مصر: 5 سنوات بحث عن الأموال المهربة بلا طائل
اختلافات التقديرات تجعل ملاحقة الثروات المصرية بالخارج عسيرة
اختلفت تقديرات الحكومات المصرية حول حجم الأموال المهربة من مصر، بينما المؤكد أن لجنة استرداد تلك الأموال انفقت مبالغ طائلة بلا جدوى
في ظل الاتفاقيات الجديدة التي تسعى مصر، متمثلة في وزارة العدل، لإبرامها مع بعض الدول لاستعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، لا يزال حجم تلك الثروات مجهولًا للجميع، وهو ما يصعب مهمة "العدل"، خصوصًا أن الحكومات المصرية المتتابعة لم تستطع تحديد حجم هذه الأموال، واللجان الرسمية المختلفة التي تولت العمل على استعادة تلك الأموال أعلنت أرقامًا متضاربة بشكل كبير، يجعل من الصعب متابعتها، أو التكهن بمدى صحة أي من تلك الأرقام.
ففي عهد المجلس العسكري، الذى تولى إدارة شؤون البلاد بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، قدَّر خبراء الاقتصاد حجم الأموال المصرية المُهرَّبة للخارج من قِبَل نظام مبارك بمبلغ 70 مليار دولار، في حين قدرته لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب الإخواني، بنحو 134 مليار دولار، أي قرابة ضِعف الرقم الذى أعلنه الخبراء، بينما أكدت اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال المصرية المهربة للخارج، والتي كانت مكلفة من قبل باستعادة تلك الأموال، وتم تشكيلها بقرار من رئيس الوزراء المصري سابقًا المهندس إبراهيم محلب، أن حجم الأموال المُهرَّبة بلغ نحو 1.8 مليار دولار، وهو ما أكده مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع، عضو اللجنة الوطنية التنسيقية، المستشار يوسف عثمان، في نوفمبر الماضي.
إلى ذلك، كان مصدر مقرب من أحد محامى مبارك، فضَّل عدم نشر اسمه، قد قال، إن الأموال التي تقدم محامو الرئيس الأسبق ونجليه بعد الحصول على البراءة بطعن وتظلم لرفع التجميد عنها في البنوك السويسرية، بلغت 750 مليون فرانك سويسري، أي ما يعادل 6 مليارات جنيه مصري، بخلاف أموال باقي رجال النظام الأسبق، ورجل الأعمال حسين سالم.
يـأتي هذا بينما أكدت مصادر أن اللجان الرسمية التي تشكلت بقرارات حكومية، منذ تسلّم المجلس العسكري شؤون البلاد عقب تنحى الرئيس الأسبق عن الحكم، في 11 فبراير 2011، أنفقت نحو 300 مليون جنيه على تنظيم العمل، وجمع المعلومات والمستندات الخاصة بالأموال المهربة، وتقديرها، والسفر للخارج لاستكمال المفاوضات مع حكومات الدول التي تم تهريب الأموال إليها، بينما لم تنجح مصر في استرداد جنيه واحد، أو حتى الوصول إلى اتفاق لاستعادة أي من المبالغ المالية المهربة للخارج.
الدكتور عادل عامر، خبير القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، قال، إن نفقات لجان استرداد الأموال من الخارج في المدة من 2011 حتى 2013 بلغت نصف مليار جنيه، تم إنفاقها كبدلات سفر، ومصاريف مكاتب المحاماة الدولية، ومكاتب الترجمة، ولم تحقق أي نجاح ملموس حتى الآن، مشيرًا إلى أنه حال استمرار اللجان بهذه الطريقة، فإن نفقاتها ستعادل الأموال التي نسعى لاستردادها.
عامر أضاف أن ما تمكنت نيابة الأموال العامة العليا بإشراف المستشار مصطفى حسين المحامي العام الأول للنيابة، من استرداده من مبالغ مالية، وأراضٍ، وهى مبلغ 850 مليونًا و279 ألف جنيه لصالح الدولة، بالإضافة إلى قطعة أرض بمدينة الغردقة تبلغ مساحتها 500 ألف متر، قدرت قيمتها ب25 مليون دولار بما يساوى 162 مليونًا و500 ألف جنيه، جميعها غرامات حكمت المحاكم بها، وليس لها علاقة بالأموال التي تم تهريبها للخارج.
خبير القانون العام أوضح أن اللجان الرسمية التي أنفقت هذا الكم من الأموال لم تحقق أي شيء، على العكس من المبادرة الشعبية التي تأسست في يونيو عام 2011، والتي كانت جميع نفقاتها تطوعية ومن المال الخاص، حيث خاطبت العديد من العواصم لرد الأموال المنهوبة لمصر، وقامت بـ8 مظاهرات في بعض الدول الأوروبية، للضغط على الدول التي تم تهريب الأموال إليها.
وتابع عامر أن المبادرة الشعبية رفعت دعويين قضائيتين عن طريق اثنين من المحامين الإسبان المتطوعين ضد حسين سالم رجل الأعمال المصري الهارب لإسبانيا، والذى تم تجميد أمواله في إسبانيا وسويسرا فقط، كما أسهمت المبادرة الشعبية في تجميد 750 مليون دولار لـ31 شخصية من النظام السابق بإسبانيا و84 مليون دولار ببريطانيا، وقامت بلقاء بعض المسؤولين البريطانيين والأمريكيين لعودة الأموال، كل هذا مجهود مشكور، حتى إذا انتهى دون استرداد فعلى للأموال.
aXA6IDMuMTUuMTIuOTUg
جزيرة ام اند امز