خيبة أمل بفلسطين من تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية
الاتفاق أثار تعليقات واسعة من الناشطين الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي
أدى إعلان إسرائيل توصلها لاتفاق مبدئي مع تركيا لتطبيع العلاقات دون موقف واضح من الحصار على غزة، إلى خيبة أمل الكثير من الفلسطينيين
يشعر الكثير من الفلسطينيين بخيبة أمل بعد إعلان إسرائيل توصلها لاتفاق مبدئي مع تركيا لتطبيع العلاقات بين الجانبين، دون موقف واضح من الحصار الإسرائيلي على غزة، ومنع تركيا أحد قيادات حماس من دخول أراضيها.
وتوصل مسؤولون إسرائيليون وأتراك، لاتفاق مبدئي لتطبيع العلاقات بين البلدين التي تأزمت قبل خمس سنوات إثر الهجوم الإسرائيلي على سفينة مرمرة التي أقلّت نشطاء متضامنين مع الفلسطينيين وكانت تسعى لكسر حصار غزة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وأثار الاتفاق ردود أفعال وتعليقات واسعة من الناشطين الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي غلب عليها خيبة الأمل من تركيا التي كانت تضع شرط رفع الحصار عن غزة ضمن شروط تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فيما كان لافتا التزام السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" الصمت وعدم إبداء أي موقف رسمي إزاء تلك الخطوة.
اتفاق مصالح
الكاتب الفلسطيني مصطفى إبراهيم، وصف ما جرى بأنه اتفاق المصالح، موضحا أن تلك المصالح هي اقتصادية وتجارية وسياحية وأمنية، لافتا إلى أن رسائل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه إسرائيل والشرق الأوسط عجّلت بالمصالحة.
وأشار إبراهيم إلى أن مصلحة تركيا بعد أزمة اسقاطها طائرة السوخوي الروسية وعقوبات روسيا عجلت من الأمر، في ظل رغبة تركيا بالحصول على الغاز الإسرائيلي.
ووفقا للقناة الإسرائيلية العاشرة، فإن لقاءً سريًّا رفيع المستوى ترأسه الرئيس الجديد للموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، وضم جوزيف سيتشانوفر المبعوث الإسرائيلي من جهة، وفريدون سينيرلي أوغلو وكيل وزارة الخارجية التركية من جهة أخرى، تمخّض عن بلورة ورقة تفاهمات تمهّد للتوقيع على اتفاق إعادة تطبيع العلاقات خلال الأيام القادمة، بعد التدهور الذي شابها منذ هجوم البحرية الإسرائيلية على سفينة مرمرة عام 2010، التي كانت في طريقها إلى غزة لمحاولة كسر الحصار؛ ما أدى في حينه إلى مقتل 10 أتراك وإصابة 50 آخرين.
وبحسب ما أوردته القناة؛ فقد جرى التفاهم على إعادة السفراء للبلدين، وإلغاء الدعاوى القضائية ضد الجنود والضباط الإسرائيليين، في حين ستؤسس "إسرائيل" صندوقاً لتعويض متضرري سفينة مرمرة.
ووفقا لما نشرته كل من القناة العاشرة وصحيفة هآرتس الإسرائيليتين؛ فإن التفاهمات تشمل عدم سماح تركيا بانطلاق "أعمال إرهابية" من أراضيها كما سيحظر على القيادي بحماس، صالح العاروري، دخول تركيا، فيما تسمح الأخيرة بمدّ أنبوب غاز على الأراضي التركية، وستبدأ المفاوضات لاستيراد الغاز من إسرائيل لتركيا.
المصالح لا العواطف
وقال الكاتب محمد أبو جياب لبوابة "العين": "السياسة الدولية لا تؤمن بالثوابت، وتقوم على أسس المصالح والتحالفات التي يمكن أن تتغير بين ليلة وضحاها ".
وأضاف "علينا أن نفهم هذه المعادلة ونتوقف عن تقديس الأشخاص والدول، ونتعاطى معها على أساس المصالح وليس العواطف والمشاعر" .
ولم تتضمن التفاهمات، أي إشارة لشرط رفع حصار غزة، الذي سبق أن أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويقول الخبير في الشأن الإسرائيلي، محمد دراغمة، إن معظم المواقع الإخبارية الإسرائيلية، ذكرت أنه لم يتم الاتفاق على موضوع رفع الحصار عن قطاع غزة، فيما تحدث بعضها أنه لم يتضح الموقف من ذلك، فيما تحدثت صحيفة هآرتس عن وجود تفاهمات مبدئية حول رفع الحصار.
وعبّر الناشط الفلسطيني أيمن أبو محمد عن امتعاضه من الاتفاق التركي الإسرائيلي، مذكرا في تعليق له بأن رفع الحصار كان شرطا تركيا وقال: "السياسة مصالح وليس لها دين ولا أخلاق".
توجهات تآمرية
أما الناشط الفلسطيني سهيل أبو العراج، فذهب إلى أن القطيعة التي كانت بين إسرائيل وتركيا، كانت "قطيعة وهمية"، مشددا على "وجود علاقات راسخة كلها تآمرية على الوطن العربي المغلوب على أمره".
وشكلت إسرائيل وتركيا تحالفًا قويًّا لكن العلاقات بينهما تردّت بشكل كبير تحت قيادة أردوغان الرئيس الحالي للبلاد، فيما تراجعت العلاقات أكثر بعد الغارة الإسرائيلية على السفينة التي كانت متجهة لغزة.
وبُذلت جهود للإصلاح بين البلدين بينها اتصال هاتفي في 2013 بين أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو توسّط فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لكن لم يسفر هذا عن اتفاق نهائي لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل.
وأبدى الإعلامي الفلسطيني محمد عبد العزيز، عدم تفهمه لتطبيع العلاقات بين البلدين، قائلاً: "لا أتفهمها إلا تطبيعا لا يرقى للآمال المعلقة على تركيا كلاعب أساسي وفعال في الساحة الإقليمية، وخاصة القضية الفلسطينية والسورية".
وأكد مسؤولون في رئاسة الوزراء التركية -بحسب وكالة الأناضول التركية – وجود مباحثات ولقاءات مع إسرائيل معلنين أنها تجري بإيجابية، دون التوصل لاتفاق نهائي.
قيادي بحماس: خبر غير سعيد
ورغم أن حركة "حماس" التزمت جانب الصمت رسميًا، إلاّ أن القيادي في الحركة الوزير السابق، باسم نعيم، عدّ في تغريدة له، أن خبر ترميم العلاقة بين تركيا وإسرائيل ليس خبراً سعيداً، خاصة إذا لم تنفذ إسرائيل ما طُلب منها وتحديداً رفع الحصار عن قطاع غزة.
وتساءل "هل خبر ترميم العلاقة بين تركيا وإسرائيل، في ظل وقوف المنطقة على حافة الحرب العالمية، يشير إلى قراءة تركية جديدة لعلاقاتها الخارجية في المنطقة، قد تطال علاقتها مع جماعة الإخوان والنظام في مصر؟ لافتا إلى أن مصر وتركيا عضوان في التحالف الإسلامي الجديد لمحاربة الإرهاب، الذي أعلنت المملكة السعودية عن تشكيله.
إنكار وتشكيك
ومع الانتقاد الواسع لم تغب الأصوات الفلسطينية التي تحاول إنكار حقيقة الاتفاق، فقد اعتبر الكاتب الفلسطيني ياسين عز الدين أن الأمر لا يعدو عن خبر نشره الإعلام الإسرائيلي، مذكراً بأن تركيا أكدت قبل أيام أنه لا تطبيع إلا برفع الحصار عن غزة، وهو شرط يستحيل أن تقبل به دولة الاحتلال"، على حد تعبيره.
وقال "تعودنا منذ 5 سنوات بين الحين والآخر أن تطلع صحافة الاحتلال بمثل هذا الخبر، لتبدأ موشحات العويل واللطم، ثم يتبين أنه لا يوجد شيء، وفي نهاية المطاف لا نتعلم ونرضى لأنفسنا أن نكون طُعمًا لحرب الاحتلال النفسية".
ورد عليه الكاتب الفلسطيني ساري عرابي، بإشارته إلى أن خبر المفاوضات أقرّ به الأتراك وقالوا إنه يسير بشكل إيجابي، رغم قولهم بأن شرط رفع الحصار عن غزة لا يزال قائما.
وأشار عرابي إلى أن بعض مطالب إسرائيل المتعلقة بحركة حماس، متحققة بنسبة ما، حتى لو لم يعلن عنها الأتراك ولا حماس، في إشارة إلى قرار منع عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" العاروري، من الإقامة في تركيا.
وتتهم إسرائيل العاروري، وهو من مؤسسي الذراع المسلح لحركة "حماس" وأفرج عنه من السجون الإسرائيلية قبل سنوات تضمنت إبعاده، بأنه المسؤول عن تشكيل خلايا عسكرية في الضفة الغربية نفذت هجمات تسببت بقتل وإصابة إسرائيليين.
aXA6IDMuMTQ0LjkzLjE0IA== جزيرة ام اند امز