015.
ونفت الحكومة السورية اتهامات سابقة بأنها استخدمت أسلحة كيماوية خلال الحرب المستمرة منذ 5 سنوات. وخلص التحقيق أيضًا إلى أن تنظيم داعش المتشدد استخدم غاز خردل الكبريت.