صيادو غزة يصارعون أمواج البحر والقرصنة الإسرائيلية
نقيبهم قال إن خسائرهم تتجاوز 4.5 مليون دولار في 2015
يعاني الصيادون الفلسطينيون في قطاع غزة من القرصنة الإسرائيلية التي تلاحقهم في البحر وتتسبب في خسارة مورد رزقهم الوحيد.
ما إن بدأ الصيادان الفلسطينيان أمجد زايد ووسام السلطان جمع شباك الصيد من بحر بيت لاهيا في قطاع غزة حتى تقدم نحوهما زورق إسرائيلي وعلى متنه ثمانية جنود مدججين بالسلاح، وطلبوا منهما خلع ملابسهما ورفع أيديهما فورًا.
حاول الصيادان أن يتعرفا إلى سبب الهجوم عليهما من جنود القوة العسكرية الإسرائيلية، فكان الرد "لأنكما تجاوزتما مسافة الصيد المسموحة لكما"، ولم يقتصر الرد على ذلك، بل شمل أيضًا إطلاق الرصاص المطاطي فأُصيب السلطان في قدمه.
بعدها قفز أربعة من الجنود إلى القارب واقتادوا الصيادين، وسحبوا القارب بالزورق، فيما كان جنود آخرون يطلقون نيران الأسلحة الرشاشة تجاه قوارب صيد فلسطينية أخرى في البحر.
بعد عشرين دقيقة من الإبحار سلّم الزورق الحربي الصيادين لسفينة حربية نقلتهما إلى ميناء "أسدود" البحري، جنوبيّ إسرائيل، ونقلت معهما القارب الصغير.
تلك الواقعة تكشف المخاطر التي يواجهها 4 آلاف صياد فلسطيني في طريق رحلتهم اليومية على طول بحر قطاع غزة، لتأمين حاجة السوق الغزّاوي من السمك من ناحية، ولتأمين مصدر دخل لعائلاتهم من ناحية أخرى.
الاعتداءات الإسرائيلية بحق الصيادين تتجاوز اعتقالهم إلى ملاحقتهم يوميًّا في عرض البحر، واستهدافهم بالرصاص الحي، وقصف قواربهم، علاوةً على تقليص مسافة الصيد إلى 3 أميال بحرية.
ومنحت اتفاقية "أوسلو" الموقّعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، الصيادين الفلسطينيين الحرية في الصيد على مسافة 20 ميلًا بحريًّا، لكن سلطات الاحتلال قلّصت هذه المسافة منذ عام 2000.
مسلسل يومي
يقول الصياد أمجد زايد (38 عامًا): "أخذتنا القوة العسكرية البحرية ونحن عراة ومعصوبي العيون إلى أسدود، وهناك وضعوا على رؤوسنا أكياسًا قماشية، ووثّقوا أيدينا وأرجلنا، ونقلونا إلى غرفة تحقيق".
ويضيف زايد لـ"بوابة العين" أنه "جاء ضابط من المخابرات الإسرائيلية وحقق معنا حول سبب اختراقنا مسافة الصيد التي تسمح بها سلطات الاحتلال، ثم تطرقوا إلى السؤال عن أوضاع غزة والمقاومة فيها.. طوال ساعات التحقيق السبع كنا على نفس الوضع الذي اعتُقلنا عليه. وعند السادسة من صباح اليوم نقلتنا قوة من جيش الاحتلال إلى معبر بيت حانون/ إيريز شمال قطاع غزة، وتركتنا هناك دون أن تُرجع لنا قارب الصيد".
الساعات الأخيرة كانت الأشد قسوة على الصيادين في غزة، إذ خلال أقل من 16 ساعة اعتقلت قوات البحرية الإسرائيلية 14 صيادًا فلسطينيًّا، واقتادتهم في ظروف مشابهة لتفاصيل حادثة زايد والسلطان إلى أسدود، وأخضعتهم للتحقيقات.
إذ بعد قليل من اعتقال الصيادين اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية الصيادَين خضر بكر (22 عامًا)، وأيمن عوض الله (19 عامًا)، من على متن قارب ثانٍ، واعتقلتهما واقتادتهما إلى ميناء أسدود البحري.
العاشرة من صباح اليوم (الثلاثاء) كان وقتًا عصيبًا على الصيادين في بحر غزة، إذ تقدمت ثلاثة زوارق بحرية إسرائيلية، وحاصرت ثلاثة قوارب صيد فلسطينية، واعتقلت عشرة صيادين كانوا على متنها، واقتادتهم جميعًا إلى ميناء أسدود، وتعرضوا لذات الظروف التي تعرض لها زايد والسلطان من قبل.
وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على الصيادين منذ بداية العام الجاري كانت مرتفعة عن السنوات السابقة، فحسب إحصائيات مركز "الميزان لحقوق الإنسان"، فإن قوات الاحتلال قتلت صيادًا، وأوقعت 27 جريحًا، واعتقلت 63 آخرين، كما استولت على 19 قارب صيد، وفتحت النار 123 مرة وقامت بتخريب معدات الصيد 12 مرة منذ بداية عام 2015.
بينما أسفرت الاعتداءات في عام 2014 عن استشهاد صياد واحد، وإصابة 14 آخرين، بالإضافة إلى اعتقال 47.
كابوس يومي
الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة باتت كابوسًا يوميًّا يلاحق الصيادين، حسب نقيب الصيادين نزار عياش، وتهدد بتدمير قطاع الصيد البحري الفلسطيني ذي الإمكانيات المادية والمالية المحدودة.
وتنتاب عياش حالة من القلق على مصير الصيادين ومعداتهم البسيطة أيضًا، ويقول لـ"بوابة العين" إن "الصياد لا يملك من هذه الدنيا إلا معداته محدودة الإمكانيات.. إنْ تضررت فلن يتمكن أغلبهم من تصليحها".
ويعمل في قطاع الصيد في غزة 20 سفينة كبيرة، و80 متوسطة، ونحو 1000 قارب صغير (حسكة)، حسب عياش، الذي قال إن جزءًا منها متهالك ولا يقوَى على مواجهة مخاطر البحر الطبيعية، فكيف بمخاطر الاحتلال اليومية!
ويضيف عياش أن "الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد الصيادين حرمتهم من الصيد اليومي.. فبالكاد يخرجون في رحلتين أسبوعيًّا في هذه الظروف الأمنية الصعبة".
ويقدّر عياش الخسائر المالية المباشرة التي تكبّدها قطاع الصيد البحري منذ بداية العام الجاري بنحو نصف مليون دولار أمريكي، جرّاء تدمير وتضرر نحو 35 قارب صيد صغيرًا، وإتلاف شباك الصيد، بينما تتجاوز الخسائر غير المباشرة 4 ملايين دولار أمريكي منذ بداية العام.
aXA6IDE4LjE5MC4xNTMuNzcg جزيرة ام اند امز